منذ تأسيسها قبل أكثر من تسعة عقود، والمملكة تحرص على تعزيز صناعة الخير بشكل مُمنهج في إطار عمل مؤسسي مستدام، يهدف إلى التخفيف من معاناة البشر في مشارق الأرض ومغاربها، دون النظر إلى دياناتهم أو أعراقهم، إيماناً منها بأهمية الدور الإنساني والتنموي الفاعل الذي تقوم به تجاه الدول المحتاجة والمتضررة، والوقوف بجانبها، حتى تتجاوز محنها بأقل الخسائر، الأمر الذي جعل البعد الإنساني نهجاً سعودياً ثابتاً لا يحيد عنه قادة المملكة، بداية من المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن -طيب الله ثراه- وصولاً للعهد الزاهر لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي عهده الأمير محمد بن سلمان -حفظهما الله-، اللذين رسخا هذا النهج القويم من خلال مركز الملك سلمان للإغاثة. وعبر مسيرته الإنسانية الطويلة نجح المركز في بلورة العمل الإنساني من خلال الارتقاء باحترافية صناعة الخير، وتسريع وتيرته، والوصول بالخدمات الإنسانية إلى كل المواقع التي يُوجد فيها المحتاجون والمتضررون، ما جعل المركز أيقونة العمل الإنساني ليس في المملكة فحسب، وإنما في منطقة الشرق الأوسط والعالم، وبالأمس، توج المركز مسيرته بتنظيم منتدى الرياض الدولي الإنساني تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، ويشارك فيه القادة والمانحون والعاملون والخبراء في مجال العمل الإنساني من مختلف دول العالم، بالشراكة مع منظمة الأممالمتحدة ومنظماتها الإنسانية. أهداف المنتدى في نسخته الرابعة تجعل منه فرصة كبرى للوصول إلى استراتيجيات جديدة، تعزز من استخدام التقنيات الحديثة في مجال المساعدات الإنسانية، هذه الأهداف تتمحور حول تعزيز آليات التعامل المثالي مع مشروعات صناعة الخير عالمياً، والوصول بالخدمات الإنسانية النموذجية إلى كل الفئات المستهدفة في وقت وجيز، وتفعيل دور الدبلوماسية الإنسانية في النزاعات والكوارث، مع الارتقاء بالمساعدات الإنسانية وسلال الإمداد، ومعالجة النزوح في عصر الصراعات المتزايدة والكوارث الطبيعية، ويشير إلى هذه الأهداف مجتمعة عنوان المنتدى وهو «استكشاف مستقبل الاستجابة الإنسانية». وتتبلور أهمية المنتدى أكثر وأكثر في توقيته الذي تشهد فيه المجتمعات الإنسانية تحديات غير مسبوقة نتيجة الحروب والصراعات العسكرية في مناطق متفرقة حول العالم، الأمر الذي يتطلب معه استجابة أكثر كفاءة وابتكارًا، وكأن المنتدى بذلك يبعث برسالة عاجلة إلى المجتمعات البشرية بأهمية تضافر الجهود والتنسيق بين الحكومات والمنظمات الدولية ومؤسسات المجتمع المدني، لضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى الفئات الأكثر احتياجًا.