القاعدة التسويقية الشهيرة تشير إلى أن تكلفة جذب عميل جديد تعادل خمسة أضعاف تكلفة الاحتفاظ بالعميل الحالي، غيرت هذه القاعدة المستندة على دراسات علمية الكثير من توجهات الشركات خاصة العالمية منها، ومما أسهم في ذلك ارتفاع حدة المنافسة في الأسواق المحلية والاقليمية والعالمية، حافظ على عميلك ولا تترك له خيار الهروب منك، فاذا ما هرب منك فعليك أن تدفع الكثير لتعويضه، هو الان معك وعلى أرضك فكيف تتركه يخرج بعيداً عن حدودك ثم تعود لتبحث عنه من جديد؟! وفي واقعنا كلنا شهدنا شركات كانت تعمل بمفردها في السوق في صورة احتكارية أو شبه احتكارية وعندما تغير الواقع واقتحمت السوق شركات جديدة أصبح القدامى في وضع يهدد حاضرهم ومستقبلهم بشكل مباشر، وجدوا أن مهمتهم الأولى هي الحفاظ على عملائهم واتخاذ التدابير اللازمة لمنع تسربهم، والتدابير اللازمة هنا تعني تفعيل حزمة متكاملة من السياسات والاجراءات التي تحقق ولاء العملاء وتجبرهم وبمحض ارادتهم على البقاء وعدم المغادرة. هنا برز مفهوم ولاء العميل أو العميل (الموالي) وهو العميل المخلص للشركة ومنتجاتها الذي يفكر ألف مرة قبل أن يتخذ قرارا بالتعامل مع شركات أو منتجات أخرى، وهو العميل الذي يرحب دائماً بمنتجات الشركة وأفكارها الجديدة ويتفاعل معها بايجابية بل ويتقبل بصدر رحب زيادات طفيفة في الأسعار دون تذمر أو تمرد. والأكثر من ذلك هو العميل الذي يتحول إلى مروج (دعاية) للشركة ومنتجاتها حيث يتحدث بحماس منقطع النظير للآخرين في كل المناسبات عن الشركة التي يتشرف بالتعامل معها وعن منتجاتها التي تشبع احتياجاته وتقدم له ما يفوق توقعاته. عليك أن تتخيل المنافع التي يحققها لك مثل هذا العميل وعليك أن تتخيل ما يمكن أن تحققه شركتك ومنتجاتها وعلامتها التجارية بعشرات أو مئات الأولوف من العملاء الموالين لك. الشركات العالمية لا تحسب قيمة مشتريات العميل في صفقة واحدة أو على مدار أسبوع أو شهر أو عام بل تحسب تلك القيمة على مدار عمره بأكمله، وبعد أن تحدد الرقم المتحقق على مدار متوسط عمر العميل تنشر هذا الرقم على موظفيها لتخبرهم بأن عميلهم يستحق أن يقدموا له أفضل ما لديهم لأنه يقدم لهم أفضل ما لديه. أيضاً الشركات العالمية الآن لا تهتم بحساب حصتها السوقية بقدر ما تهتم بحساب حصتها من انفاق العميل أو بمعنى أدق نصيبها من محفظة العميل. ما أسهل الحديث عن ولاء العميل ومنافعه وما أصعب تحقيقه على أرض الواقع. بالفعل ليس سهلاً أن تحتفظ بعميل مدى الحياة خاصة في عالم المنافسة الشرسة الذي نعيشه الآن، ولكن بالعلم والتخطيط تسهل الصعاب. قاعدة البيانات المتكاملة عن عملائك هي الأساس الذي تبني عليه عميلا لا يغادر حدودك أبداً، اعرف خصائصهم وسلوكياتهم وبياناتهم وحجم ونوعية مشترياتهم، اتصالك بهم ومعهم لن يتوقف أبداً والتكنولوجيا الآن أتاحت لك هذا الأمر بكل سرعة وسهولة وفاعلية، هنئهم في مناسباتهم الخاصة، عرفهم بكل جديد تقدمه لهم، تعامل بجدية وبسرعة فائقة مع مشكلاتهم وشكواهم، رحب باقتراحاتهم وأفكارهم وضع الصالح منها موضع التفعيل، ابحث احتياجاتهم بشكل دوري وترجم الاحتياجات الى منتجات وخدمات مميزة. التحفيز المادي مطلوب بكل تأكيد فالعميل لن ترضيه فقط المشاعر الدافئة والابتسامة الساحرة ولكن سيرضيه أيضاً شعوره بأنه يحقق مكاسب اقتصادية ومادية باستمراره معك، فالعميل الذي يدفع لك ويدعمك ويروج لك من حقه الحصول على مزايا مادية وخصومات خاصة ترتفع بارتفاع مشترياته وهنا سيفكر عميلك الدائم كثيراً قبل التوجه لمنافسيك حتى لا يخسر مكتسباته ومنافعه على مدار أعوام طويلة. لا تنس أن تقدم معاملة خاصة ومتميزة لعملائك الكبار فهم الأكثر تأثيراً والأكثر مساهمة في أرباحك وعليك أن تعترف عملياً بفضلهم وتأثيرهم. قد تخطط وتنظم وتبني ليأتي موظفوك ويهدموا كل ما تبينه مع عملائك في لمح البصر، فموظف مستهتر أو متجهم أو مبتز قادر- وفي طرفة عين- على تسهيل وتسريع هروب عملائك بلا عودة، عرفه قيمة عميلك وعرفه أن مستقبله ومستقبلك ومستقبل المكان الذي يجمعكما يتشكل في قلب وعقل ومحفظة هذا العميل. ولاء العملاء لم يعد ترفاً أو رفاهية في عالم الأعمال بل هو مصير بكل ما تحمله الكلمة من معان.