رغم الجهود التي تبذلها وزارة التربية والتعليم لصيانة مدارسها، فإنه لا تزال صيانة مدارس التعليم العام في نظري بدون خطة مُحكمة فعّالة وشاملة لدى الوزارة وليس لديها برنامج واضح محدّد الأهداف والآلية التنفيذية لمواجهة حالات المدارس المتردية صيانتها دورياً. وليس لدى إدارات التعليم العامة بالمناطق خُطط تنفيذية متقنة ومتكاملة وشاملة وفعّالة، وإدارات المدارس تلقي باللوم على إدارات التعليم وربما أن أقسام الصيانة فيها غير مؤهلة بشرياً وفنياً ومادياً للقيام بذلك. ولقد تأكدت منذ عدة سنوات بنفسي ومن خلال البحوث المدعومة بالصور الفوتوغرافية التي قدّمها بعض طلبتي المتميّزين في مقرر إدارة الخدمات التعليمية المساندة في كلية التربية بجامعة الملك فيصل، ومرآها يُثير الاشمئزاز وهي تعكس بصدق الواقع المتردّي للمباني المدرسية وسوء صيانتها وانعدام نظافة البعض منها، فدورات المياه خربة، ومكسَّرة الأحواض، وتزيد الداخل فيها مرضاً ونجاسة، بدلاً من الطهارة والنظافة؛ لأن هذه الدورات المهملة من الصيانة والنظافة ترتع فيها الحشرات والجراثيم والبكتيريا ناهيك عن الروائح الكريهة وخطورة استعمالها، وكذلك تعطل المكيفات في أوقات الصيف والاختبارات، كما حدث فعلاً في العام الدراسي الماضي، وكذلك سوء نظافة المقاصف والمرافق الأخرى كأفنية المدارس وملاعبها، يُضاف الى كل ذلك ما تنشره الصحافة المحلية من شكاوى عن تدهور صيانة بعض المدارس ونظافتها. إن ما تقدّم من حقائق يحملني على اليقين بأن وزارة التربية والتعليم ليست لديها إستراتيجية محدّدة الأهداف وليست لديها آلية واضحة ملزمة لتنفيذ برامج الصيانة في العطل الرسمية والعطل الأسبوعية بحيث تتهيّأ المدارس صيانة ونظافة وجمالاً قبل بدء الدراسة، لتستقبل الطلبة في بيئة تربوية تشرق بجمالها لتعزز في نفوسهم الرغبة في الدراسة وتربي فيهم القيم الجمالية، وللصيانة أثر إيجابي على سلامة المباني المدرسية وطول عمرها. ومن الرأي إقامة ملتقى سنوي تحت رعاية الوزارة تُطرح فيه البحوث وأوراق العمل من المشاركين المسئولين في المناطق لعرض مشكلات الصيانة ومتطلباتها مع الاستفادة من أنظمة الصيانة المتبعة في المدارس الأمريكية وغيرها. ومن الرأي أيضاً أن تعقد إدارات التعليم بالمناطق اجتماعاً سنوياً لمديري المدارس لمعالجة مشكلات صيانة المدارس ونظافتها. وينبغي إعطاء صلاحيات التنفيذ للمدارس من خلال لجنة إشرافية يرأسها مدير المدرسة لتنفيذ أعمال الصيانة ومتابعتها في العطل مع توفير التمويل اللازم لتأمين متطلباتها بشكل دوري، وليس أثناء الدراسة لما لها من تأثير سلبي على سيرها وعلى الانسجام النفسي للطلبة ومعلميهم مع المتابعة المستمرة من قبل المشرفين التربويين. زُرت مدارس في دول مختلفة في فصل الصيف، في أمريكا زُرت المدرسة الابتدائية التي درس فيها أبنائي، فوجدت عاملاً واحداً يقوم بصيانتها كاملة وإعادة طلاء كامل المبنى ورعاية حدائقها، وفي مملكة البحرين منذ بضع سنوات زُرت مدرستين ابتدائية وثانوية، فرأيت في كل منهما فريق عمل لصيانتها وطلائها وتهيئتها للعام الدراسي، وفي مدينة باندونج في أندونيسيا زرتُ مدرسة ثانوية فرأيت عمالاً يعملون على صيانتها، سألت مدير المدرسة عن ذلك فقال إن صيانة المدرسة في العطلة أولوية قصوى دون تأخير، فهل ندرك الحقيقة يا ترى؟؟؟ [email protected]