في حياتا نتعرض للكثير من الأحداث، فبعضنا يجيد التعامل معها، والبعض الآخر لا يجيد التعامل، وقد تكون الاختلافات بين هاتين النتيجتين اختلافات بسيطة جداً من ضمنها طريقة التعامل. يقول ستيفن كوفي مؤلف كتاب (العادات السبع): إن الأحداث التي تقع علينا تؤثر بنا بنسبة 10 % فقط، و ال 90% الباقية يأتي تأثيرها من طريقة تعاملنا مع هذه الأحداث، ومن أهم عناصر التعامل في كثير من الأحيان لغة الحوار. لغة الحوار لغةٌ يملؤها اللين والرفق، تخلو من العنف، وغالباً ما تكون وسيطاً محبباً وفعالاً لتذليل كثير من العقبات بيننا وبين تلك الأحداث. فالحوار مطلوب في العمل، وفي المنزل، ومع جميع شرائح المجتمع، فالله سبحانه وتعالى أرسل خير البشر وقال «ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن»، وخير البشر عليه الصلاة والسلام يقول (ما كان الرفق في شيء إلا زانه، وما نُزع من شيء إلا شانه)، فالله سبحانه يأمرنا بحُسن التصرف في الكلام واستخدام الحكمة والموعظة في التعامل مع الكفار، فما بالك بأبنائنا وبناتنا والناس القريبين منا؟ فلو استخدمنا هذه اللغة القيّمة والفعالة في كثير من الأحداث التي تقع علينا لكان لها الأثر الكبير والفعال في تخفيف وقوعها بل وعلاجها أيضاً، فماذا فعل نبينا الكريم وقدوتنا عليه الصلاة والسلام مع الأعرابي الذي بال في المسجد؟ هل ضربه أو وبخه أو أمر بإخراجه؟ بل تركه حتى انتهى ثم علّمه ما يصح فعله، ماذا فعل مع الشاب الذي جاء يستأذنه بالزنا؟بكل حنان ولطف طلب منه أن يقترب منه أكثر ووضع يده عليه وقال له: يا بني أترضاه لامك؟ أترضاه لاختك؟ وقام بتوجيهه التوجيه السليم، وكانت النتيجة سريعة وإيجابية بعدول الشاب عن هذا الأمر. فما بالك لو قوبلت مثل هذه التصرفات بالعنف والشدة وما نتائجها ؟كما يقول سبحانه «ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك». شاهدت برنامجا وكانت الحلقة بعنوان الحوار مع البنات، وخصصت الحلقة لمشاركات الفتيات فقط وعرض مشاكلهن فشاهدت العجب العجاب، أكثر المتصلات لم يشتكين من فقدان المادة أو فقدان العطف والحنان والدلال أو فقدان المرح، بل من فقدان الحوار في المنزل وسوء تعامل الأهل معهن!! فكثير منهن اعترفن بأخطاء اقترفنها، ولكن ما زاد من حدة هذه الأخطاء وعدم علاجها بالطريقة الصحيحة، بل كان من أسبابها هو الافتقاد إلى الحوار، فواحدة عوملت بالضرب المبرح، وأخرى بالحرمان، بل إن إحدى المتصلات قالت إنّ أهلها منعوا عنها الأكل والشرب وحبسوها في غرفة صغيرة، فهل هذا هو العلاج المناسب أم هو معالجة الخطأ بخطأ ؟ لست هنا ممن يسوغ لوقوع مثل هذه الأخطاء، بل أنا أؤمن بالثواب والجزاء، فالمرء يُحاسب إن أحسن ويجازى إن أخطأ، ولكن هناك طرقا فعالة للتعامل مع كلٍ من هذه الأخطاء صغيرةً كانت أو كبيرة توصلنا لنتيجة نرجوها. أحد الضيوف في البرنامج يروي قصة أن أحد الأبناء قال لوالده: أبي أريد أن .. فقطع الوالد حديث ابنه وقال له ..تبي فلوس.. تفضل، وأعطاه مبلغاً من المال مباشرةً، فرد عليه الإبن وقال: يا أبي لماذا تقفز من الخطوة الأولى إلى الثالثة دون المرور بالثانية؟ لماذا لا تستمع لما أريد قوله لك؟. وهذا دليل واضح على أهمية الحوار وضرورة وجوده في حياتنا، فبعض الناس قد يعتمد أساليب خاطئة تحل المشكلة حلاً آنياً ومؤقتاً فقط ولكن لها عواقب وخيمة وآثار تكون أعظم وأكبر مما كانت عليه لحظة وقوعها، فكم من زوج لا يعرف إلا لغة الأوامر مع زوجته وأولاده لسنين طويلة، وبعد أن هداه الله يوما واستمع لحوار زوجته تغير الحال بعد أن كان آيلاً (للطلاق) وانتقل من السلب إلى الإيجاب. وكم من زوجة كان زوجها وبيتها في أسفل القائمة لواجباتها فالتهت بالمناسبات والأسواق وغيرها وبعد الحوار أصبحت أنموذجاً يحتذى به. ختاماً أجزم لكم أن الحوار يكون له الأثر الجيد المقرون بنتائج إيجابية في تخفيف وقوع الأحداث، بل والمساهمة في علاجها وحلها بأسرع وقت وأفضل طريقة، فيا ترى أين يقع إعرابنا من لغة الحوار؟