عقد وزير الخارجية الاميركي جون كيري الخميس اول اجتماعاته مع الحكومة الهندية اليمينية في اطار مساعيه لإنعاش العلاقات بين بلاده والهند التي ينظر اليها كقوة في مواجهة الصين المتصاعدة النفوذ. وتأتي زيارة كيري الى نيودلهي بعد عدد كبير من الخلافات بين الديموقراطيتين الكبيرتين، ومن بينها اتهامات بتجسس الولاياتالمتحدة على سياسيين هنود، وخلاف تجاري يمكن ان يعرقل اتفاقا جمركيا في اطار منظمة التجارة العالمية. والتقى الوزير الاميركي بوزير المالية والدفاع ارون جيتلي الذي يعتبر لاعبا رئيسيا في الحكومة الجديدة، في اطار الحوار السنوي الذي من المقرر ان يعقد في واشنطن، الا انه تم تأجيله بسبب الانتقال السياسي الذي حدث في الهند. وسيلتقي كيري اليوم الجمعة برئيس الوزراء الهندي نارندرا مودي الذي يترأس حزبا قوميا هندوسيا وتعاملت معه واشنطن دائما كشخص منبوذ الى ان فاز حزبه بالانتخابات التشريعية في ابريل ومايو، ليترأس بذلك الحكومة. البيئة وبعيدا عن سياسة الشرق الاوسط التي هيمنت على عمل كيري طوال فترة توليه وزارة الخارجية، ركز كيري خلال زيارته للهند على قضايا اخرى قريبة الى قلبه ومن بينها البيئة. فقد زار كيري المعهد التكنولوجي الهندي المرموق في دلهي وتحدث الى الطلاب الذي يحاولون جعل البلاستيك قابلا للتحلل العضوي. وقال كيري: ان العمل "مثير للاهتمام ومشوق. واتمنى للعاملين فيه التوفيق. وسيشكل مساهمة كبيرة للعالم". وبدأت الولاياتالمتحدةوالهند، اللتان كانتا على خلاف خلال الحرب الباردة، في التصالح في التسعينات، حيث تحدث مسؤولو البلدين عنهما بأنهما حليفان طبيعيان. وعلاقة مودي بالولاياتالمتحدة لطالما شابها التوتر، ففي العام 2005 رفضت واشنطن منحه تأشيرة دخول بسبب اتهامات بأنه غض النظر عن اعمال شغب ضد المسلمين حين كان حاكما لولاية غوجارات. وكيري هو اعلى مسؤول في الادارة الاميركية يزور الهند منذ وصول مودي الى الحكم في مايو. وخلال العقدين الاخيرين، وضعت الدولتان العلاقة بينهما في اطار التحالف الطبيعي بين بلدين يتشاركان القلق ذاته حول تزايد قوة الصين من جهة والاسلاميين المتطرفين من جهة ثانية. ولكن حوادث عدة ساهمت في تراجع العلاقة بين الحليفتين الى ادنى المستويات، ومن بينها اعتقال السلطات الاميركية لدبلوماسية هندية العام الماضي. وبالرغم من ازمة جديدة في الاجواء بشأن اتفاقية جمركية، الا ان ادارة الرئيس باراك اوباما تتجه نحو التركيز على قضايا اخرى قد يتفق عليها الطرفان في اطار زيارة كيري ووزيرة التجارة بيني بريتزكر الموجودة في الهند حاليا. وقالت بريتزكر: ان الولاياتالمتحدة "شعرت بخيبة امل كبيرة" من موقف الهند، الا انها اعربت عن املها في امكانية انقاذ اتفاق منظمة التجارة العالمية. وأضافت في تصريح لصحيفة "ذا تايمز اوف انديا": "انا متفائلة بأنه ما بين الآن ونهاية الشهر سنجد سبلا تعود بالنفع على الجانبين". وأكدت الوزيرة على الارضية المشتركة بين البلدين، وقالت: انه توجد "فرصة عظيمة في هذه الشراكة". الا ان المزاعم بأن حزب مودي تعرض لعمليات تجسس من قبل جهاز الامن القومي الاميركية بينما كان في المعارضة، زاد من مشاعر الاستياء الهندية. وقال مسؤول اميركي يرافق كيري طلب عدم الكشف عن هويته: ان الهند غاضبة، الا انه اضاف: ان الولاياتالمتحدة سعت رغم ذلك الى اقامة "علاقات استخباراتية متزايدة واكثر قربا" مع الهند، بما يشمل افغانستان. قلق هندي وتعد الهند من اكثر الدول قلقا بشأن انسحاب القوات الاميركية القتالية من افغانستان هذا العام، حيث ان نظام طالبان السابق كان يأوي متطرفين شنوا هجمات ضد الهند. وتعهد مودي بالتشدد حيال التطرف الاسلامي، رغم انه اظهر براغماتية منذ توليه منصبه وحاول التواصل مع باكستان. ففي العام 2005 رفضت واشنطن منحه تأشيرة دخول بسبب اتهامات بأنه غض النظر عن اعمال شغب ضد المسلمين حين كان حاكما لولاية غوجارات. وكانت دول اخرى اسرع في التقرب من مودي، وعلى سبيل المثال تودد سفيري بريطانيا وفرنسا له حتى قبل الانتخابات، كما انه سافر الى اليابانوالصين. الا ان اوباما دعا مودي لزيارة البيت الابيض في سبتمبر. وذكر مسؤول اميركي ان كيري سيناقش مسائل الحريات الدينية مع مودي بنفس الطريقة "التي نناقشها فيها مع كل دولة"، الا انه اشاد بدعوة مودي بأن يكون التطور في الهند "شاملا للجميع".