التجدد الثقافي هو من يصنع الابداع وبكل تأكيد تعتبر الجوانب الثقافية لدى الشاعر عاملا مهما جدا للرقي في الطرح من خلال صياغة المفردة وفقاً للحراك الثقافي الواعي بعيدا عن لغة التكرار عبر انتهاج ما تم تقديمه من تجارب باتت في جلباب الماضي الذي لم يعد ملائما الى تصورات العصر الحديث. ومن هذا المنطلق يحزنني كمتابع على خجل لكل ما يدور في ساحة العرضة الجنوبية من بعض المحسوبين عليها من انصاف الشعراء الذين يسعون من خلال ثقافتهم الضحلة لتشويه الوجه الجميل لهذا الموروث الاصيل الذي اصبح - بسبب هذه التصرفات - يقبع في آخر الركب من حيث الاهتمام والمتابعة حتى من قبل اللجان والجمعيات التي تعنى بالفنون والثقافة. وقد يتساءل البعض: لماذا يظل هذا الشعر خارج نطاق دائرة التصنيف بعيدا عن التسليط الإعلامي الذي يحظى به العديد من الموروثات الاخرى وهذه التساولات تكررت كثيرا ، لكن لم يجد احد لها الحلول الجذرية المناسبة والسبب - من وجهة نظري - أن الشعراء هم اللاعب الخفي في ذلك خصوصا الشباب منهم الذين يغلب على نتاجهم الشعري ظاهرة التقليد إما من خلال الاصوات او فرض بعض المفردات القديمة والمباشرة. وهناك من يذهب الى ما هو أبعد من ذلك، ناهيك عن مغبة الغرور الذي يصيب البعض منهم ويجعله من اول اهتماماته غير متهم بتطوير الجانب الشعري لديه ويقبع خلف ثقافته الشعرية المغلقة. وهناك في الجانب الآخر شعراء من الجيل السابق شكلوا حضورا بارزا قدموا من خلاله امكانات رائعة ذات أثر بالغ ما أعطى الموروث الجنوبي نكهته الخاصة والجميلة في اذهان المتابعين في تلك الحقبة الزمنية السابقة. ومن الاجدر بهذا الجيل الجديد القادم من الشعراء الشباب الاهتمام بعامل الثقافة حتى يتسنى لهم مواكبة التطور الشعري على ان يدرك كل شاعر أن متابعته الحراك الثقافي عبر ممارسة القراءة تعد احد اهم عوامل البناء لكل شاعر يريد الوصول الى ذائقة المتلقى بعيدا عن نمطية تقليد الآخرين مع وضع ارضية واضحة المعالم ذات استقلالية تعنى بكل الجوانب لديه الثقافية والادبية .. والى الملتقى .