على رغم ظهور نشاط لافت في السعودية للمتطوعين، خصوصاً بعد أن شهدت مناطق عدة الحاجة إلى عقولهم وسواعدهم خلال أحداث «كارثة جدة» ونزوح أهالي بعض القرى الجنوبية أثناء الحرب مع الحوثيين، إضافة إلى الأمطار التي هطلت على الرياض، إلا أن العديد من المتطوعين أكدوا أن عدم وجود التشريع والتنظيم والدعم الكافي للعمل التطوعي «يخنق» الأعمال التطوعية، ويجعلها «تعيش» في دائرة العشوائية والارتجال والنشاط الموقت الذي تحركه العواطف في ظل عدم وجود عمل مؤسسي يهدف إلى تنظم العمل الجماعي ويحسن الأداء. أمام ذلك، كان مجلس الشورى، عبر لجنة الشؤون الاجتماعية والأسرة والشباب، استعان ب41 خبيراً، للمساهمة في صياغة مواد ونصوص مشروع نظام العمل التطوعي، ويتلخص أبرز ما قدمه هؤلاء الخبراء في محاور هي تنشيط العمل التطوعي، التسريع في الترخيص للأعمال التطوعية، تحديد معنى العمل التطوعي، وواجبات ومسؤوليات المتطوّع، وتأهيل وتدريب المتطوّع، غير أن عضو مجلس الشورى الدكتور راشد الكثيري يوضح ل«الحياة»، أن المجلس انتهى من دراسة النظام، إضافة إلى مشروع نظام الجمعيات والمؤسسات الأهلية، وتم الرفع بهما إلى مجلس الوزراء، إلا أنها لم يقرا بعد. وفي الوقت الذي يحتفل فيه العالم اليوم (الاثنين) 5 كانون الأول (ديسمبر) 2011 باليوم العالمي للتطوع، كشف العديد من المتطوعين أن أبرز التحديات التي تواجه رغبة في ممارسة العمل التطوعي، بدءاً من صعوبة إصدار التراخيص للجمعيات والمراكز التطوعية، إذ ان إصدار ترخيص لجمعية يحتاج إلى «إجراءات طويلة ومعقدة»، وفي حال نفدت كامل الإجراءات ليس شرطاً أن تنال «حظك» في الترخيص بالعمل التطوعي، خصوصاً أن كثيراً من الراغبين في ممارسة النشاط التطوعي يشتكون من «العمل العشوائي والفوضوي في ظل عدم وجود تسهيل لإيجاد مظلة ترعى أنشطة وأعمال المتطوعين، على رغم حاجة السعودية إلى مثل هذا العمل المؤسسي، حتى تكون تلك الأعمال ذات مرجع واضح، وتحت نظام محدد ومعروف للجميع». وكان أعضاء في مجلس الشورى قدموا توصية بإيجاد مجلس أعلى للتطوع يتمتع بشخصية اعتبارية وموازنة مستقلة، إضافة إلى ارتباطه برئيس مجلس الوزراء ليكون مقره الرئيسي في الرياض، إلى جانب إنشاء فروع أو مكاتب في مناطق السعودية الأخرى بحسب الحاجة، غير أن البعض بات «يتخوف» من أن إنشاء جهة رسمية معنية بالتطوع ربما يثقل كاهله بالروتين والبطء الحكومية في ظل وجود جيل الشبان والفتيات لا يعترف بممارسات العمل البيروقراطي المحبطة. وطالب عدد من الناشطين في العمل التطوعي مّمن تحدثت لهم «الحياة» بأهمية التجاوب مع رغبات الشباب المتطوعين، إذ يقول مؤسس مشروع «عالم التطوع» على الإنترنت خالد محمد الحجاج، الذي لم يتم منحه حتى الآن ترخيصاً لجمعية مختصة بالعمل التطوعي، على رغم رفعه بأوراقها منذ عامين إلى وزارة الشؤون الاجتماعية، ان «غياب التشريع والتنظيم للعمل التطوعي يسهم في ظهور الفوضى والإحجام عن ممارسة العمل التطوعي»، داعياً إلى وجود «تشريعات تشجع وتحوي تأطير الأعمال والمشاريع والمبادرات التطوعية»، مؤكداً أن كثيراً من «التجارب التطوعية تحمل صفة العمل الموقت، ولا تملك طبيعة الاستمرارية، اذ انها ترتبط بالعاطفة ورد الفعل غالباً»، مشدداً على أهمية إيجاد مشاريع ومبادرات تسهم في نشر ثقافة العمل التطوعي في المجتمع، مشيراً إلى أن من التحديات والمعوقات التي تعترض المتطوعين والمتطوعات، «ضعف الموارد المالية للجهات التطوعية»، لافتاً إلى أن ثقافة العمل التطوعي لم تكتمل بعد في المجتمع. واعتبر الشاب خالد التميمي (34 عاماً) في حديث ل«الحياة»، أن هناك مشكلات عدة تواجه المتطوعين، من أبرزها عدم السماح للشباب بالمشاركة في صنع البرامج والأنشطة والقرارات في الجهات التي تدعم التطوع، إضافة إلى ضعف البرامج التدريبية التي تسهم في بناء جيل واع من المتطوعين، منتقداً «احتكار» البعض للعمل التطوعي، خصوصاً الذين يحاولون استبعاد مبادرات الشباب المتطوعين، إما جهلاً بأهمية خلق قيادات تطوعية جديدة، أو خوفاً من بروزهم على حسابهم. ...ومساعٍ للوصول إلى 15 ألف فكرة «تطوعية» في اختفاء مظاهر الاحتفال... تحضر «ريم النهاري»