سيعمل التصويت من أجل الاستقلال الاسكتلندي على تنشيط الحركات الانفصالية في بلدان أوروبية أخرى، بما في ذلك إسبانيا وبلجيكاوإيطاليا. لأنه ستكون هناك سابقة مغرية. أليكس سالموند، المهندس المحرك للانفصال الاسكتلندي، غالبا ما يستشهد على سبيل المثال بالانقسام التشيكوسلوفاكي غير المؤلم نسبياً قبل 20 عاماً. فجأة، تبرز إمكانية ظهور دول صغيرة في جميع أنحاء أوروبا: كاتالونيا وبلاد الباسك التي تفكك إسبانيا. فلاندرز ووالونيا - ولا ننسى الدويلة المنفصلة الناطقة باللغة الألمانية - بدلاً من بلجيكا. ثم هناك فينيتو وجنوب التيرول التي تجزأ إيطاليا. أما بافاريا وشرق فريزيا فقد تخرجان ألمانيا. ثم من الممكن أن تقول كورسيكا وسافوي الوداع لفرنسا. وتقتطع لابلاند أجزاء من النرويج والسويد وفنلندا. يمكن لهذا أن يكون خلفية كبيرة لرواية بائسة. والسؤال المثير للاهتمام هو ليس ما إذا كان ذلك محتملاً، ولكن ما إذا كان الاتحاد الأوروبي سيكون قادراً على التعامل مع مثل هذا التصدع. تدور المناقشات في اسكتلندا حول القضايا الاقتصادية: الحفاظ على الجنيه (أو عدمه)، وتقاسم النفط في بحر الشمال، وتقسيم الديون والأصول. في عالم تحده الاتحادات النقدية والاتفاقيات التجارية، فإن الدول القومية ليست حول المال. فالهوية الوطنية تعتبر شعوراً بالانتماء إلى ثقافة معينة في المقام الأول من خلال اللغة والقيم والمراجع المشتركة، وهو الأمر الأكثر أهمية. «استبيان القيم في العالم»، وهو دراسة اجتماعية ضخمة وتجري فترة طويلة لمعظم معتقدات الناس الأساسية، توفر مثالاً صارخاً على ذلك: «بعد سنوات من الحديث عن الهوية الأوروبية المشتركة والحدود العديمة الاحتكاك والمؤسسات المشتركة، لا يزال الأوروبيون يتماهون مع بلدانهم أكثر بكثير مما يفعلون مع أوروبا». بالنسبة للناس العاديين، الأمة لا تدور حول الضرائب والحكم، ولكن حول المشاعر، والاتصالات، والبرامج التلفزيونية، والتعليم، وفرق كرة القدم، واللهجات، وصور الشخصيات المهمة على الأوراق النقدية، والأعلام في الأعياد الوطنية. الناس في شبه جزيرة القرم، وكثير منهم صوت حقاً للانفصال عن أوكرانيا وإدراجها في روسيا في استفتاء مارس المزور، نظروا إلى الثقافة الأوكرانية والرموز باعتبارها أجنبية. «وماذا بعد؟ من يهتم لتساقط الحجارة من السماء، ونحن مع وطننا الأم». هكذا وصف صاحب المشاريع اليكسي تشالي، أحد مهندسي الانفصال في شبه جزيرة القرم المتنازع عليها، نشوة السكان المحليين. قوة بمثل هذه المشاعر، والعداوات القديمة المنسية، كانت هي ما أدى إلى انشقاق دول البلطيق عن الاتحاد السوفيتي، وما حوَّل يوغوسلافيا إلى شظايا. الاعتبارات الاقتصادية لا تهيمن. بهذا المعنى، كان الطلاق التشيكي-السلوفاكي نوعاً من الاستثناء، لأن استطلاعات الرأي أظهرت في كل أجزاء تشيكوسلوفاكيا، أن الناس كانوا ضد الانقسام. لكن ذهب السياسيون قدماً على أية حال. بهذا المعنى، لن تنجح السابقة التاريخية لسالموند: في حالة اسكتلندا، فإن النتائج ستعتمد على مدى القوة التي يشعر بها الشعب الاسكتلندي حول أنهم أمة منفصلة. تستند حملة التصويت ب «لا» على عواطف مماثلة. قال رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون في إدنبره، يوم أمس: «لا أريد لأطفالي أن يكبروا في عالم، حيث إذا اختاروا فيه الدراسة في جامعة إدنبره سيكون الأمر وكأنهم ذاهبون إلى عاصمة دولة أجنبية». على عكس مشاعر الهوية الوطنية، المسائل الاقتصادية تكمن في عالم من العقلانية، قابل للحل من قبل السياسيين العقلانيين. هذا هو الأمر الذي تتدخل فيه الهيئات فوق الوطنية مثل الاتحاد الأوروبي. بعد اتخاذ مسارات مختلفة للكتلة، انتهى المطاف بجمهورية التشيك وسلوفاكيا «بأن تكونا معاً في نفس المكان». لاحظ تيم هوتون، الأستاذ في جامعة برمنغهام، العام الماضي: «إن التحديات في مرحلة ما بعد الشيوعية الديمقراطية والتحول إلى اقتصاد السوق وبناء الدولة، والاندماج في الاتحاد الأوروبي، وحلف شمال الأطلسي، قد تم الوفاء بها إلى حد كبير. وعلاوة على ذلك، العلاقات بين الدولتين ومواطنيها ربما لم تكن قط أفضل مما هي عليه الآن.»