أظهرت صفقة الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط الأخيرة، مع حركة حماس، قيمة الإنسان أو الفرد لدى الدولة العبرية، وهي نفس القيمة التي تجبر دولة ما، على الحرص على استرداد رفات أحد جنودها بمئات من الأحياء .. فهل هذا هو فارق القيمة بين المواطن العربي، والمواطن الإسرائيلي أو الغربي. كلنا رأينا وطيلة خمس سنوات، كيف أقامت إسرائيل الدنيا وأقعدتها من أجل جندي أسر في حالة عدوان، وحاولت بشتى الطرق تحويل الأمر لقضية إنسانية متجاهلة عذابات آلاف ممن أسرتهم ظلماً وعدواناً. الولاياتالمتحدة، فعلتها قبل عقود، عندما قتل أحد مواطنيها على ظهر السفينة الإيطالية أكيلي لاورو، فاختطفت طائرة مصرية، واعتقلت من اعتقدت أنهم وراء الحادث، والغرب يفعل أكثر من ذلك في حالات مشابهة، بل ربما تهيج وسائل إعلامه عند تعذيب حيوان في دول العالم الثالث، بقصد أو بدون قصد، ولا ننسى كيف حكم على شقيق عربي في لندن قبل عامين، عندما أبعد بقدمه كلبا كان يحاول الاقتراب منه وهو يصلي في حديقة عامة، فاعتبرته المحكمة يهين الحيوان، ولكن.. ماذا عن أولئك الذين يقتلون الإنسان في فلسطين والعراق والصومال وأفغانستان وغيرها من دول العالم الثالث؟ بالطبع لا شيء، لأنهم هناك في الغرب، يقدرون قيمة الإنسان، فيما هو لدينا مجرد رقم، في التعداد السكاني فقط، حكوماته تعتبره عبئا عليها، يوم ولد دون اعتبار لكل قوانين الأسرة وعدم الإنجاب، ويوم يموت، حيث في بلدان عربية يعتبر البحث عن مقبرة أشبه بالبحث عن مسكن، رغم أن أرض الله واسعة! عندما تقايض دولة ما مجرد جندي، بقرابة 1030 من اسرى دولة أخرى، فمعناه أن حياة هذا الفرد توازي حياة 1000 من العرب، وهذا يعني بصراحة، أن قيمة المواطن العربي هشة للغاية، في نظر حكومته، استرخصته فاسترخصه الآخرون. تأملوا قيمة المواطن العربي، في سوريا، أو اليمن، وقبلها في ليبيا ومصر وتونس، لندرك الفارق الحقيقي بين عالم يثور لدم قطة تنفق في الطريق، وعالم لا يرى أي غضاضة في أن يسفك دم أبنائه ويقتلهم ويسحلهم علنا في الشارع، دون أن يرفّ له جفن. تأملوا كيف تقوم إسرائيل بمهاجمة قطاع غزة، من أجل جندي اختطف، أو صاروخ "فشنك" أصاب بعض المستوطنين بالرعب.. وتأملوا كيف تدهس بعض الأنظمة لدينا أبناءها.. هل هناك من مصيبة أخرى؟