رفض تدويل الأزمة وأكد أن للملك عبدالله دورا مهماً في دعم استقرار اليمن.. الرئيس اليمني ل«عكاظ» في أول حوار لصحيفة سعودية: لن نسمح بالفوضى والانقلاب على الشرعية ومخططات خارجية تستهدف أمننا لست مع الرئيس اليمني علي عبد الله صالح في كل ما ذهب ويذهب إليه.. ولست ضده في كل شيء. ولكنني ضد كل شكل من أشكال الفساد والتدمير.. وتهديد مصلحة واستقرار اليمن واليمنيين.. ورغم أنني أعلنت ذلك أكثر من مرة وبأكثر من طريقة.. إلا أنني رغم كل ذلك أجد من يقول إنكم منحازون مع المعارضة ضد الشرعية.. كما أن هناك من يقول إنكم تتيحون الفرصة لرموز السلطة لإبداء آرائهم والتعبير عن توجهاتهم بحرية مطلقة. والحقيقة التي أحملها أمام ناظري بوضوح شديد هي أن على الإعلام رسالة مهمة تقتضي منه الحياد.. والحياد التام إذا ما أراد أن يكون له موطئ قدم راسخة في عالم الحقائق والإعلام الجديد. أما أن تنحاز ضد موقف.. لتدعم الموقف الآخر أو تشوه الحقائق وتقلبها رأسا على عقب كما فعلت قناة «الجزيرة» وصورت سجونا في العراق على أنها في اليمن.. فالفارق هنا كبير.. وكبير جدا. أو أن تستخدم فئات معينة في ظرف ما ومكان ما.. فإن تلك لعبة مكشوفة.. قد نفض وعي المتلقي يديه منها منذ عدة عقود بل وأزال آثارها من أي ضخ إعلامي لأنها لا تتفق مع أي طرح إعلامي محايد ومتجدد.. أما الإعلام المغرض الذي يكيل بمكيالين ويشوه الحقائق ويعمل على إشعال نار الفتنة وإبراز الخلافات وتعميق جذور الاختلافات.. فذاك هو الإعلام المخرب.. وهذا كان ردي على فخامة الرئيس اليمني علي عبد الله صالح حينما كنا نقف على منصة السبعين يوم الجمعة قبل الماضية عندما قال لي أين حقائق قناة الجزيرة «الصفراء» من هذه الملايين التي احتشدت هناك أمام عينيك أين هو التجييش المغرض لهذه المظاهرة المليونية.. إلى متى سيستمر هؤلاء الحاقدون في الكذب.. هكذا همس فخامته في أذني وسط ذلك الصخب الجماهيري الهائل.. نعم إلى متى سيستمرون في الكذب وتضليل الجماهير.. ألم يعوا جيدا الفوارق البدهية بين إعلام الحقائق.. وإعلام الإثارة. لم أتوقف طويلا عند هذه الملاحظة لأن المشهد أبلغ من كلمات مضللة كما أن الحدث لا يحتمل الدخول في كل هذه الدوائر المغلقة والضيقة. فالأمر هنا مختلف. لأن مصلحة وطن تتهدد واستقرار شعب بأكمله يوشك أن يتبدد. قررت أن أجمع حزم أمري وألقي بها أمام «فخامة الرئيس» بعد أن رفض مقابلتي ثم تراجع عن قراره عندما لمس حيادية ما تطرحه «عكاظ» لصالح كل الأطراف ودون التورط في تغليب أي مصلحة عدا المصلحة الوطنية العليا لليمن ولجارتها الكبرى المملكة ولجميع دول المنطقة. وإذا كان العرض المتوازن الذي نقدمه على صفحات عكاظ لأحداث اليمن لا يعجب بعض محبي «عكاظ» فإني أدعوهم لمتابعة بقية الحلقات حتى نهايتها ليروا الفرق.. بل إنني لا أذيع سرا إذا قلت إنني قد أعددت العدة لأوجه سؤالي الأول إلى فخامة الرئيس لماذا لا ترحل بعد أن أمضيت في تجربة