حطب الليل يتمّ جمعه في الظلام، وهو في الغالب غير مأمون، لذلك قيل عمّن ينفذ عملًا عشوائيًا إنه (كحاطب ليل) لا يدري ماذا يجمع، لانعدام الرؤية، وغياب الوضوح، هذا الانطباع يخرج به المهتمّون بتاريخ الأدب في بلادنا، عند الاطلاع على «انطولوجيا الأدب السعودي» وليت المشرفين على إنجاز هذا العمل، اكتفوا بعنوانهم الأول «مختارات من الأدب السعودي»، ولم يضيفوا إليه «انطولوجيا الأدب السعودي» فهذا المصطلح يفترض أن يشمل الأدب السعودي كله، وليس مختارات عشوائية منه، تحكمها الأهواء ويتحكّم بها الجهل برموز الأدب السعودي. وهنا لابد أن نثمّن حرص وزارة الثقافة والإعلام على نشر أدبنا، وتقديم نماذج مشرّفة لمبدعينا في جميع ألوان الأدب وأشكاله، والكل يعرف مكانة وزير الثقافة والإعلام الأدبية، واهتمامه بالثقافة والمثقفين، من هنا يأتي عتب المثقفين الذين لم تظهر أسماؤهم في هذا الكتاب، وكان الأولى أن يُفرَّغ لهذا العمل فريق من المختصين العارفين بالمُبدعين وسِيَرهم الذاتية، فالعمل الفردي في مثل هذه الإصدارات سيظل أسير الجهل وأهواء الذات، وهذا هو الذي أدى لاختفاء أسماء مبدعين لهم عشرات المؤلفات الإبداعية، بينما ظهرت أسماء غير معروفة، وليس لأصحابها أي كتاب إبداعي، العمل الفردي في مثل هذه الإصدارات سيظل أسير الجهل وأهواء الذات، وهذا هو الذي أدّى لاختفاء أسماء مبدعين لهم عشرات المؤلفات الإبداعية، بينما ظهرت أسماء غير معروفة، وليس لأصحابها أي كتاب إبداعي. وهذا نوع من الإهمال الذي دفع (اللجنة العلمية) كمالا تسمّي نفسها، والتي اعدت مادة هذا العمل.. لأن تتخبّط في اختياراتها، وتتجاهل الشمولية والتقصّي والدقة وغيرها من الشروط التي تقتضيها (الأنطولوجيا) بمعناها العلمي الدقيق. ونحن لا نقول: إن (اللجنة العلميّة) التي قدّمت هذه النماذج من الأدب السعودي في الرواية والسيرة الذاتية والقصة القصيرة والشعر والمسرح.. لا نقول إن هذه اللجنة تعمّدت تجاهل الأسماء التي غاب إنتاجهم، ولكن المسألة مرهونة بعدم المعرفة من الأساس، فليس بين أعضاء اللجنة والمبدعين الذين تمّ تجاهلهم أي خلافات، أو تصفية حسابات لنقول إن هذه تبريرات لهذا التجاهل. كميات كبيرة وزعت على ضيوف ملتقى المثقفين من هذا الكتاب بأجزائه الثلاثة والبالغة صفحاتها أكثر من (2200) صفحة، والصحيح أنها لم توزّع بل تركت تلالًا في بهو مركز الملك فهد الثقافي، ليحمل الضيوف وغير الضيوف نُسخًا منها قدر طاقاتهم، وكان الأجدى أن توزّع على الضيوف في غرفهم، لكي لا يتحمّلوا عبء نقل ثلاثة مجلدات ضخمة، ولكي تكون لهم حرية الاختيار بعد الاطلاع عليها، لأخذها أو تركها في الغرف إن لم تعجبهم، أما حملها على أكتافهم إلى الفندق، فهو أمر مرهق. هذا عمل رغم أهميّته وضخامته، ظهر مُشوّهًا، ولعل هذا التشويه يختفي في الطبعات القادمة لهذه ال«مختارات من الأدب السعودي: انطولوجيا الأدب السعودي» ولم يكن له من صفات «الأنطولوجيا» أي نصيب، فهو كحطب الليل المجهول، عندما يتجمع في الليالي المظلمة.