منذ أن أشعلت الهداية قلب العالم الإنساني وجاءت بعثة الهادي الأمين «صلى الله عليه وسلم» متممة لخُلق الإنسان بينه وبين ربه وبينه وأخيه الإنسان أعلنت هذه الهداية أن الدين في أصل شرعته يُعظّم الإحسان ويُعلي منزلته ولكي تتكرّس هذه القيم وتتجدّد في حياة المؤمن فقد جعل لها الشارع العظيم مواسم تحشد القلوب وتلفت النفوس وتُعظّم العطاء والتفاني والشراكة واقتسام المعاش لكي يتدثر المؤمن الضعيف بل الإنسان من رداء أخيه ويَطعم من زاد صاحبه، ويُسقى دواءه من عطاء جيرانه.. وأينما يمّم البلاء جعل الله لهذه الأمة قدراً يفرون منه إلى هذا القدر الآخر هو التضامن والتآزر والتآخي والفزع لنصرة الضعيف والغريق والمسكين وهذا الغوث كله من واجبات الإحسان، فالصدقة لأهل الجوار منه ولذوي الأوطان منه كذلك ولمن بعدت بهم الديار وشقّت بهم الأحوال وعظُمت بهم المصائب فنجدتهم فريضة ليس في ذلك شك ولا يقال إنّ كل مصر أدرى بمصرهم بل الأصل أن نبادر إليهم قبل الاستغاثة، فان كانت الشرائع العالمية قد رأت أنها تقنن قوانين الغوث الإنساني فقد سبق لها الإسلام لأبناء أمته من المنكوبين ولغيرهم بل وحتى للحيوان. ولقد رُوّعت الأمة ولا تزال في مشرق ومغرب من هذه الحوادث والرزايا وكان آخرها مجاعة الصومال التي تجاوزت الصورة والكارثة قدرة الوصف من حجم المأساة وهو ما يُعيد التذكير بقضية واجباتنا الاغاثية الدائمة حيث اتضح أن عدم وجود المؤسسات الاغاثية على الأرض طوال الفترات العادية من السنة يُساهم بصورة كبيرة في تأخّر وصول المساعدات وغياب فرق الإنقاذ ولذلك فان من الضروري عودة النشاط للهيئات الاغاثية السعودية الأهلية التي واجه بعضها تآمراً غربياً وقد كسبت جميعها الدعاوى القضائية واتضح أن الهدف من محاصرة العمل الاغاثي الإسلامي هو زيادة رقعة التبشير ومنع جهات العمل الخيرية من التواصل مع المنكوبين وليس دعاوى الإرهاب، خاصة أن العمل الخيري المنضبط والذي تُصحّح أخطاؤه ويُراجع تطويره اتضح انه يمنع بنسبة كبيرة تَسرّب المال العام المُتصدّق إلى مصادر مشبوهة أو متورطة في أعمال عنف فيما غياب هذه الجمعيات الخيرية الأهلية المعروفة والمرخصة يتسبب في تعزيز تسرّب الصدقات إلى موارد غير محمودة وغير موثوقة فإن هذا المسار من التبرع مهم جداً أن يُعاد لحيويته الأصلية بتدرّج مع شفافية ونظام اداري دقيق ينقل صدقات الناس بصورة دائمة إلى المحتاجين ويُشكّل فرقاً ذاتية تساهم في إعادة توزيع التبرعات الرسمية الموجّهة لمناطق الكوارث جنباً إلى جنب مع الهلال الأحمر السعودي أي تمارس هذه الجمعيات عملها باستقلال وتنسّق مع المؤسسات الرسمية للتكامل الاغاثي، وهذا النموذج الناجح في قانونية العمل الاغاثي والمساحة الكبيرة أمامه نجح في مؤسسات الإغاثة التركية وهو ما نحتاج استنساخه، حيث إن البناء القانوني ودفاع الدولة عن المؤسسة وتسجيلها ضمن