فيما كان المتطوّعون في أنحاء شتى من العالم يحتفلون باليوم العالمي للتطوّع الذي يصادف الخامس من ديسمبر من كل عام عبر احتفالات خاصة أقيمت للاحتفاء بهم وتكريمهم بهذه المناسبة، كان المتطوّعون والمتطوّعات في السعودية يحتفلون بذلك اليوم وهم يتداولون تفاصيل ما قامت به الشهيدة "ريم النهاري" قبل أيام.. وأصبحت قصة المعلمة الشابة عزاءهم عن غياب أي فعاليات تحيي ذلك اليوم داخل المملكة ليتخذوها فرصة لتعميق مفهوم التطوّع ونشر ثقافة التطوّع من منطلق ديني ووطني.. كان عزاؤهم أن ريم بتضحيتها بنفسها بعد أن جعلها الله سبباً في إنقاذ 25 طفلة من وسط حريق مدرسة براعم الوطن الأهلية بجدة ضربت للعالم أجمع أروع الأمثلة في التطوّع والشجاعة والتضحية. ما فعلته ريم، وما قام به المتطوّعون في كارثة سيول جدة وفي مساعدة ضحايا عاصفة الرياض، إضافة إلى الكثير من المبادرات التطوعية التي أطلقها شباب عبر فضاء الإنترنت وعلى أرض الواقع، دفعتني لأن أطالب مراراً – على مدار مقالات عدة - بضرورة استثمار ما قام به هؤلاء المتطوّعون وإنشاء مشروع وطني دائم يضمّ المتطوعين ويوجّه أعمالهم ويشجّع على نشر ثقافة التطوّع في المجتمع. كان عزاؤهم أن ريم بما فعلته أرسلت رسالة للعالم أجمع مفادها أن ديننا الإسلامي الحنيف سبق كل العالم في الدعوة إلى التطوّع، وحثنا على البذل والعطاء ومساعدة الآخرين التي هي جوهر العمل التطوعي، "من فرج عن مؤمن كُربة من كُرب الدنيا فرّج الله عنه كربة من كُرب يوم القيامة" و"الله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه".. أعادت ريم إلى أذهان الجميع صور التكافل والتراحم التي رسمها آلاف المتطوّعين الذين توافدوا على الأحياء المتضررة بجدة بمبادرات ذاتية منهم في مثل هذا الوقت قبل عامين. أعادت ريم تسليط الضوء على التحديات التي تواجه المتطوعين بدءاً من صعوبة إصدار التراخيص للجمعيات والمراكز التطوعية وانتهاء بعدم وجود مظلة إلى الآن تضمّ المتطوّعين وتنظم عملهم وتنسق جهودهم وتتولى توفير العلاج للمصابين منهم وتقوم برعاية وتكريم الشهداء منهم. ما فعلته ريم، وما قام به المتطوّعون في كارثة سيول جدة وفي مساعدة ضحايا عاصفة الرياض، إضافة إلى الكثير من المبادرات التطوعية التي أطلقها شباب عبر فضاء الإنترنت وعلى أرض الواقع، دفعتني أن أطالب مراراً – على مدار مقالات عدة - بضرورة استثمار ما قام به هؤلاء المتطوّعون وإنشاء مشروع وطني دائم يضمُّ المتطوعين ويوجّه أعمالهم ويشجّع على نشر ثقافة التطوّع في المجتمع.. وحمداً لله أن مجلس الشورى سبق أن وافق على مشروع "نظام العمل التطوعي" إلا أنه لم يخرج للنور بعد، وبإذن الله يدخل المشروع حيّز التنفيذ قريباً بعد موافقة خادم الحرمين الشريفين، ولكن آمل أن يتم تطبيق هذا النظام بأثر رجعي لنكرم الشهداء ونعوّض المصابين ونقدّر المتطوعين. وختاماً، ندعو الله أن يرحم الشهيدة ريم النهاري، وأن يتغمّدها بواسع رحمته، وأن يُلهم ذويها الصبر والسلوان.. ونأمل أن تكون ما فعلته ريم دافعاً للتعجيل بسرعة خروج مشروع "نظام العمل التطوعي" إلى النور، ليضمّ المتطوعين تحت مظلته ويوجّه أعمالهم ويشجّع على نشر ثقافة التطوّع في المجتمع.. وليكن لنا في ريم قدوة حسنة، فليتطوع كل منا بماله أو وقته أو مجهوده أو علمه أو أفكاره بالتنسيق مع المؤسسات المعنية، بما يصبّ في صالح الوطن، وفق الله الجميع إلى ما يحبه ويرضاه. [email protected]