الحكم 33 عاما.. وتعري كل ما يقال عن مؤامرات ومناورات. إلا أنه بادرني بقوله ماذا يمكن أن يقدم الإنسان أكثر من التنازل طواعية وحقنا للدماء عن كرسي الحكم. أدعوكم إلى الحوار المثير المتميز الذي أجريته وزميلي فهيم الحامد مع الرئيس علي عبد الله صالح.. آملا أن تجدوا بين ثناياه ما يفسر الظاهرة السياسية الشائكة والمعقدة في اليمن. * القيادتان السعودية واليمنية تدركان أن ما يهم أمن اليمن يهم المملكة والعكس * ندعو إلى الاتفاق على آلية تنفيذية ملحقة بالمبادرة حتى نضمن لها النجاح • فخامة الرئيس، يمر اليمن حاليا بمرحلة حرجة في ضوء الاحتجاجات التي تشهدها المدن اليمنية ومطالبات المعتصمين بتنحي الرئيس، ما هي قراءتكم لمجريات الأحداث الداخلية، وإلى أي مدى قد تؤثر هذه الأحداث على وحدة وسلامة واستقرار اليمن؟ ما من شك أن ما يحدث في اليمن يأتي ضمن تلك الموجة التي شهدتها المنطقة في إطار ما يسمى بالفوضى الخلاقة، أو الشرق الأوسط الجديد، حيث تمت محاكاة ما جرى في تونس ومصر، من قبل أحزاب اللقاء المشترك الذين ظلوا يطمحون للوصول إلى السلطة عبر الانقلاب على الديمقراطية والشرعية الدستورية، وبعيدا عن إرادة الشعب المعبر عنها في صناديق الاقتراع. وهذه الأحزاب رغم ما بينها من التنافر وعدم التجانس الفكري والمنهجية السياسية، إلا أنها اجتمعت في ما بينها على خصومة النظام، والمطالبة بإسقاطه لأنها عاجزة عن تقديم شيء مفيد يقنع الناس بها، وهذا ما ظهر في أكثر من جولة انتخابية لم تحصد فيها تلك الأحزاب من أصوات الناخبين غير القليل. من جانبنا، تعاملنا مع هذه الأزمة المفتعلة وتداعياتها التي مر عليها أكثر من ثلاثة أشهر ونصف الشهر تقريبا بحكمة وصبر، وبذلنا وما زلنا نبذل كل جهد من أجل تجنيب الوطن الانزلاق إلى أتون الفتنة وإراقة الدم. وقدمنا الكثير من المبادرات والدعوات من أجل الجلوس على طاوله الحوار، ولكن للأسف تلك الأحزاب ظلت على عنادها وتمترسها في مواقفها ورفضها الاستجابة لدعوات الحوار. ونحن نؤمن بأن الحوار هو السبيل الأمثل لمعالجة كافة القضايا، وهو المخرج النهائي لحل أي نزاع مهما طال، وما زلنا نتطلع بأن يستجيب العقلاء في أحزاب اللقاء المشترك لدعوة الحوار؛ لأن هذا الوطن هو ملكنا جميعا وأمنه واستقراره ووحدته مسؤوليتنا جميعا. أما في ما يتعلق بسؤالكم حول تأثير هذه الأحداث على وحدة وسلام واستقرار اليمن، فإننا نؤكد بأن الوحدة راسخة ولن يسمح شعبنا لأحد مهما كان بالنيل منها، رغم أن البعض يحاول استغلال الظروف الراهنة للترويج لمشروعه الانفصالي والتمزيقي، سواء في بعض مناطق الجنوب أو في شمال الشمال. ولهذا فإنهم يحاولون إثارة الفوضى والعنف والتخريب وقطع الطرقات، ويسعون إلى الانقلاب على الشرعية الدستورية من أجل تحقيق ذلك الهدف، ونحن لن نسمح لهم بتحقيق ذلك، لأن أي إضرار بوحدة اليمن وأمنه واستقراره لن ينعكس ويتضرر منه اليمن فحسب بل المنطقة عموما، ولنا في ما حدث في الصومال العبرة الكافية. • هل تعتقدون فخامتكم أن المبادرة الخليجية التي تتضمن نقل السلطة خلال شهر هي الحل الأمثل للأزمة اليمنية، ومن يتحمل إفشال التوقيع عليها، وما هي رؤية فخامتكم إزاء إصرار المعارضة على ضرورة توقيع فخامتكم على الاتفاق؟ في الحقيقة نحن رحبنا بالجهود والمساعي المبذولة من أشقائنا في دول مجلس التعاون الخليجي، وأكدنا التعامل الايجابي معها، ونحن نثمن عاليا هذا الدور الإيجابي لأشقائنا في مجلس التعاون الذي ينطلق من حرصهم على اليمن وأمنه واستقراره ووحدته. ونحن ننظر للمبادرة الخليجية كمنظومة متكاملة غير قابلة للتجزئة أو الانتقاء، كما أن هناك بعض البنود فيها غامضة وملتبسة وبحاجة إلى إيضاح بصورة أفضل عبر الجلوس بين الأطراف اليمنية في حوار مباشر، بدلا من حوار الفضائيات أو الفاكسات كما هو حادث الآن، وذلك من أجل الاتفاق على آلية تنفيذية زمنية ومتسلسلة تكون ملحقة بها، حتى نضمن لها النجاح، ولا يحدث أي خلاف أو تباين في تنفيذ البنود فيها. • ما هي هذه البنود؟ مثلا ما يتعلق بالبند الخاص بإنهاء التوتر السياسي والأمني، ما يهيئ الأجواء للانتقال السلمي والسلس للسلطة، وكذلك إنهاء الاعتصامات والمسيرات وقطع الطرق واقتحام المباني الحكومية، وإنهاء التمرد الذي حدث في بعض الوحدات العسكرية، وخروج بعض العناصر المتسببة في الأزمة لفترة مؤقتة؛ حتى تتهيأ الأجواء أمام حكومة الوفاق الوطني لإنجاز مهماتها خلال الفترة الزمنية المحددة لها. ونحن أكدنا مرارا أننا مستعدون للتوقيع على الاتفاق من قبل المؤتمر الشعبي العام وحلفائه، وأحزاب اللقاء المشترك وشركائه، باعتباره وثيقة سياسية بين أحزاب وتنظيمات سياسية وليست قانونية، وسوف نقوم بالمصادقة عليها كرئيس للجمهورية، وبعد الحصول على الإيضاحات اللازمة حول بنود الاتفاق حتى لا يتحول ذلك الاتفاق في حد ذاته إلى أزمة أعمق، بدلا من أن يكون وسيلة لحل الأزمة. • هل ترون فخامتكم أن الاعتصام في ساحة التغيير سينتهي يوما ما، وستعود الأمور إلى أوضاعها الطبيعية السابقة؟ المعارضة يجب أن تكون بطرق ديمقراطية وبخطاب مسؤول، والتعبير عن الرأي عبر الاعتصام حق مكفول في الدستور، طالما كان في الإطار السلمي وطبقا للقانون، شريطة أن يكون بعيدا عن العنف والفوضى والتخريب الذي يضر بمصالح الوطن والمواطنين. ونحن نبذل كل الجهود لإقناع الإخوة في أحزاب اللقاء المشترك بالشعور بالمسؤولية تجاه وطنهم والاستجابة لدعوة الحوار، لأن الأعمال التي يرتكبونها سواء بقطع الطرقات، أو أعمال العنف والتخريب، والتقطع لناقلات الغاز والوقود، وضرب أبراج الكهرباء، والاعتداء على الممتلكات العامة والخاصة، أو حتى قطع الألسن لمن يخالفونهم الرأي كما حدث لأحد الشعراء الشباب؛ لا يندرج أبدا في إطار حرية التعبير عن الرأي سلميا، بل هي أعمال عنف تؤدي إلى الفتنة. كما أن بقاء الاعتصامات في الميادين وإلى جوار الأحياء السكنية ومساكن