كونه مسلما وهي مسيحية، وبعد عشرة سنوات طويلة من الحب والتواصل والزواج في الخارج أرسل لها قائلا «حبيبتي.. عساك من عواده» اكتبها إليك، لأن قرارنا بالانفصال لا يعني أن لا أقول وأهدي لك في عيدنا نحن المسلمين التحية والمباركة، فالوصل والود موجودان وإذا كانت الحواجز والظروف أبعدتنا فثمة تواصل وحنين. أمثال هذه الحكاية سمعتها كثيرا وهي تتردد من كثير من شباب الخليج الذين تزوجوا أيام الابتعاث في الخارج بمن يخالفنهم الديانة رجاء اسلامهن ولم يوفقوا، فقرروا الانقطاع وما زال الوصل بينهم باقيا كون انفصالهم تم عن حوار وقناعة. والحقيقة أن في الأعياد تظهر أخلاق الأمم، وفي الأعياد أيضا تعرف وتتميز القيم، فالعيد اسم لكل ما يُعتاد ويعود، والأعياد شعارات توجد لدى كل الأمم سواء أكانت كتابية أم وثنية أم غير ذلك، وذلك لأن إقامة الأعياد ترتبط بغريزة وجبلّة طبعَ الناس عليها فكل الناس يحبون أن تكون لهم مناسبات يحتفلون فيها ويتجمّعون ويُظهرون الفرح والسرور، والملاحظ أن أعياد المسلمين تأتي بعد أيام من العبادة والطاعة والاتصال بالله سبحانه وهنا يظهر التكامل والتميز، أما أعياد الأمم غير المسلمة فترتبط بأمور دنيوية كبداية سنة أو بدء موسم زرع أو اعتدال جو أو قيام دولة أو تنصيب حاكم ونحو ذلك، وترتبط أيضا بمناسبات دينية ككثير من أعياد أهل الكتاب الخاصة بهم فمن أعياد بعض النصارى مثلا العيد الذي يكون في الخميس الذي يزعمون فيه أن المائدة أنزلت على عيسى عليه السلام، وعيد رأس السنة (الكريسمس)، وعيد الشكر وعيد العطاء، وللمجوس كذلك أعيادهم الخاصة بهم مثل عيد المهرجان وعيد النيروز وغيرهما. ولعل في أعياد المسلمين نموذجا من كريم الأخلاق وجميل الطباع، يأتي عيد الفطر أحد عيدي المسلمين، شرّعه الله في أول يوم من شهر شوال بعد الانتهاء من شهر الصيام والقيام، يخرج المسلمون فيه لأداء صلاة العيد شكراً لله على أن وفقهم لأداء ركن هام من أركان الإسلام ليفرح المسلم ويشكر ربّه على نعمة الصيام، كما جاء في الحديث الذي رواه أنس رضي الله عنه قال: قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما فقال: «قد أبدلكم الله تعالى بهما خيراً منهما يوم الفطر والأضحى»، ومعنى الحديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم لما هاجر إلى المدينة وجد للناس عيدين يلعبون فيهما، فنهى الناس عنهما، وذلك ليقطع صلة الناس بما كانوا عليه من أمور الجاهلية، وأخبرهم أن الله قد أعطاهم عوضاً عنهما ما هو خير منهما: عيدي الفطر والأضحى، وذلك لما فيهما من الأجر والثواب والفضل من الله تعالى. «فالعيد» يوم الجائزة من الله تعالى لعباده المؤمنين، يوم يؤدّي المسلمون في صباح العيد بعد شروق الشمس بثلث ساعة تقريبًا صلاة العيد بعدما يأكلون بعض التمرات، ويرفعون التكبير ليتجلى قول الحق سبحانه للصائمين (ولتكبروا الله على ما هداكم)، لتنقضي صلاة العيد بما فيها من تكبير وتهليل وتمجيد للخالق العظيم، ومن تجمع في مشهد الصلاة يستشعر فيها المسلمون حيوية اللقاء وهم يصافحون نسائم الصباح ويحمدون الله على النعمة التي أفاض بها عليهم، أولئك المسلمون الذين استجابوا وأنابوا وأخلصوا هم يلتقون في العيد ليشكروا الله على ما يسر وهدى يتبادلون التهاني يزورون أهلهم وأقرباءهم. لذا هي فرصة لترميم العلاقات خاصة للعلاقات الاجتماعية القريبة، فجرب أن ترسل لمن تحب هدية في ثناياها «حبيبي.. عساك من عواده». كل عام وأنتم بخير وعساكم ومن تحبون بسلامة.