في سماء وفضاء العطاءات والإنجازات.. لا تجد كلمة "اندماج"، "شراكة"، "ثنائية"، "تعاون"، "تضافر"، إلا ومعها سحائب الشعور بالحميمية والعطاء والفريق الواحد، لذا المؤسسات الرائدة ذات الخبرة المتراكمة هي من تتمتع بهذا المناخ الإيجابي؛ كونه طريقا لصياغة فكرة ورؤية موحدة وعطاء متجانس، فزُرَّاع البذور ورواد النجاح هم أصحاب المبادرات والبصمات والعطاءات بهدوء، وبلا ضجيج، وكما قال الرافعي: "إذا لم تزد شيئاً إلى الدنيا .... كنت أنت زائداً على الدنيا". فكم هي الزيادات المثمرة التي جمعت بين جامعة الملك فيصل وغرفة الأحساء مثلا، والتي رسمت بريشة تعاونها لوحة جمعت الأحساء وطلابها ومجتمعها، وحققت حضورها في كل ميدان ومنشط، كان آخرها "مهرجان الأحساء للتسوق والترفيه" الذي شهده أكثر من مليون ونصف المليون من الأحساء ومحبيها والخليج، وصنع من ثوب الصيف أجمل حلله وأكثرها بهاءً، ولعل زيارة صغيرة لهاشتاق "الأحساء" تعرفنا ببعض ذلك. لذا، فالشراكة المجتمعية التي تحضنها جامعة الملك فيصل، والرؤية الاستراتيجية المعطاء لغرفة الأحساء ورجالها الأوفياء، طعم عرفه المجتمع، ويأتي دور الإعلام في إبراز الملفات التنموية جليا، من خلال التعاون المستمر بين إدارة الإعلام والعلاقات العامة والبث الفضائي، وبين الإعلام النشط والمميز للغرفة التجارية بالأحساء، وبين مؤسسات الإعلام والصحافة في إبراز المساهمات الوطنية خاصة لقوافل المتطوعين من طلاب وطالبات الجامعة، الذين يأملون أن يكونوا مصافحين للغرفة في إيجاد وظائف لهم بعد التخرج، فجمهور الطلاب والمجتمع وآمالهم وتطلعاتهم كبيرة، خاصة وأنهم يعيشون حول مؤسسات ريادية علمية واجتماعية وتجارية. لذا مثلا حين تجتمع جامعة الملك فيصل وغرفة الأحساء معا، تكون الأحساء كلها معا.. القلم والفكرة، العلم والعمل، غرفة المعرفة وغرفة توظيف المعرفة في حقل الحياة الكبير لتصير المشهد الشمولي للتكامل والانسجام وتحقيق الرؤية، لتحقق الجامعة الانسجام الخلاق بينها وبين مجتمعها، هي ليست شراكة مجتمعية فحسب، بل تشارك حقيقي في كتابة كتاب المستقبل. وهذا يذكرني بما كتبه غوستاف لوبون في كتابه "سيكولوجية الجماهير" بين أن المؤسسات الاجتماعية والتربوية التي تشكل علاجا لنواقص المجتمع وحاجاته، وتسهم في تقدمه، هي المؤسسات التي تحمل أشكالا وهيئة وتنظيما ورؤية واضحة ومتجددة، وأن التجربة وحدها يمكنها أن ترسخ في روح الجماهير حقائق أصبحت ضرورية كالعمل مثلا ونظرة الشباب حوله. من هنا، شكل الاندماج والثنائية مثلا بين الجامعة والغرفة -والتي تحمل هذا الفكر- وكذلك ما بين الغرفة التجارية والأمانة وهيئة السياحة والآثار تجارب رائدة في تعميق مفهوم الشراكة المجتمعية والعمل بالفريق الواحد، كدعم العمل التطوعي للشباب، وفي نهاية المطاف تبقى الأحساء محلقة في سماء النهضة والتنمية، بأجنحة هي لكل أهل الأحساء ومحبيها، ولتكون في النهاية الأحساء أولا. لذا، أتصور أنه إذا استثمر العقل والمثقف الأحسائي كمحور وفاعل في التنمية بدعم القطاعات والمؤسسات والإعلام، ورفيق في صياغة بعض الخطط العامة للتنمية ومشارك في الاستشراف المستقبلي، وخاصة فئة الشباب المتقن للغة الإعلام والتواصل الاجتماعي؛ لقطفت الأحساء أندى ثمارها من بساتين الخبرة والتجربة والحب، وأصبحت فضاء لأجنحة تمتد بلا حدود.