كثيرة هى التساؤلات السياسية الموازية للتساؤلات الاقتصادية ، حينما يتعلق الأمر بأزمة كبرى تطال إمبراطورية الدولار الذي يتسيد الاقتصاد العالمي ، فهل يمكن استيعاب الاقتصاد العالمي لأزمة جديدة وهو لم يدخل بعد إلى فترة النقاهة من الأزمة الاقتصادية العالمية ، وهل يمكن للعالم العربي في ظروفه الحالية وما يرتبط بها من تحولات دولية اقتصادية أن يتأثر لمستوى مقلق ؟ وهل هناك حلول جذرية تجعل العالم يفوق من كابوس أنه من الممكن أن تفلس أمريكا ..؟ هذه وغيرها هوامش أسئلة طرحت على العديد من المفكرين الاقتصاديين الذين يرون في عنوان تم الاتفاق عليه أن الأزمة في طريقها للحل وأن واشنطن تجاوزت بالفعل القفز من على حافة الإفلاس ... ويلخص الدكتور صلاح جودة الخبير الاقتصادي ومدير المركز الاقتصادي المصري الموقف الخاص بعالمنا العربي بالقول « نعم تأثرنا ، وبدرجات كبيرة لم يكن الاقتصاد يتحملها في المرحلة الراهنة خاصة تلك التي تمر بها دول عربية .. وخاصة أن الأمر كان متوقعا لدى العديد من الاقتصاديين فالأمر ليس مفاجأة مباغته إنما هو محض أرقام لعبت دورها في السياق الطبيعي . ويضيف جودة ، من المفترض أننا تعلمنا من الأزمة المالية العالمية أن لا نضع البيض كله في سلة واحدة ، وأنه من المفترض إذا كان هناك على سبيل المثال تعامل مع الدول الأوربية في حدود تصدير واستيراد تصل إلى 25 % ، فمن المفترض أن يكون لدينا اقتصاد مواز بالعملة الأوربية وليس بغيرها في هذه الحدود ، ومن الواضح أن بعض الدول بالفعل طبقت هذا النموذج من الدول الخليجية لكن المشكلة أن البعض من الدول النفطية لم يكن بمقدوره التطبيق لأن الشركات العالمة في مجال النفط سواء التنقيب أو الإنتاج معظمها شركات أمريكية ، وهو ما يعني أن المعاملة بالدولار هي الأساس وهنا يأتي التأثير من العملة التي انخفضت قيمتها نتيجة ارتفاع حجم عبئها على اقتصاد بلدها نفسه ، فهناك ثلاثة من اكبر شركات التصنيف الأمريكية ارتأت أن السندات الأمريكية التي كانت مضمونة بنسبة 100% لم تعد كذلك وأن تصنيفها الائتماني تراجع عن مستواه الطبيعي . تعود أسباب أزمة الدين الأمريكي إلى عدة عوامل، منها ما في الوقت الراهن ما يتعلق بشكل النظام المالي نفسه الأمريكي، ومنها ما يعود إلى ارتفاع حجم الإنفاق العسكري الأمريكي . وتعود أسباب أزمة الدين الأمريكي إلى عدة عوامل، منها ما في الوقت الراهن ما يتعلق بشكل النظام المالي نفسه الأمريكي، ومنها ما يعود إلى ارتفاع حجم الإنفاق العسكري الأمريكي خارج حدوده والذي بدأ منذ الحرب على أفغانستان والعراق وهى حروب كما كان لها تداعياتها الكارثية على السياسية لها تداعياتها أيضا على السياسية النقدية ، بالنظر لارتفاع تكاليف تلك الحروب وبقاء كل هذا العدد الهائل من الجنود خارج حدود بلاده. فأجبرت الإدارة الأمريكية الحالية على ضخ كميات هائلة من الدولارات بغية تجاوز آثار الأزمة وإنعاش قطاعاتها .. لكن الموضوع بحسب الخبير الاقتصادي إبراهيم نوار هو سياسي له واجهته الاقتصادية فقط ، وما التجاذب الذي دار بين الحزبيين الديمقراطي والجمهوري والمعركة الكبيرة التي شهدت عليها أروقة الكونجرس بينهما إلا أحد جولات المعارك السياسية الأمريكية التقليدية ، لكن المشكلة هي أن تكون هناك تداعيات سلبية على خارج أمريكا التي تؤثر في العالم كله بلا شك . ويضيف نوار من المقرر أن عجز الحكومة عن الاستدانة لتمويل مشروعاتها الداخلية سيؤدى إلى تعطيل برامجها ،حيث أن سقف الدين يمثل الحد القانوني المسموح به للاستدانة، وعدم رفعه يعني أنها لن تستطيع أخذ المزيد من القروض، كي توفر الأموال الضرورية للوفاء بالتزاماتها المالية، التي تمكنها من دفع نفقات الحماية الاجتماعية والرعاية الصحية وأجور العسكريين وفوائد الدين،وقد وصل حجم هذا الدين المترتب على الولاياتالمتحدة إلى حدود 14.3 تريليون دولار، أي ما يعادل 130 ألف دولار تقريباً لكل مواطن أمريكي، ويساوى هذا الرقم، بلغة الحسابات البسيطة، خمسة أضعاف معدل دخل الفرد السنوي في الولاياتالمتحدةالأمريكية. فيما يصل حجم الاقتصاد الأمريكي إلى حدود 14.7 تريليون دولار، أي أن نسبة الدَّين تصل إلى أكثر من 97 % من الناتج الأمريكي الإجمالي، بينما لا تبلغ تلك النسبة أكثر من 60 % من الناتج المحلي الإجمالي في جميع دول العالم الأخرى.