الصور التي انتشرت في شبكات التواصل الاجتماعي كانت مؤلمة جداً ومع ذلك تقول الناشطة الحقوقية «سمر بدوي» التي اطلعت بنفسها على الضحية إن ما شاهدته في الواقع أفظع بكثير مما شاهدته بالصور، الضحية هذه المرة كانت امرأة حاملاً في شهرها الثاني، تعرّضت للضرب المبرح من زوجها أو نستطيع أن نقول إنها تعرّضت للتعذيب، فذلك أقرب وصف للحقيقة. الزوج الذي اعتاد ضرب زوجته قرر ذلك اليوم أن يقوم بحبس ابنتيه الصغيرتين في غرفة وينفرد بزوجته بالغرفة الثانية للقيام بحفلة التعذيب التي ابتدأت منذ الساعة الخامسة فجراً وحتى الرابعة عصراً وبآلة واحدة فقط .. «مفك». القصة لم تكن تنشر لولا أن الزوجة استطاعت الهرب لبيت أختها واتخاذها قراراً شجاعاً بنشر ما تعرّضت له حتى يستيقظ المجتمع ويتنبّه لجرائم فظيعة ترتكب بداخل بعض البيوت. هذه الجريمة ليست الأولى، وقطعاً ليست الأخيرة، وحجمها الكبير الذي يدقُّ ناقوس الخطر بدا صوته واضحاً ومسموعاً من إحصائية أخيرة صادرة من هيئة حقوق الإنسان بالسعودية تشير إلى أن نسبة العنف الأسري محلياً تصل إلى 45%. قد لا يُنكر أحد وجود عدد من المبادرات لحل هذه المشكلة ومنها توجيه وزير الشؤون الاجتماعية بتفعيل الرقم 1919 للتبليغ عن حالات العنف، مع العلم بأن وجود الرقم لا يعدّ كافياً إن لم يتم إيجاد آلية واضحة وسريعة وجدية للتعامل مع كل بلاغ، فهذه المرأة سبق لها أن اشتكت لجهات مسؤولة عدة مرات من زوجها ولم تجد أي استجابة. الدور المطلوب على الجهة التي ستتصدّى للعنف الأسري كبير جداً ومؤثر وبالتأكيد لن تستطيع جهة واحدة التصدّي وحدها لهذه المشكلة فيأتي هنا دور المجتمع المدني الذي يقف عاجزاً دون السماح له بالعمل وتأسيس الجمعيات الأهلية المتخصّصة بشكل أسرع، والدور يكتمل بتشجيع المتطوعين العاملين فيها بمنحهم الحرية للتحرّك بشكل أكبر في رصد هذه الحالات ووضع الحلول لمعالجتها وقبل ذلك توعية المجتمع بمخاطر ما يجري. قصة هذه المرأة هي نموذج لكثير من الحالات وقصة توضّح أن مثل هذه القضية غير مرتبطة أو مؤثرة بشخص واحد فقط، بل هي قصة أبطالها كُثر يؤثرون ويتأثرون، ومن أبرزهم في هذه الحالة ابنتا المرأة، وتبلغ إحداهما 11 سنة والثانية 15 سنة وتعاني الكبرى من حالة نفسية من جرّاء ما يحدث في بيتها. ومن المهم أيضاً ألا تتم معالجة ظواهر المشكلة دون البحث عن جذورها، وألا يكون الانشغال بمعالجة الضحايا عن حمايتهم، دون معرفة سبب إقدام الشخص المعنف والمعتدي لهذا الفعل، وهو طرف آخر مهم وقد يظن في حالة المرأة السابقة أن زوجها غير متعلم ولكن ستفاجأ أيها القارئ عندما تعلم بأن الزوج يحمل شهادة الماجستير !!