في زيارتي الأخيرة للولايات المتحدة قابلت عدداً كبيراً من الطلاب السعوديين المبتعثين من برنامج خادم الحرمين الشريفين، وكذلك الدارسين على حسابهم فعاد بي شريط الذكريات إلى تسونامي البعثات في منتصف السبعينات وأوائل الثمانينات من القرن الماضي وما واجهه أوائل المبتعثين من تحديات على رأسها اللغة بالرغم من الظروف المعيشية المستقرة والمعقولة آنذاك. الحقيقة أن اللغة لم تعد التحدي الوحيد الذي يواجهه الطلاب والطالبات السعوديين في الغربة، بل لقد اصبحت تكاليف المعيشة في الولاياتالمتحدة صعبة جداً وتتزايد بدرجة غير مسبوقة بالرغم من تراجع أسعار النفط من حوالي 147 دولارا في الربع الأول من 2008 إلى دون 100 دولار في الآونة الأخيرة. وكان منطقياً أن تتراجع تكاليف المعيشة في الولاياتالمتحدة تبعاً لذلك، لكن ذلك لم يحدث. تكاليف السكن في صعود متزايد منذ منتصف 2008 حتى يومنا هذا لأسباب أوجزها هنا. أولاً، لقد كان لأزمة الرهن العقاري علاقة قوية ومباشرة بزيادة تكاليف السكن بحوالي 60 في المائة عما كان عليه قبلها، وهذا بسبب نسبة كبيرة من الأمريكيين الذين فقدوا منازلهم لعدم قدرتهم على تسديد القروض مما اضطر البنوك الراهنة إلى بيعها لغيرهم من القادرين على التسديد. الامريكيون الذين لم يستطيعوا الاحتفاظ بمنازلهم اضطروا إلى استئجار المنازل والشقق مما زاد الطلب عليها في ظل العرض المحدود، وبالتالي تأثر المبتعثون من ارتفاع الإيجارات للسكن في جميع أنحاء الولاياتالمتحدة. ثانياً، ساهمت الأزمة الاقتصادية العالمية في إفلاس عدد كبير من الشركات الصغيرة والمتوسطة في الولاياتالمتحدة مما ساهم في سيطرة الكبيرة منها على قطاع الجملة والتجزئة في المواد الغذائية والسلع الاستهلاكية الأخرى وبالتالي عندما وضعت معطيات معادلة المكافأة التي يستلمها الطالب الأعزب من الحكومة في الولاياتالمتحدة كانت النتيجة أن المكافأة الحالية لا تواكب الإحتياجات الأساسية للمبتعث من سكن وأكل وشرب وتأمين إجباري على السيارة وملابس واتصالات وكتب وخدمات أساسية ومصروفات أخرى. فالطالب الأعزب الذي يتقاضى مكافأة شهرية حوالي 1850 دولاربحاجة لزيادة تقدر بحوالي 35% مما هي عليه الآنزادت أسعارها بنسبة تجاوزت 50 في المائة. ثالثاً، تراجعت قيمة الدولار بسرعة بعد بزوغ أزمة الديون السيادية للولايات المتحدة وبالتالي زاد معدل التضخم المالي مما سهم في ارتفاع تكاليف المعيشة. وعندما وضعت معطيات معادلة المكافأة التي يستلمها الطالب الأعزب من الحكومة في الولاياتالمتحدة كانت النتيجة أن المكافأة الحالية لا تواكب الاحتياجات الأساسية للمبتعث من سكن وأكل وشرب وتأمين إجباري على السيارة وملابس واتصالات وكتب وخدمات أساسية ومصروفات أخرى. فالطالب الأعزب الذي يتقاضى مكافأة شهرية حوالي 1850 دولارا بحاجة لزيادة تقدر بحوالي 35% مما هي عليه الآن. وهذا يعني أن الطالب المبتعث الأعزب بحاجة لمكافأة شهرية في حدود 2400-2600 دولار شهريا. وتزيد تكاليف المعيشة للمبتعثين المتزوجين، وتتفاوت تكاليف المعيشة حسب عدد أفراد الأسرة. إذاَ تبرز حاجة المبتعثين للمكافأة الحكومية المحفزة التي تعكس غلاء المعيشة في الولاياتالمتحدة، فهي ليست للرفاهية بل لمواجهة أساسيات الحياة. جامعة الملك فهد للبترول والمعادن [email protected]