التطورات الأخيرة في اليمن التي أدت إلى سقوط عشرة قتلى في معارك بين قبيلتين متنازعتين في صنعاء تم فيها استخدام أسلحة ثقيلة تنذر بتدهور الأوضاع إلى الأسوأ. حتى الآن لم يتم أي تطور أو انفراج في الأزمة السياسية اليمنية وكل الأطراف متخندقة في مواقعها ولا تريد أن تقدم أي تنازلات من أجل أن تعبر دولة اليمن إلى بر الأمان، وهذه المراوحة تعكس مدى التعقيد الذي يحيط بالأزمة ما يدفع المحللين والمراقبين الإعلاميين والسياسيين إلى التشاؤم إزاء أي انفراج، خصوصا أن المعارضة وشباب الثورة والسلطة فيما يبدو لا يملكون أفقا سياسيا يؤدي إلى المستقبل، وهنا تبدو المشكلة الأساسية حين تفتقد الأطراف الرؤية نحو مستقبل بلادها وتختلف إزاء الحلول المعروضة من قبل عدة جهات وعلى رأسها مبادرة مجلس التعاون الخليجي الذي قدم رؤية واضحة وشاملة تعنى بتأمين انتقال سلمي للسلطة عبر خطوات محسوبة تجنب الشعب اليمني المخاطر الأمنية والسياسية. التأزم الحاصل ناتج عن تجاذبات في المصالح بين القوى القبلية والقوى الشبابية التي أطلقت شرارة الثورة وكذلك بين السلطة التي يمثلها الرئيس علي عبدالله صالح، وتعارض المصالح هو تلاعب بالشعب اليمني والتضحية بالشهداء الذين قدمهم في سبيل الحصول على مستقبل أكثر إشراقا. هذا التخندق يدفع بقوى أخرى خارجية للدخول إلى ساحة المواجهة وتعزيز أوار النار المضطرمة وهو ليس ببعيد إذا ما طالت الأزمة أكثر من اللازم. الحل الذي قدمه مجلس التعاون الخليجي يضمن وحدة اليمن ويضمن مصالح الشباب والمعارضة ويأخذ بعين الاعتبار المنجزات السياسية التي حصلت على أرض الواقع ويدفع بالأفق السياسي إلى المشاركة المتعددة في صياغة المستقبل وكل المطلوب في هذه المرحلة هو أن يأخذ الجميع مصلحة وطنهم وشعبهم وأن يضعوا ذلك فوق أي اعتبار، وأي جمود في الأزمة بالتأكيد سيولد تطورات على الأرض ويحدث اليأس في الشارع اليمني ويتيح لقوى شريرة أن تتدخل في الشأن اليمني. الأمل كبير في عقلاء اليمن من المعارضة والقبائل وشباب الثورة والسلطة كذلك في الجلوس معا وتدارس سبل الخروج من المأزق والنظر بجدية إلى مبادرة مجلس التعاون باعتبارها المبادرة الوحيدة الجادة التي تضمن مصالح الشعب اليمني وتعزز من أمنه واستقراره وهي مبادرة تحظى بدعم دولي كبير وهو ما نأمله من عقلاء اليمن.