في ليلة بعد كأس العالم عام 1994 بأمريكا، وبعد الخروج الصادم لكولومبيا من الدور الأول للمونديال، كان أندرياس سكوبار نجم خط الدفاع الكولومبي، والذي أحرز هدفاً بالخطأ في مرماه أمام أمريكا، خارجاً من أحد المطاعم في مدينة «ميدلين» بكولومبيا، ليجد في انتظاره حسب الروايات، ثلاثة رجال وسيدة، ضربوه بقسوة، فحاول الهرب إلى سيارته، ليباغته أحد الرجال بست رصاصات وهو يقول له: «شكراً للهدف الذي سجلته في مرماك». هذا ما تفعله الخسارة في كولومبيا، أو حتى ما تفعله المراهنات.. المهم أن الأمور هناك خارج السياق وخارج النسق، وبعيداً عن التهديدات بالقتل والتي تلقاها المدافع الكولومبي أيضاً خوان زونيجا بسبب ما فعله مع نيمار، فإن الشاهد في المسألة هو أن زونيجا من ثقافة لا تكترث كثيراً بالإصابة، أو ربما أراد زونيجا أن يظهر لمشجعيه، كيف أنه قاتل ودافع حتى النهاية، ولا مانع من أن يفعل ما فعل بنيمار.. ربما يشفع له ذلك عند مشجعيه، ومن بينهم همبرتو مونزو الذي أطلق سراحه منذ تسع سنوات بعد أن قضى 11 عاماً في السجن لإدانته بقتل اللاعب انديرس اسكوبار. زونيجا الذي تلقى بالفعل تهديدات بالقتل، نقلتها وسائل التواصل الاجتماعي، لا شك أنه لا يخشى من الكولومبيين، بقدر ما يخاف من عشاق السامبا، الذين يترقبون نهاية الحملة البرازيلية في كأس العالم، ولو حدث خلاف ما يتمنون، سيكون زونيجا المطلوب رقم واحد لدى الجماهير البرازيلية. زونيجا، يستحق العقوبة، وما قاله عن أنه لم يقصد إيذاء نيمار، لا محل له من الإعراب، ومن لعبوا الكرة، حتى ولو في الشارع، يعلمون أن حركة كتلك التي أتى بها زونيجا، لا معنى لها سوى الإيذاء، سواء كان قليلاً أو جسيماً كما حدث مع فتى البرازيل الذهبي، الذي أصيب بكسر في إحدى فقرات ظهره، وهي إصابة في العالم الثالث، قد تعجل بنهاية مشوار أي لاعب. زونيجا، عندما قفز على ظهر نيمار، لم يكن يريد سوى إيذائه، وإذا كنا والعالم معنا، قد أقمنا الدنيا ولم نقعدها عند عضة سواريز، فالأولى أن نفعل ذلك بسبب ما حدث لنيمار، وعلى الاتحاد الدولي لكرة القدم أن يكون حاسماً، وأن يضع حداً لهذه الموضات التي بدأت تغزو الملاعب، وأن ينظر إلى الواقعة كجزء من حالة عنف عام شهدتها المباراة، التي شهدت قرابة 60 خطأ من التحامات قوية. أكثر من لاعب تحدثوا عن تلك المأساة، ومن بينهم مدافعون، أكدوا أن ما فعله زونيجا، ليس له سوى تفسير واحد، وهو أنه تعمد إصابة نيمار، والفيفا ليس بحاجة إلى انتظار تقرير الحكم أو تشكيل لجنة من الخبراء، فتقرير المستشفى هو الفيصل، وغياب نيمار هو الحكم، وأحزان البرازيل وربما الجماهير العالمية أكبر مبرر لوضع حد لهذا العبث من لاعبين تناسوا طبيعة كرة القدم، وحولوها إلى ساحة للقتال. ثم أي تقرير ينتظره الفيفا من حكم المباراة، والأخير حتى لم يوجه إنذاراً إلى زونيجا على فعلته، وكأنه لم يرها، وخرج نيمار وهو يصرخ، لتفقد البرازيل والبطولة، واحداً من أبرز نجومها، لكنه أصر على مؤازرة زملائه، ووجه خطاباً إلى الأمة البرازيلية، التي لم تفرح بالفوز على كولومبيا، وتخشى ألا تفرح مرة أخرى. كلمة أخيرة: أتصدقون أن الشعب الكولومبي هو الأسعد والأكثر تفاؤلاً في العالم؟