حسناً فعلت المديرية العامة للدفاع المدني بإعلانها فتح باب التطوع للمشاركة في تنفيذ أعمال الدفاع المدني في مختلف مناطق البلاد رغبة منها "في إتاحة الفرصة للمواطنين بالمشاركة في خدمة هذا الوطن من خلال الإسهام التطوعي في حماية الأرواح والممتلكات العامة والخاصة أثناء مواجهة حالات الطوارئ بما يساعد على التقليل والتخفيف من آثارها" بحسب البيان التي أصدرته، والبيان بحسب الموقع الإلكتروني للمديرية قد صدر بتاريخ 18/5/1431ه أي قبل يوم واحد من العاصفة التي اجتاحت العاصمة الرياض الاثنين الماضي.. صحيح أن البيان تم نشره بعد العاصفة بشكل أعطى إيحاء للقارئ أنه جاء رد فعل بعد العاصفة لكن الحقيقة - كما يظهر تاريخ الخبر بالموقع - أن البيان استبق العاصفة وهذا أمر يحسب للمديرية العامة للدفاع المدني لا يحسب ضدها، لأنه يثبت مدى الحاجة لوجود إطار رسمي يضم المتطوعين وينسق جهودهم. فمنذ الدور الإيجابي الذي لعبه المتطوعون في كارثة سيول جدة دعوت- ودعا غيري- إلى ضرورة استثمار ما قام به هؤلاء المتطوعون لإنشاء مشروع وطني دائم يضم المتطوعين ويوجه أعمالهم ويشجع على نشر ثقافة التطوع في المجتمع، على اعتبار أن التطوع – كما سبق وأن ذكرت في مقالي آنذاك- " هو حالة من العطاء وبذل النفس من أجل الآخرين ومجالاته لا تقتصر على أوقات الكوارث والأزمات، بل يمكن التطوع في كل وقت وحين وفي مجالات شتى لمساعدة الغير". وقد كشفت عاصفة الرياض هي الأخرى عن المعدن الأصيل لشبابنا، الذي تطوع عدد كبير منهم في تنظيم حركة السير- وقت العاصفة- في بعض الطرق والمشاركة في إنقاذ المحتجزين والمصابين جراء ما حدث، إضافة إلى قيام آخرين بإنشاء مجموعة على موقع (الفيس بوك) لمتابعة إغاثة المتضررين وتنسيق أعمال الإغاثة وتوجيه من يرغب في التطوع وتقديم المساعدة لمن يحتاجها في صورة تعكس تكافل وتضامن ورقي مواطني هذه البلاد. وسواء جاءت خطوة المديرية العامة للدفاع المدني لفتح باب التطوع سابقة لعاصفة الرياض أو لاحقة لها فهي خطوة على الطريق الصحيح لتنسيق الأعمال التطوعية في هذا المجال وتدريب المتطوعين على القيام بأداء هذه الأعمال كما ينبغي صونا لحياتهم وحياة من يحاولون إنقاذهم، وحسنا فعل الدفاع المدني عندما أتاح الفرصة للمرأة للتطوع هي الأخرى بعد موافقة ولي أمرها، على أن يقتصر دورها على ما يناسب قدرتها ولا يتعارض مع الأحكام الشرعية والعادات والتقاليد، وكلنا كنا شهوداً على الدور الرائد الذي قامت به المتطوعات خلال كارثة سيول جدة. وإن كان الدفاع المدني- على الصعيد الرسمي- حاول تنسيق وتنظيم الأعمال التطوعية من خلاله فتح باب التطوع، فلا يفوتني الإشادة بالمبادرة الشبابية الرائعة لإطلاق نادي "لبيه" الإلكتروني مؤخرا – بدعم من الأميرة نورة بنت عبدالله بن محمد آل سعود -، بهدف بناء عائلة تطوعية كبيرة في كافة أرجاء البلاد، عبر إنشاء منظمات طوعية ، يتم خلالها جمع كافة الجهود التطوعية في بلادنا، واستثمار الجهد التطوعي ، من خلال دراسة الأولويات والتجارب والأخطاء في التجارب التطوعية السابقة ، والدفع بالإمكانيات المتاحة ضمن تلك الدوائر التي تحتاج لخدمات المتطوعين ، دون تشتيت الجهود أو ازدواجية العمل وتداخل الاختصاصات ، مثلما حدث في كارثة جدة التي كانت أكبر اختبار للمجتمع " التطوعي " المحلي في مواجهة أزماته، بل ويسعى النادي- بحسب موقعه على الإنترنت- إلى تأسيس قوائم للمتطوعين بكافة اهتماماتهم ، وفتح حساب للأفكار التطوعية النيّرة التي تعمق دور الإنسان في ازدهار المجتمعات ورفاهيتها، فتحية واجبة لأصحاب فكرة النادي والداعمين له والمشاركين فيه. وختاما آمل أن تتم الاستفادة من هؤلاء الشباب وأفكارهم في إنشاء جمعية أو نادٍ للمتطوعين تتبناه الدولة ويرعاه رجال الأعمال ويروج له الإعلام نستثمر فيه طاقات شبابنا ومواطنينا ورغبتهم في العطاء، فمع كامل تقديري للخطوة التي قام بها الدفاع المدني فإن الأعمال التطوعية تحتاج إطاراً أوسع للم شمل المتطوعين وتنسيق جهودهم في كافة مجالات ومناحي التطوع، نريد أن ندفع باتجاه إنشاء جمعية سعودية للمتطوعين تكون إطاراً جامعاً للأعمال التطوعية بالتنسيق مع المؤسسات المعنية، بما يصب في صالح الوطن والمواطن.