عن ابن عباس (رضي الله عنهما) يصف الخوارج بعد دخوله لمناظرتهم: «دخلت على قوم لم أر قط أشد منهم اجتهادًا، جباههم قرحة مwن السجود، وأياديهم كأنها ثفن الإبل وعليهم قمص مرحضة مشمرين ، مسهمة وجوههم من السهر». ويقول جندب الأزدي: «لمَّا عدلنا إلى الخوارج ونحن مع علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، فانتهينا إلى معسكرهم، فإذا لهم دوي كدوي النحل من قراءة القرآن». هذه بعض صفات الخوارج الأوائل، لكنهم مع ذلك كانوا قوما ذوي غلو أدى بهم إلى تكفير مرتكب الكبيرة والحكم عليه بالخلود في النار ، ولأن طريق الضلال موحش ومتشعب ولا يقف عند سبيل معينة، فقد كفّر هؤلاء الخوارج كل من لم يأخذ برأيهم ويسير على طريقتهم وبنوا على هذا التكفير أحكاما مهولة من استباحة الدم والمال والعرض؛ بل وصل الأمر بفرقة مثل الأزارقة من الخوارج إلى استباحة قتل نساء وأطفال مخالفيهم، وهذا ما أوصلهم إليه غلوهم وتنطعهم ولن يشاد أحد هذا الدين إلا غلبه. من أجلى صفات هؤلاء الخوارج الجهل بالدين والفهم السقيم لكتاب الله وسنة رسوله (صلى الله عليه وسلم) فهم يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم ومن جهلهم الشنيع أنهم أنزلوا آيات نزلت في الكفار على المؤمنين؛ يقول عنهم ابن عمر رضي الله عنهما:» إنهم انطلقوا إلى آيات نزلت في الكفار فجعلوها على المؤمنين». وكان ابن عمر إذا سُئل عن الحرورية؟ قال: «يُكفِّرون المسلمين ويستحلِّون دماءهم وأموالهم، وينكحون النساء في عُدَدِهِم، وتأتيهم المرأة فينكحها الرجل منهم ولها زوج فلا أعلم أحدًا أحق بالقتال منهم». وفتنة الخوارج امتدت إلى عصرنا الحاضر، وقد نال أهل الإسلام من شرهم ما لم يعد خافيا على ذي بصيرة؛ حملهم على ذلك جهلهم وغلوهم، واستكبارهم عن سماع نصح الناصحين، يفتيهم في غلوهم غلمان حدثاء الأسنان، سفهاء الأحلام.