تحتدم المنافسة بين الفضائيات الخليجية في فترة الذروة الرمضانية التي تعقب الافطار وتسبق موعد صلاة العشاء وتصل درجة السباق فيها حد البذخ بالملايين لكسب شريحة أكبر من المشاهدين وتحقيق النسبة الأعلى في ذلك، بغية الاستثمار الإعلاني أو النجاح الشعبي الذي في نهاية الأمر سيدرُّ دخلاً كبيراً عليها. وخلال النصف الأول برزت بعض الأعمال الكوميدية بصفقة أساسية وظفرت بالشريحة الكبرى من المشاهدين وتقاسمت مسلسلات "طاش 18" و"قول في الثمانيات" و"سكتم بكتم" كعكة المشاهد تراتباً، حيث ظفر طاش بالقسم الأول و"قول في الثمانيات" بالقسم الثاني عطفاً على ردود الفعل الجماهيرية التي راهنت على أن محطتي MBC والسعودية الأولى كانتا المحتكرتين للشريحة الأكبر من المشاهدين في وقت الذروة. سيادة "طاش" نجح مسلسل "طاش18" في تجاوز عثرات الأعوام الماضية وواصل تميّزه على جميع المسلسلات الخليجية التي يتم عرضها حالياً، وقدّم هذا العام جملة من المواضيع القوية في حلقاته العشر الماضية، لكنه في المقابل تراجع بشكل واضح من حيث الجرعة الكوميدية التي أعطته تميُّزاً خاصاً شكلت هوية له، وحظي العمل بنسبة مشاهدة عالية حافظت على بريق الفترة الذهبية في محطة ال MBC، واستطاع القائمون على المسلسل تقديم مواضيع مختلفة وحسّاسة ساهمت في استعادة الثقة بين نجوم العمل والنقاد الفنيين. ومن أبرز الحلقات التي قدّمها "طاش 18" حلقتا "جاك الجني" و"التعايش مع الآخر" والتي حظيت بتأييد على مختلف الأصعدة المتابعة للعمل، وهو ما لم يكن سابقاً مألوفاً بعد أن ظلوا عرضة للانتقاد والهجوم من تيارات مختلفة. نجح مسلسل "قول في الثمانيات" في اختطاف عدد من جماهير العملين السابقين منتهزاً التوقيت الذي يعقب "طاش"، فارضاً حضوره على خارطة الإنتاج الدرامي الكوميدي بجرأة الطرح في المقابل كان مسلسل "سكتم بكتم" أقل فنياً بكثير من الجزء السابق رغم تقديمه بعض الحلقات الجريئة إلا أن التناول السطحي والمبالغة في تناول بعض القضايا الحساسة أضعف من حضور نجوم العمل بالشكل المتوقع، رغم ذلك ما زال حضور المالكي وفريقه جيداً ويحظى بمتابعة جماهيرية غير أن تزامن توقيت بثه مع مسلسل "طاش" ربما قلص كثيراً من جماهيريته المتوقعة والتي كان الممكن ان تكون أكثر من ذلك بكثير. ونجح العمل في تقديم بعض الحلقات المميّزة من بينها حلقة الابتعاث والقبيلي التي شخّص فيها واقعاً مهماً مؤلماً. "قول في الثمانيات" في حين نجح مسلسل "قول في الثمانيات" في اختطاف عدد من جماهير العملين السابقين منتهزاً التوقيت الذي يعقب "طاش"، فارضاً حضوره على خارطة الإنتاج الدرامي الكوميدي بجرأة الطرح وتناول القضايا غير المطروقة بقالب ساخر، مواصلاً العزف على وتر القضايا الحساسة بقالب ساخر معتمداً على الثلاثي المميّز راشد الشمراني وحسن عسيري وحبيب الحبيب بوجود الممثل عمر الديني الذي ساهم في إضفاء نكهة مختلفة على العمل الجديد، ومنذ العرض الأول وجد العمل تفاعلاً جماهيرياً كبيراً لاسيما بعد أن ناقش عدداً من الظواهر الاجتماعية لاسيما عند الشباب والشابات بينها ضرب المعلمين والبويات والابتزاز والفضائيات والعصبية. في مقابل ذلك أخفق مسلسل "الفلتة" الكويتي في تحقيق شعبية مطلوبة ربما بسبب أن العمل لم يكن معنياً بالهم الاجتماعي السعودي او تزامنه مع المسلسل الكوميدي الذي اعتاد المشاهد الخليجي أن يكون جرعة كوميدية ثانية تعقب مسلسل "طاش" وهو ما أثر على جماهيرية العمل والمحطة في هذا التوقيت تحديداً، ولم يفلح الكوميدي طارق العلي في الخروج من قمقم المسرح الذي ألف التميّز فيه والتحرّك بحرية وارتجال المشاهد وهو ما كان غائباً وشتته داخل بلاتوهات العمل، ليظلم بعد مقارنة جماهيرية بينه وبين عمل "بيني وبينك" الذي توقف هذا العام وحقق نجاحاً كبيراً في المحطة خلال الثلاث السنوات الماضية ما أفقد المحطة عدداً من المشاهدين أخيراً.
حضور باهت واصل مسلسل "غشمشم"، الذي تعرضه قناة دبي، سقوطه بعد ان جنح الحيان إلى مواضيع هامشية استهدفت الاضحاك وأسقطت النقد البنّاء من حساباتها وخرجت الحلقات باهتة بلا قيمة تُذكر، ويُعاب على العمل المركزية التي يظهر بها الحيّان بطلاً في جميع الحلقات وهو ما لم يكن موجوداً في بقية المسلسلات الأخرى التي تتنوّع فيها النجوم والأسماء والابطال. مقابل ذلك حقق مسلسل سعيد الحظ نجاحاً ملموساً لكنه ما زال مفتقداً للجماهيرية بسبب كمّ الاعمال القوية التي يتزامن عرضها مع العمل.. لكنه يحقق حضوراً لافتاً بموضوعات حلقاته والموهبة الفطرية للنجمين محمد العيسى وعبدالناصر درويش. أما مسلسل "مباشر ولكن" فقد بدا باهتاً ومكروراً في أطروحاته فضلاً عن الضعف الفني الذي أصاب العمل في مقتل وكان دون مستوى المشاهدة في المضمون والاداء الفني والصورة المشاهدة. وفي مجمل هذه الاعمال حافظ "طاش" على تميّزه وسيادته لأعمال الكوميديا الخليجية متفوّقاً على مسلسل "سكتم بكتم" الذي يتزامن معه في العرض وكذلك مسلسل "غشمشم 7"، في حين خطف مسلسل "قول في الثمانيات" مشاهدي القسم الثاني من الفترة الذهبية وأسقط الفلتة من هرم المشاهدة منتزعاً الجماهيرية منه ومن المسلسلات التي تتزامن معه في التوقيت.