لا يمكن لمن يريد أن يستمتع بمحتوى إعلامي يلتصق بالسمع ويتخلل الوجدان.. لا يمكن له أن يتجاهل القيمة الإعلامية للإذاعة، خصوصا وهي الوسيلة التي ترتبط بسمع المتلقي، وتتعلق بذهنه مباشرة.. ومعروف أن ما كان مسموعا ومستمعا فهو يحرك لدينا طاقة التركيز، ويعزز قوة الانتباه في هذه الحاسة فيكون المحتوى متابعا بشكل جيد.. وتشير إحصاءات وأخبار كثيرة، عن عودة المتلقي للإذاعة، وانتشارها في العالم، حيث ذكرت مصادر ان الإذاعة شهدت إقبالا كثيفا خلال بطولة كأس العالم بالبرازيل.. والإذاعة هي إحدى الوسائل التي تشبع رغبة المتلقي الذي يميل إلى الاستماع، أو التنقل بسيارته، أو المكوث بهدوء في بيته. سبق لي أن كتبت عن إذاعاتنا العزيزة، وعن إقبال المواطن عليها، ومؤشر ذلك كثافة المتفاعلين مع برامج تلك الإذاعات سواء بالاستماع والاتصال، أو المشاركة في البرامج بالرغم من وجود محطات تجارية ذات محتوى مختلف.. كما تحدثت عن تطلع المراقب والمواطن لتلك الإذاعات؛ لمواكبة كل تكنيك وتكتيك إعلامي يضيف جماليات جديدة للملح الإذاعي.. وخلال استضافة كريمة في برنامج "الخيمة الرمضانية" في إحدى حلقاتها، مع ضيوف آخرين للحديث حول موضوع وطني.. ما لفت انتباهي أن إذاعة الرياض قدمت حالة من الابتكار الإذاعي، حيث خرجت من قماقم الاستوديوهات في مبنى الإذاعة، إلى البث في الهواء الطلق، وبين أعين وقلوب الناس، حيث يعبرون من حولنا وهم يسمعون ويستمعون عبر سماعات مرتبة، كل ما يدور من أحاديث إذاعية.. حيث وجدت مالا يشبه بيت شعر، أو خيمة برية، بل خيمة "مودرن" وأنيقة أطنابها رجال متحمسون؛ لتقديم عمل كبير في موقع رائع.. ابتدأوا بالهمة، وانتهوا بالإنجاز.. فكان المشرف الأستاذ عبدالعزيز الزاحم متابعا لكل ما يحدث، والأستاذ فهد الهاجري المخرج يقف على كل الرؤوس والأجهزة باهتمام، والمعد الأستاذ سعود القحطاني يتابع تفاصيل المحاور بأناقة، ثم يقبع المذيع الباهر خليل الصاعدي على كرسيه يرتب أفكاره، فيطل علينا المذيع المشاكس علي الحسنية بوريقات استفهاماته، ومن خلفهم المشرف على الهندسة الصوتية.. ثم تنطلق الندوة بأريحية، ولأول مرة ترى الناس يستمعون لك مباشرة.. هذه الفكرة وخروج الإذاعة للناس بهذه الطريقة، هو نمط من أنماط التطوير، حيث يمكن للناس ان يشاهدوا ما كانوا يسمعون، وهذا يجعل المتلقي في حالة انجذاب تام.. فذاك المذيع الإذاعي لا يراه أحد ولا يعرفه قد يصبح معروفا، ومعلوما للكثير من خلال مثل تلك الأنماط التطويرية.. المهم حقا ان تستمر مثل تلك الأفكار، وألا تقتصر على رمضان، حيث إن توقف ذلك هو إعادة على مربع الإذاعة التقليدية.. مع ان الموضوعات التي طرحت هي موضوعات ذات قيمة، لكن كم كنت أتمنى ان اقتصرت الموضوعات بما أنها خيمة رمضانية.. اقتصرت على موضوعات تخص قضايا "مجتمعنا ورمضان" حيث إن مساحة التوعية موجودة، والزمان والمكان مناسبان لطرح موضوعات كثيرة عنّا.. كما ان سماحهم لأخذ أصوات وآراء الحضور حول الخيمة كانت فكرة مضيئة.. وليتهم أضافوا مداخلات صوتية لتفعيل الحوار بأفكار جديدة وتساؤلات.. كما تمنيت أن يتم استضافة بعض ممن يتجول من الشباب أو من لديه موضوعات بوده طرحها؛ لكي يطرحها بشكل مريح وليسمعها المسئول.. كما أتمنى ان تنقل مثل تلك الخيمة في أماكن أخرى من المدينة، فذلك مهم جدا لتسويق المنتج الإذاعي وربط المواطن دوما بالإذاعة.. ختام القول: ابتكار أفكار جديدة، مطلب ضروري للإذاعة؛ لإحداث التنوع ومسايرة متطلبات المستمعين، والوصول إليهم حتى في أماكنهم، بل ومنازلهم، فما يمنع ان تسجل برامج تحمل رسالة المجتمع في البيوت.. كما اقترح للمواسم القادمة، المناسبات، أن يتم دراسة فكرة بث إذاعة مرئية وخاصة، لبعض البرامج المستقبلية المهمة ك "الخيمة الرمضانية" في موسم قادم.