ها هو العيد.. في الأفق.. يدنو.. مرتاباً ومتوجساً وعجلاً.. هاك مناديل العيد.. امسحي دمعك.. وتحملي الأوجاع وجاملي المحتفلين.. وانسي.. لكن كيف تنسين؟.. والخناجر تغرس في أحشاء العراق.. والدماء تسفح في نهر الموت.. والعيون الحوراء تتبرأ من رموشها، فيما الأوباش الهمج يتباهون بعبقرية الإفناء وفنون الاجتثاث. كيف هو العيد..؟ والنيران تلتهم دمشق.. عاصمة التاريخ البهية.. وحرائر يغرقن في دموعهن.. وألف تاجر بالدم يحتفل.. ويوزع التهاني والسموم والخناجر.. ووكلاء الموت يهدون صبايا الغوطة الخوف واليتم.. ومواسم الجوع.. كيف هو العيد..؟ ولم تعد صنعاء صديقة للشعراء، بعد أن ذوت أشجار البساتين الخضر.. وأوصدت مدينة المهجة بواباتها الخمس.. فيما الموت يرقص على ثرى غمدان.. وعيبان الحزين.. يبكي قمراً يطيل الغياب. كيف هو العيد؟ ولبنان درة المدائن الخضر.. ينسج من آلامه تعاويذ الخوف.. والأرزة السامقة تتوشح بالسواد والعوادم، إذ ينتشي لبنانيون موغلون بالجحود، بحرق جدائلها الظليلة. كيف هو العيد؟ والجبل الأخضر الليبي المهيب ينعى شموسه الآفلة في ذكرى عمر المختار وهانبيعل وسيوف الموحدين. إذ يعيث تجار القنابل الشعث الغبر بصروح بنتابوليس وموانئ الحياة وتنتظر أجدابيا خيول ابن العاص كي تحتفل بالصباح.