المواطنين قد سبب ضررا كبيرا لهؤلاء المواطنين وانتهك حقوقهم وحرياتهم. ونحن أيضا ما زلنا نبذل الجهود من أجل إنهاء الأزمة لنجنب بلدنا إراقة الدماء. ونأمل أن يستجيب العقلاء لدعوات الحوار، فهي المخرج الوحيد والآمن للخروج من هذه الأزمة، ونحن نثق بأن الأمور سوف تعود إلى أوضاعها الطبيعية السابقة إن شاء الله. • هل أنتم متأثرون من أولئك الذين انقلبوا عليكم، رغم أنهم كانوا رفاق دربكم؟ إطلاقا لست متاثرا، بالعكس أولئك الذين تتحدث عنهم كانوا أعباء فوق كتفي وتخليت عنهم، كانوا عبئا وجزءا من رموز الفساد وتجار الحروب، وكانوا حملا على كاهلي. • هل يزعجكم أن تروهم في ساحة العمل السياسية؟ أعرف ما يدور في أذهانهم، وأعرف ثقافتهم، وهم جزء من عباءة تنظيم الإخوان المسلمين. هم خانوا علي عبدالله صالح. واللواء علي محسن الأحمر كان ضابطا عاديا افتعل الحرب الأولى في صعدة وافتعل الحرب الثانية وافتعل الحرب الثالثة، وهو قابع في طرف الجامعة لا يستطيع الخروج من البوابة إلى بيته ولا يوجد أي انشقاق في محيط الجيش. • كيف تنظرون لمستقبل العلاقات السعودية اليمنية ودور المملكة في دعم أمن اليمن خاصة في هذه الظروف التي يمر بها، وما هي رؤية فخامتكم لدور خادم الحرمين الشريفين في تعزيز العمل العربي والحفاظ على وحدة وسلامة اليمن؟ العلاقات اليمنية السعودية علاقات أخوية متينة ومتميزة، وهي في أوج ازدهارها وتشهد في كل يوم تطورا مطردا في الاتجاه الذي يلبي تطلعات الشعبين الشقيقين اليمني والسعودي ويخدم مصالحهما المشتركة، ونحن مرتاحون لذلك. ودور أخي خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، كبير ومهم في مساندة اليمن والوقوف إلى جانب أمنه واستقراره ومسيرته التنموية، وهو ما نثمنه عاليا، وينظر له كافة أبناء الشعب اليمني بتقدير وامتنان كبيرين. لقد برهن الأشقاء في المملكة بأنهم نعم الشقيق الذي يقف إلى جانب شقيقه في السراء والضراء، والقيادتان في البلدين تدركان أن ما يهم أمن اليمن يهم المملكة والعكس. • كيف تعامل فخامتكم مع المظاهرات التي تجتاح اليمن، وهناك من يزعم أنكم استخدمتم القبضة الحديدية لقمع المتظاهرين، وهل ترون فخامتكم أن الأمور خرجت عن إطارها الاحتجاجي الحقيقي وأن هناك أيادي خارجية كانت تدعم المعتصمين؟ نحن نتعامل مع المظاهرات بالكثير من الصبر وضبط النفس وتجنب إراقة الدماء، رغم ما تقوم به عناصر أحزاب اللقاء المشترك التي تقوم بتلك المظاهرات من استفزازات واعتداءات على رجال الأمن والممتلكات العامة والخاصة. وحتى المواطنون المعتصمون المؤيدون للشرعية الدستورية لم يسلموا من تلك الاعتداءات، حيث قامت تلك العناصر بالاعتداء عليهم والتحرش بهم وهم في مخيماتهم في أماكن الاعتصام بمدينة الثورة الرياضية في صنعاء. ونحن نفوت على تلك العناصر الحزبية المقامرة مخططاتها في الزج بالوطن في أتون الفتنة. وما من شك أن هناك أجندات ومخططات وأموالا خارجية من جهات معروفة تدفع لاستهداف اليمن وزعزعة أمنه واستقراره، والنيل من وحدته، وإثارة الفتنة والاحتراب بين أبنائه، وقد نبهنا من ذلك لأن المؤشرات واضحة لدينا في الميدان ونحن على اطلاع على الخفايا. • صرحتم فخامتكم أنكم لن تسلموا السلطة للأقلية.. من هي هذه الأقلية، وما هي رؤية فخامتكم لليمن لمرحلة ما بعد انتقال السلطة؟ نحن بلد ديمقراطي تعددي، وتداول السلطة ينبغي أن يكون سلميا وفي إطار الدستور، واحترام إرادة الشعب المعبر عنها في صناديق الاقتراع، ومن يريده الشعب هو الذي يقود مسيرته. وأنا رئيس منتخب وسأتحول إلى الشارع كمعارضة، وسأسقط الحكومة مرة أخرى. • لا شك أن اليمن حقق طيلة المرحلة الماضية قفزات نوعية تنموية واقتصادية، إلا أن شباب التغيير يزعمون أن كل تلك القفزات لا ترقى إلى طموحاتهم، ما ردكم على ذلك؟ لقد تحقق خلال المرحلة الماضية الكثير من الإنجازات، والتحولات الماثلة شواهد حية أمام العيان ويلمسها كل مراقب منصف، رغم تواضع الإمكانيات والتحديات والصعوبات التي واجهها اليمن على أكثر من صعيد. وهذه التحولات هي التي أتاحت للشباب اليمني التعلم والانفتاح على العالم والمشاركة الفاعلة في مسيرة الوطن. ولا شك، طموحاتنا أكبر في أن يسهم الشباب بدور أكبر في تلك المسيرة وهذا ما نعمل من أجله، فالشباب هم قوة فاعلة وحية في المجتمع ويجب الاهتمام بها، وانطلاقا من ذلك دعونا الشباب إلى تأطير أنفسهم في إطار حزب حتى يمكنهم التعبير عن أنفسهم بعيدا عن وصاية الأحزاب وهيمنتها كما هو حادث الآن للشباب المعتصمين في ساحة الاعتصام، وتشكيل هذا الحزب سيهيئ بروز قيادات للشباب يمكن التخاطب معها والاستماع إليها في ما يتعلق بتطلعات الشباب وطموحاتهم والعمل على تلبيتها. • اسمحوا لنا فخامة الرئيس أن نتحدث بشفافية، هناك من يرى أن المحيطين بكم وراء عدم تنحيتكم وتسليمكم السلطة، ما هو تعليقكم؟ لقد أعلنا أكثر من مرة أننا مستعدون لتسليم السلطة إلى أيد أمينة يريدها الشعب، وعبر الطرق الديمقراطية وفي إطار الدستور؛ لأن هناك من يريد الانقضاض على السلطة بعيدا عن الدستور وصناديق الاقتراع. • هل بالفعل المعارضة هي من يقود الشباب في ساحة التغيير، ومن يدعم ثورة الشباب في اليمن، وهل تعتقدون أن الثورة نابعة حقيقة من الشارع؟ أحزاب اللقاء المشترك هي التي افتعلت هذه الأزمة، واتخذت من بعض الشباب جسرا لتحقيق أهدافها ومطامحها في القفز على السلطة بعد أن عجزت عن ذلك عبر الانتخابات، فالشباب الموجودون حاليا في بعض ساحات الاعتصام معظمهم من شباب تلك الأحزاب، ومن تبقى هم رهائن لدى هذه الأحزاب. ومن جانبنا، نحن أكدنا للشباب بأننا مع مطالبهم المشروعة، وسوف نلبيها في إطار الإمكانات المتوافرة، ونحن منفتحون على الشباب ونجري حوارات مع بعضهم لما فيه مصلحة الوطن. • حذرتم مؤخرا من أن الحرب الأهلية ستكون البديل في حالة فشل جهود الوساطة الخليجية، ماهي قراءتكم المستقبلية؟ نحن قلنا إن أحزاب اللقاء المشترك بتمترسها في مواقفها المتعنتة، وعدم استجابتها للحوار أو لأي مبادرات تستهدف الخروج من هذه الأزمة إنما يدفع بالبلاد نحو الحرب الأهلية، خاصة في ظل ما نشاهده من أعمال عنف وتخريب ترتكبها عناصر تلك الأحزاب وحلفائها من الحوثيين وعناصر تنظيم القاعدة. وشخصيا ليس لدي خصومات مع أي شخص، نحن مع المعارضة الحضارية ونتمنى أن نتبادل السلطة سلميا وبسلاسة، وليس عبر قطع الطريق، وقطع الألسن والأرجل، وقطع النفط والكهرباء والغاز. • الجيش اليمني مؤسسة عسكرية منضبطة، هل سيخوض الجيش المواجهات مع المحتجين، وكيف ترون مستقبل المؤسسة العسكرية بعد انتقال السلطة؟ الجيش مؤسسة وطنية وجدت لحماية الوطن وأمنه واستقراره ووحدته، ومكتسبات الشعب وإنجازاته. وأبناء هذه المؤسسة أوفياء ومخلصون في أداء واجبهم ويقدمون تضحيات غالية في سبيل ذلك، وستظل مؤسسة القوات المسلحة والأمن وفية لدورها وواجبها من أجل مصالح الوطن والشعب والثوابت الوطنية. • هناك من يرغب في تدويل أزمة اليمن، ماهو ردكم؟ لا يمكن أن نسمح أن تدول الأزمة في اليمن، ولا يمكن أن تحل الأزمة إلا بين اليمنيين أنفسهم وبرعاية من دول الجوار، ومن المفترض أن تحث دول الجوار كل الأطراف للجلوس على طاولة المفاوضات لحل الأزمة. • لا أعتقد أن أحدا يشك في حبكم لليمن، ماذا تستطيعون تقديمه لليمن؟ لا أستطيع أن أقدم أكثر من أن أترك السلطة (قالها ضاحكا). • ما هي الأسباب التي أدت لرفضكم مبادرات المعارضة بالتنحي؟ لأنها خارج الدستور، وانقلاب على الديمقراطية والشرعية الدستورية. • هل بالفعل أن محافظة تعز كان لها دور في وصولكم إلى الرئاسة وهي من عملت على تصاعد الاحتجاجات؟ نعم، كان أبناء محافظة تعز الأوفياء هم المبادرون بإعلان تأييدهم لانتخاب علي عبدالله صالح رئيسا للجمهورية في عام 1987م، وكنت حينها قائدا للواء تعز. عشت بينهم سنوات وتربطني بهم علاقات ود خاصة أعتز بها. وأبناء تعز أوفياء ومخلصون، وهم لا يزالون على العهد للوطن وقيادته وللمكاسب والثوابت الوطنية، والمشاركون في الاعتصامات التي تنظمها أحزاب اللقاء المشترك في بعض الساحات هم من مختلف مناطق اليمن وليسوا من محافظة بعينها. • علي عبدالله صالح رمز كبير من الرموز اليمنية، ويحتفظ به اليمنيون ومحبوه في قلوبهم، أين ستكون وجهة الرئيس المستقبلية عقب تنحيه.. هل سيعتزل العمل السياسي؟ لقد تحدثت عن هذا سابقا وأوضحت أننا بلد ديمقراطي تعددي، فإذا خرج الرئيس علي عبدالله صالح من سدة السلطة بالطرق الديمقراطية والسلمية وإرادة الشعب اليمني، فإن لديه حزبا هو المؤتمر الشعبي العام الذي كان لي شرف تأسيسه وأتولى رئاسته، ومن خلاله سنظل نمارس العمل السياسي ونواصل مشوار خدمة الوطن والشعب. • شهدنا خلال تواجدنا في اليمن حادثة قطع لسان شاعر يمني من قبل اللقاء المشترك، كيف تنظرون إلى هذه الحادثة الشنيعة، وهل وصلت الأمور في اليمن إلى هذه الخطورة؟ هذا تصرف وحشي، وجريمة شنيعة وبشعة استنكرها الجميع؛ لأنها تخالف الدين والأخلاق والقيم الإنسانية، وهي تدل على المستوى الخطير من التطرف والعنف والضيق بالرأي الآخر لدى من ارتكبوها، وهي عنوان بارز للمشروع المقبل الذي يبشر به هؤلاء إذا ما تمكنوا من الإمساك بالسلطة، وينبئ عن طريقة تفكيرهم وتعاملهم مع خصومهم؛ لأن التالي لقطع الألسن هو قطع الأرجل والأيدي والرقاب، وهو أمر مخيف أثار الفزع لدى أبناء شعبنا من هؤلاء ومن مشروعهم وسلوكهم العنيف والمتخلف. • ما هي آلية تنحي الرئيس اليمني، وهل هناك ضمانات خليجية لتنفيذ اتفاق نقل السلطة وفق المبادرة الخليجية؟ أجبت في سؤال سابق بأننا رحبنا بالمبادرة الخليجية التي تضمنت بنودا بعضها بحاجة إلى الإيضاح وآلية تنفيذها كما أوضحت سابقا. ونتشاور الآن مع إخواننا في مجلس التعاون الخليجي حولها. هناك مبادئ أساسية موجودة في الاتفاقية لا بد من تجسيدها على أرض الواقع، وأن يكون الأشقاء في دول المجلس والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدةالأمريكية ضامنين وشهودا عليها، وفي مقدمتها ضمان وحدة اليمن وأمنه واستقراره، وتحقيق الانتقال الأمن والسلمي للسلطة لا يكون إلا في إطار الدستور. • في عهدكم حقق اليمنيون لم الشمل بين الشمال والجنوب، ألا تخشون على تشتت اليمن وانفصاله مرة أخرى؟ كما قلت سابقا: اليمنيون لن يفرطوا في وحدتهم مهما كان الثمن أو كان حجم التآمر على اليمن ووحدته، فالمشاريع الانفصالية هزمت في الماضي وسوف تهزم في كل وقت وحين؛ لأن الوحدة وجدت لتبقى، وهي أعظم منجز يعتز به كل أبناء اليمن وكل عربي وقومي أصيل. • ما هو حجم وجود القاعدة في اليمن، هل هناك ارتباطات للمعارضة أو القبلية بهم؟ الإخوان و«الإيمان» حاضنان للقاعدة تنظيم القاعدة موجود في اليمن كما هو موجود في بلدان عديدة، وهم يستغلون مناخات الفوضى وعدم الاستقرار للانتشار والتمدد. وحربنا ضد هذا التنظيم وما يمثله من إرهاب عانينا منه كثيرا مستمرة ولا هوادة فيها. ولكن من المؤسف أن عناصر تنظيم القاعدة مدعومون من بعض الأحزاب، وتحديدا حزب الإخوان المسلمين (الإصلاح) وجامعة الإيمان الحاضنين لتلك العناصر التي تستغل ظروف الأزمة وتتواجد اليوم في ساحات الاعتصام جنبا إلى جنب مع العناصر الحوثية المتمردة وأحزاب اللقاء المشترك، وهي تسعى للاستفادة من أجواء الفوضى واضطراب الأمن لتحقيق أهدافها في تنفيذ المزيد من العمليات الإرهابية، ونشر فكرها الظلامي المتحجر الذي لا يؤمن سوى بالقتل والدمار. • ما هو مستقبل علاقات اليمن مع جيرانه، وأصدقائه الأمريكان والغربيين؟ علاقاتنا بجيراننا وأصدقائنا جيدة ومبنية على التعاون والاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية. ونحن حريصون على التطوير المستمر لتلك العلاقات ولما يخدم المصالح المشتركة. • تعتبر المعارضة أن تأخركم في تلبية مطالب الشباب أثرت على الأوضاع الاقتصادية الداخلية، ما ردكم؟ ما من شك أن الأزمة السياسية التي افتعلتها أحزاب اللقاء المشترك أثرت على الاقتصاد الوطني من عدة جوانب، منها ما يتصل بتنفير الاستثمارات أو السياحة، وما يتصل بعملية إنتاج النفط وتصديره من خلال استهداف أنبوب النفط في مأرب وعدم التصدير مما كبد البلاد خسائر فادحة، ومعلوم أن موازنتنا العامة تعتمد بدرجة أساسية على العائدات النفطية، ناهيك عن الانعكاسات الأخرى على عملية التنمية وعلى تشغيل العمالة من قبل القطاع الخاص نتيجة الإرباكات التي سببتها الأزمة، ومن المؤكد أن ذلك من الأهداف التي سعت إليها أحزاب اللقاء المشترك بأفعالها تلك، ونتطلع إن شاء الله إلى تجاوز هذه الأزمة ومعالجة الأوضاع الاقتصادية. • هل بالفعل فقدتم السيطرة على معظم المحافظات اليمنية؟ هذا غير صحيح، بإمكانك أن تزور المحافظات وترى الواقع بعينيك. • فخامة الرئيس، ما هي قراءتكم لمجريات الأحداث في المنطقة العربية، وهل نحن فعليا أمام مرحلة التغيير الشامل، هل النموذجان المصري والتونسي مرشحان للتكرار في دول أخرى عربية؟ قلت في البداية إن ما يحدث الآن في المنطقة أمر مدبر ومخطط له في إطار ما يسمى (بالفوضى الخلاقة)، وهو يستهدف بدرجة أولى زعزعة أمن واستقرار الدول العربية واستهدافها واحدة تلو أخرى، وقد شاهدنا كيف أن ما جرى في تونس قد انتقل إلى مصر ثم ليبيا والآن سورية واليمن والبحرين والأردن والمغرب. كلنا مستهدفون والمخطط واحد، ومن المؤسف أن الثمن الذي يدفع لذلك هو الدم العربي الذي يراق، ومشاهد الدمار، وتمزيق عرى الوحدة الوطنية للشعوب، وذلك ما يحقق أهداف أعداء الأمة ومن لا يريدون لها خيرا. • ما هي الرسالة التي توجهونها للمغتربين اليمنيين سواء في المملكة أو غيرها؟ أود أولا أن أشيد بهم أينما كانوا وبدورهم وغيرتهم الوطنية وحبهم لوطنهم، فهم خير سفراء لليمن. وأطمئنهم بأن ما حدث أزمة وستنفرج إن شاء الله، وسنظل نبذل كل ما نستطيع من أجل حلها، وسنظل نقدم الغالي والنفيس من أجل الوطن ووحدته وأمنه وسلامته. • سؤال أخير، وبصراحة: ما هي الإنجازات التي يرى الرئيس اليمني أنه حققها للشعب خلال العقود الماضية، وما الذي لم يستطع الرئيس تحقيقه، وأين أخفق الرئيس اليمني، وما هي الأخطاء التي يعتقد أنه ارتكبها؟ من يتحدث عن ذلك هو الشعب اليمني صاحب المصلحة الحقيقية في ما تحقق له من إنجازات وتحولات وعلى مختلف الأصعدة؛ السياسية، الديمقراطية، التنموية، الثقافية، والاجتماعية وغيرها، رغم كل الظروف والتحديات والإمكانيات المتواضعة. ولعل أعظم إنجاز استراتيجي تحقق لشعبنا هو إعادة تحقيق وحدة الوطن في ال22 من مايو 1990م، التي اقترنت بالديمقراطية والحرية واحترام حقوق الإنسان والمشاركة الشعبية في صنع القرار، ولا شك أن طموحاتنا تظل كبيرة. أما عن أين أخفق الرئيس علي عبدالله صالح أو أخطأ، فما من شك أن هناك جوانب قصور أو أخطاء في حياة أي إنسان، ومن لا يعمل لا يخطئ، ولأن الكمال لله وحده سبحانه وتعالى.