خلف ستار الصمت البادي في ملامح وجهه.. يستل قامته بالعصامية تارة, والموروثة تارة أخرى.. «ليمضي واثق الخطوة يمشي ملكا» كالرمح الذي لا ينكسر مهما تقدم به العمر..!! ** يخيل لي وهو ينافح في الذود عن خشباته الثلاث كقمر ينام على راحة خد.. فقامته الأنيقة لها جاذبية العمالقة.. وقفزته هنا وهناك أشبه بسيرك متقن.. يفتن العيون والقلوب في آن واحد..!! ** يأخذني هذا الأخطبوط لطقوس الفرح الأولى في اسكتلندا ناشئا.. وبلاد العم سام شابا.. لكنني أقف حائرا في تفاصيل حركته وملامح وجهه.. فهو منذ ذلك الوقت لم يكبر.. منذ ذلك الوقت لم يفقد رشاقته.. منذ ذلك الوقت وهو الأول.. لم تؤخره السنون.. يا الله يا الله يا الله.. أكثر من ربع قرن وهو في القمة. ** تتناسل منه لغة بريئة.. هكذا شعرت وهو يقسم بالله ثلاثا.. يقولون عنه إنه يملك براءة الصغار وهو على مشارف الأربعين.. ويقولون إنه لا يراوغ ولا يجيد اللعب من تحت الطاولة.. والأهم أنه صافي النية.. لذلك ظل شامخا في عطائه وكرمه الكروي لأكثر من 25 سنة وهو في القمة..!! ** لم يساوره نبض السؤال.. إلى أين يمضي؟ يكتفي دائما بالإجابة عبر الخشبات الثلاث.. أنا هنا..!! ** رحل مهاجمون.. وجاء آخرون.. وبقي هو نجمة على شفاه الهلال.. وخيمة يستظل بها مدافعوه.. كلما ارتخوا أو تعبوا.. ان وقعوا انتشلهم بإبداعه في حماية شباكه..!! ** يتساءلون عن بخله للمهاجمين الخصوم.. وكرمه للمدافعين أصحاب القمصان الزرقاء.. ونسوا أن مسقط رأسه محطة الكرم العربي..!! ** ويسألون عن موروثه الكروي.. ونسوا انه من بيت يجيد حماية الخشبات الثلاث منذ إطلالة شقيقه الأكبر عبدالله. يأخذني هذا الأخطبوط لطقوس الفرح الأولى في اسكتلندا ناشئا.. وبلاد العم سام شابا.. لكنني أقف حائرا في تفاصيل حركته وملامح وجهه.. فهو منذ ذلك الوقت لم يكبر.. منذ ذلك الوقت لم يفقد رشاقته.. منذ ذلك الوقت وهو الأول** ويسألون عن سر التميز في التصدي للكرات بقدميه في اللحظات العصيبة.. فهو مختلف عن حراس العالم.. مختلف عن المبدعين والمتميزين رغم إبداعه وتميزه.. ونسوا أنه تربع بين خشبات اليد قبل القدم..!! ** محمد الدعيع الذي عرف طعم الإنجازات العالمية وعمره لم يتجاوز السابعة عشرة في اسكتلندا.. فتح عينيه على الذهب.. ومنذ ذلك الوقت سبح في بركة ذهب من الألقاب الشخصية.. وحمل الكؤوس والدروع مع فريقه الهلال بعد أن ترعرع في الطائي.. وساهم مع الأخضر السعودي في تحقيق إنجازات قارية وخليجية وعربية.. والأهم أن قدمه وطأت نهائيات كأس العالم أربع مرات. ** أسهمه في بورصة النجوم لم تهبط.. وظل مؤشره الأكثر اخضرارا.. أسد في تداوله المحلي والدولي.. وما زال اسمه يرفرف في أروقة ال «فيفا» كأبرز النجوم في سباق عمادة لاعبي العالم. ** كلما كبر وتقدم به العمر.. تميزت حركته البهلوانية بين الخشبات.. وزادت رشاقته.. وكبرت همته.. وارتفع تركيزه.. وقلت الأهداف التي تلج شباكه.. وكأن المثل القائل «الدهن في العتاقي» مسجل باسمه. ** تعجبني ابتسامته في الفوز والخسارة.. فهو نجم لا يتصنع المواقف.. بعفويته يتحدث.. وبطيبته يتسلح.. لا يتهرب وقت الهزيمة.. ولا يتبجح عند الانتصار.. ويعطي كل ذي حق حقه. ** يتفق عليه الجميع.. ولا يختلف معه حتى الخصوم.. فهو بعيد عن لعبة التجاذبات.. وبعيد عن لغة المهاترات.. ليس مع أو ضد.. يلبس ثوب التواضع.. ولا يدخله الغرور رغم ما حققه في مسيرته الكروية من إنجازات فريدة. ** سنة بعد سنة يغوص في بحيرة الإنجازات.. كزعيمه لا يرضى بالقليل.. حتى قيل ان الدعيع لا يمر عليه فصل الخريف من بين فصول السنة.. فهو ربيعي بالفطرة..!! ** ويبقى السؤال.. هل سيكون للمجد بقية؟ وتأتي الإجابة بين البداية والنهاية غابة من الانتصارات والإنجازات.. وواحة من الورود.. فمن الظلم أن يكون خبر المبتدأ مخالفا للقاعدة النحوية.. أي أن النهاية لن تكون متناقضة مع البداية. ** الدعيع تاريخ لم يدخله الغرور.. لكنه أيضا ظلم كثيرا بالتجاهل.. فهو الأكثر إنجازا والأقل حضورا في وسائل الإعلام مقارنة مع أقرانه النجوم.. تمعنوا في هذا التاريخ ستجدونه الأفضل رقما ومستوى ومشاركات وإنجازات.. لكن مشكلته أنه نجم غير مشاغب. ** هذه الكلمات كتبتها من قبل للدعيع.. ولم أجد أجمل منها لتقديهما في يوم وداعه المستطيل الأخضر..!!