الأممالمتحدة أحبط أي تجرؤ بالاتهام لها ولأعمالها وهناك أيضاً مؤسسات أخرى ناجحة في هذا الإطار. من الضروري عودة النشاط للهيئات الاغاثية السعودية الأهلية التي واجه بعضها تآمراً غربياً، وقد كسبت جميعها الدعاوى القضائية واتضح أن الهدف من محاصرة العمل الاغاثي الإسلامي هو زيادة رقعة التبشير ومنع جهات العمل الخيرية من التواصل مع المنكوبين وليس دعاوى الإرهاب، خاصة ان العمل الخيري المنضبط والذي تُصحّح أخطاؤه ويُراجع تطويره اتضح انه يمنع بنسبة كبيرة تَسرّب المال العام المُتصدّق إلى مصادر مشبوهة أو متورطة في أعمال عنف. أما المسار الثاني فهو دعم الجمعيات المتخصصة التي تعتني بذوي الأمراض والعاهات والاحتياجات الخاصة وهو مسار مهم ودعمها لا يعني عدم متابعة ومطالبة الجهات المتخصصة بتحمّل مسئوليتها وزيادة عطائها نوعاً وكماً لكن تُعضد هذه المشاركات بين المجتمع وبين الهيئات الرسمية من الجمعيات المتخصصة، وأمّا المسار الثالث فهو جمعيات النفع العام لأعمال البر الخيرية المنتشرة في المناطق مع ضرورة أن تتطوّر الأعمال والمتابعات لديها إلى مستوى شفافية اكبر وأكثر ضبطاً ادراياً وتنموياً يُغطّي بعدالة ساحة الفقراء والمحتاجين ويُراجع القوائم ويتفقّد الحالات ويُخصّص أرقاماً تكون بيد نخبة إدارية عالية لشكاوى المحتاجين والفقراء وان تُضبط المصاريف الإدارية بتوازن يحافظ على مصادر الصدقات لتوجّه للفقراء ولذلك فان قيام وزارة الشئون الاجتماعية بتحمّل المصاريف الإدارية لكل هذه الجمعيات عبر ميزانية مستقلة تُعتمد من مجلس الوزراء هو الأفضل لعدم الإنفاق من ميزانية الصدقات على الاحتياجات الادارية وتُراجع هذه المصاريف من قبل الوزارة فيما يتفرّغ الطاقم الإداري المستحق للمكافأة بكل تأكيد للعمل في أوساط الفقراء وسرعة إيصال التبرعات لهم والانشغال بزيادة ميزانية التبرع لهذه الشرائح المحتاجة لتصل إليهم من صاحب الصدقة إلى بيوتهم وأيديهم. وان إصدار قرار موقر من مجلس الوزراء يدعو المؤسسات الإعلامية لتنفيذ مواد إعلانية مجانية لهذه القطاعات يَصبُّ في هذا المسار التطويري مع أهمية أن يعتني المجتمع بثقافة التواصل والصدقة والتكامل مع جزئه الضعيف ويُطوّر تواصله وهو ما سيزداد إذا كُثّفت طريقة المشاركة والشفافية بين الجمعيات والنخبة المالية وعموم أبناء الأحياء والمدن، وهذه القضية سوف تنتقل نقلة كبيرة حين تُنظّم قضية التبرعات الكبرى أو الزكوات فتُعتمد كبديل لمصلحة الشركة في مصلحة الزكاة والدخل وهي أيضاً تعتبر نقاطاً إيجابية تُسجّل للشركة في قطاعات أو خدمات تُنظّم بين الدولة والشركات، إنها فريضة عظيمة لو نُظّمت لساهمت في برنامج عملي يصل الخارج والداخل بهذه الصدقات لتكون غوثاً وبناءً للفقراء ولمستقبلهم الصحي والإنساني فيتضاعف الأجر في نية الصدقة وفي حسن إدارتها.. تقبل الله الأجر وبارك في المحسن والعامل الأمين.