تتسابق الدوائر الإعلامية العالمية هذه الأيام لنقل تفاصيل السجّال السياسي الاقتصادي الدائر داخل أروقة صنّاع القرار في الولاياتالمتحدةالأمريكية حيال أزمة الديون السيادية الأمريكية، إذ يرى بعض صناع القرار إبقاء سقف المديونية عند مستواه الحالي مع ضرورة إتخاذ الحكومة الأمريكية خطوات حصيفة وملموسة من أهمها تغيير نمط الإنفاق الحكومي وفرض مزيد من الضرائب، بينما يرى البعض الآخر أن مشكلة المديونية ليست وليدة اللحظة بل هي مشكلة متراكمة امتدادا لسياسات حكومات سابقة، وذلك لأن سقف الاستدانة سبق أن تم رفعه من قبل عدة مرات ولم تصاحبه مثل هذه الضجة الإعلامية المفتعلة!! إذن فما الجديد من رفع سقف الاستدانة عدة تريليونات دولار إضافية!! وأنا هنا لست في مقام إتخاذ موقف مؤيد لأي من وجهتي النظر، بل أهدف من مقالي هذا لمحاولة الإجابة عن تساؤلات الكثير من المتابعين للشأن الاقتصادي عن ماهيّة ما يجري هذه الأيام في الولاياتالمتحدةالأمريكية؟! وعما إذا كان يمثل بوادر أزمة مالية واقتصادية عالمية جديدة ؟ وهل سوف يكون له انعكاسات سلبية على اقتصاديات دول الخليج؟!من المتعارف عليه اقتصاديا أن اقتصاديات الدول تمر بأربع مراحل: الانتعاش، الرواج، الركود، الكساد. ولذا فإن بوادر الركود الاقتصادي التي تعيشها الولاياتالمتحدةالأمريكية هذه الأيام تعد إحدى مراحل الدورة الاقتصادية والتي بالطبع تسبق الكساد إذا ما لم تتم معالجته من خلال الحلول الناجعة.الواقع أنني أرى أن تساؤلات القراء الكرام والمتابعين مبررة وتستحق البحث عن الإجابات الكافية من واقع القراءة الصحيحة للأحداث ومحاولة فهم حقيقة مايجري. في البداية أرى أنه يجب التأكيد أن الأزمات المالية والاقتصادية بصفة عامة قد تنشأ بسبب ظروف وعوامل طبيعية وغير طبيعية، كما أنها قد تنشأ بسبب سلوكيات أو سياسات اقتصادية خاطئة!! كما أنه يجب التأكيد على أن أزمة الديون الأمريكية لا تمثل في الواقع مشكلة اقتصادية جديدة، بل انها نتاج سياسات اقتصادية سابقة، وذلك نتيجة الإفراط في الإنفاق الحكومي، ولكن تداعيات الأزمة المالية العالمية الأخيرة قد زادت من توهجها واشتعالها وظهورها على السطح بشكل جليّ!!. حيث انه من المتعارف عليه اقتصاديا أن اقتصاديات الدول تمر بأربع مراحل: الانتعاش، الرواج، الركود، الكساد. ولذا فإن بوادر الركود الاقتصادي التي تعيشها الولاياتالمتحدةالأمريكية هذه الأيام تعد إحدى مراحل الدورة الاقتصادية والتي بالطبع تسبق الكساد إذا ما لم تتم معالجته من خلال الحلول الناجعة. إذ يعد الارتفاع بمؤشرات التضخم وانخفاض القوة الشرائية لعملة، وارتفاع معدلات البطالة من المؤشرات الهامة والمقلقة لحدوث بوادر أزمة اقتصادية. أما فيما يتعلق بأفضل السبل لتحديد حجم وتأثير الأزمة ماليا واقتصاديا على بلد ما، فأرى أنه يمكن تحديد حجم وتأثير الأزمة من خلال محددات عدة: من أهمها مدى ارتباط السياسة النقدية والمالية المحلية بالاقتصاد الامريكي بشكل خاص، و مدى الارتباط بالاقتصاد العالمي ككل. كما أنه يجب التأكيد كذلك على أن انعكاسات أزمة المديونية الأمريكية لن يقتصر على الدول المرتبطة عملتها بالدولار فقط، وليس فقط على الدول المستثمرة بسندات الخزينة الأمريكية، أو الدول التي شركاتها تستثمر بالسوق الأمريكي. أي أن محددات الارتباط لن تكون فقط من خلال العملة المستخدمة، بل ان هناك أمورا كثيرة تحكم هذا الارتباط!! [email protected]