لقد كانت إفريقيا منذ فترة طويلة ساحة معركة لقوى العالم. اثنان من عمالقة اللعب هناك في هذه الأيام هما الصين، التي تنفق بحرية في جميع أنحاء القارة لتستخرج الموارد والاستفادة من بعض أسرع الاقتصادات نمواً في العالم، والولاياتالمتحدة، التي تتطلع الى القيام بمزيد من الاعمال. كل من الشركات الصينيةوالأمريكية تتوقع الاستفادة مما لديها من مصالح في إفريقيا. والسؤال هو ما إذا كان يمكن أن يفوز الأفارقة أيضا؟. نمت الاستثمارات الصينية في إفريقيا في جنوب الصحراء الكبرى 40 ضعفاً منذ عام 2003، وكانت الشركات المملوكة للدولة قادرة على طرح المشاريع بسرعة وفي كل بلد في القارة، وأساساً تقوم ببناء أشياء مثل السدود الكهرومائية على نهر النيل، والطرق السريعة إلى مناطق النفط، والسكك الحديدية لنقل خام الحديد. وبعد شكاوى من أن الصين أصبحت دولة ثرية استعمارية أخرى، فقد خصصت الحكومة الصينية وبنك التنمية الإفريقي ملياري دولار في صندوق صمم لمساعدة الشركات الإفريقية على الفوز بعقود صينية. وفي حين أن الشركات الصينية قد تعرضت لانتقادات لاستيراد العمالة الصينية بدلاً من تدريب وتوظيف الأفارقة، فهي الآن تعمل على بناء مصانع الملابس الجاهزة للاستفادة من العمالة الرخيصة في إفريقيا وسط ارتفاع معدلات البطالة، بينما التنمية الأمريكية في إفريقيا كان يقودها القطاع الخاص وتتركز في عدد قليل من البلدان بما في ذلك ليبيريا وموريشيوس وجنوب إفريقيا. والرئيس باراك أوباما يريد الشركات الأمريكية أن تبذل المزيد من الجهد، وفي عام 2013، بدأت الولاياتالمتحدة مبادرة الطاقة الإفريقية لبناء شبكات الكهرباء والمولدات الكهربائية عبر ستة بلدان من خلال العمل مع الشركات الإفريقية وشركاء الولاياتالمتحدة التي لديها من بين أعلى مستويات التكنولوجيا، بما في ذلك جنرال إلكتريك، وتقدم 7 مليارات دولار في الدعم المالي وضمانات القروض. ومن المتوقع أن يتم الإعلان عن مزيد من العروض في أغسطس في مؤتمر قمة قادة الولاياتالمتحدة وإفريقيا في واشنطن. ترك الاستعمار الأوروبي ندوباً عميقة في إفريقيا، وخلال الحرب الباردة، تدخلت الولاياتالمتحدة والاتحاد السوفيتي لوضع الحكام المستبدين في السلطة الذين ملأوا جيوبهم وتركوا الموروثات من الفقر والمجاعة والصراع. المساعدات الخارجية كانت كثيراً ما يساء استخدامها وتحويلها لصنع أسلحة، المعونة الغذائية المستوردة لمكافحة المجاعات خربت الأسعار بالنسبة للمزارعين المحليين، وأدت الاضطرابات إلى قلة الاستثمارات في البنية التحتية، وحتى الآن نحو 600 مليون إفريقي من الذين يعيشون جنوب الصحراء الكبرى - نحو 70 في المائة من السكان - يفتقرون الى الكهرباء. وعلى الرغم من أن إفريقيا غنية بالمعادن ومصادر الطاقة، استفاد عدد قليل من الأفارقة من صادرات هذه المواد، بل إن بعض الاقتصاديين وصناع السياسة حتى يجادلون أن الاعتماد على الموارد الطبيعية يضر أكثر مما ينفع، وهي ظاهرة يطلقون عليها تعبير «لعنة الموارد». حصل تقدم سريع لشركات البناء الصينية التي تمولها الدولة، وهي تقدم حلولاً سريعة للاحتياجات الملحة للبنية التحتية في إفريقيا، على الرغم من أن بعض المنتقدين يقولون: إن البناء يمكن أن يكون غير مطابق للمواصفات. الصين هي أيضاً ليست في عجلة من أمرها حول العمل مع الأنظمة السياسية المثيرة للجدل، ومنح الشرعية للقادة في البلدان التي لا ترغب الشركات الامريكية أن تمسها. وعلى الرغم من أنها تثير أحيانا اهتماماً كبيراً لتأثيرها على الجوانب السياسية والبيئية في استثماراتها، إلا أن الحكومة الصينية تدخلت حين تم تهديد استثماراتها -كما فعلت في جنوب السودان-، وبالتالي يمكن أن تساعد في تعزيز الهدوء، بينما تسعى الولاياتالمتحدة إلى استخدام التنمية كوسيلة لتعزيز الاستقرار الإقليمي، يمكن لاستثماراتها أن تستغرق وقتاً أطول للوصول الى أهدافها؛ لأن الشركات عليها تلبية رغبات المساهمين، وغالباً ما تخضع المشاريع للتدقيق البيئي قبل أن تتمكن من النزول على أرض الواقع. الشركات الأمريكية تخضع لقوانين مكافحة الفساد التي تجعل من المستحيل تقريباً القيام بالصفقات في الأماكن التي بها الرشوة أمر شائع أيضاً، كما يجب أن تعمل الاستثمارات الأمريكيةوالصينية في مجال النقل والكهرباء على تسهيل الأمر على الشركات الإفريقية من أجل الحصول على السلع والخدمات من وإلى القارة، ويأمل المخططون الإفريقيون أن هذا سيساعد على رفع متوسط دخل الفرد ليزيد عن 10 آلاف دولار في العديد من البلدان في العقود الثلاثة المقبلة.