في أحد لقاءات منتدى ولادة بنت المستكفي قالت لي صديقة مصرية إن عزوف المرأة السعودية عن مثل هذه الجلسات الثقافية أمر غريب فأنا أقرأ لها في الصحف وأعرفها من خلال الجامعة وعلى علم بما لديها من علم وثقافة. وتابعت: كنت أتحدث مع زميلتنا السورية وتحدثنا بهذا الشأن وكان تعليقنا بأن مثل هذه اللقاءات الفكرية في دول أخرى يتسارعن للحصول على مقعد ويحدث في كثير من الأحيان أن يتمسكن بالحضور وقوفا. وأذكر عندما كلفني النادي الأدبي بالإشراف على المنتدى أني اشترطت البحث عن مكان آخر لنلتقي فيه لأني كنت أظن أن المكان المخصص لنا هو سبب العزوف عن الحضور فهو غير لائق فانتقيت موقعا مميزا ومجهزا بأفضل المعدات وهو مبنى برنامج الأمير محمد لتنمية الشباب وقد وافقت إدارته مشكورة، ولكن للأسف لم يشفع هذا لزيادة عدد الحاضرات.. وكذلك هو الحال في معظم الجهات والأماكن الأخرى وكان آخرها ملتقى دارين الثقافي، دائما كان الحضور ضعيفا ومحرجا للضيفات قبل المضيفين. إن التصرف بحد ذاته مخجل وغير لائق وله دلالات كثيرة ولكن ما يهمني منها أن بعض الأمور لا يجدي معها إلا الطواعية والرغبة وإلا فإنها تفقد قيمتها إلا في حالة واحدة عندما نريد أن نكذب وعندما يكون التمثيل هو هدفنا لنصل إلى ما نود أن نصل إليه وقد تساءلت عن ذلك أكاديمية تونسية وأبدت استغرابها من ذلك فقلت لها لا يوجد ما أبرر به هذه الغيابات مما يخرج عن إرادة الراغبات إلا القليل، فإذا كانت تلك اللقاءات صباحية فالعمل هو السبب وفي كثير من الأحيان تكون السلطوية والبيروقراطية هي السبب حيث يتطلب الأمر أذونات متعددة وتبرير ووعود تقطع بمتابعة العمل أو إيجاد بديل وغير ذلك.. وإذا كانت اللقاءات مسائية فماذا يمكن أن تكون الأسباب.. الموضوع غير شيق، الضيفة لا تطاق، المديرة للندوة لا تستحق العناء، أو لا شيء من ذلك فالأهم أن نركن في البيت للراحة أو نذهب للقاء الصديقات في مقهى ما أو نستعد للخروج لسهرة ما!! مع أن السهرات تتكرر بالوجوه والأحاديث نفسها وكذلك هي المقاهي والمطاعم وجلسات الصديقات ولكن بعض الأفكار والأطروحات والمناقشات لا تتكرر وبعض الأشخاص لا يتكرر الالتقاء بهم ودائما هناك فائدة ما نخرج بها من كل لقاء ثقافي. كان من محاولاتي لجذب عدد من الحضور أن جعلت البرنامج يمارس نشاطه مرة في الشهر وفي منتصف الأسبوع حيث تقل الارتباطات العائلية وخطط الخروج من المنزل لأي سبب آخر.. ومع هذا لم يتغير شيء، وعرفت بالصدفة أن إحداهن لجأت إلى حيلة غريبة لاستقطاب الحضور وكانت إدارية تتبعها إدارات فطالبت بحضور عدد معين من كل جهة إجباريا، وعندما اكتمل العدد أغلقت الباب بالمفتاح حتى لا يتسرب الحضور!! إن التصرف بحد ذاته مخجل وغير لائق وله دلالات كثيرة ولكن ما يهمني منها أن بعض الأمور لا يجدي معها إلا الطواعية والرغبة وإلا فإنها تفقد قيمتها إلا في حالة واحدة عندما نريد أن نكذب وعندما يكون التمثيل هو هدفنا لنصل إلى ما نود أن نصل إليه وهو في مثل هذه الأمور بالتأكيد لا يصح أن يكون رضا المسؤول فقط. [email protected]