أكد محللون اقتصاديون أن أزمة الديون الأمريكية، ستلقي بظلال سالبة على الاقتصاد السعودي قياسا على انخفاض الدولار وتبعاته التي يترتب عليها زيادة الأسعار وارتفاع التضخم، وذلك في حال لم يتم التوصل إلى اتفاق واضح لحل الأزمة برفع سقف الدين والاقتراض. ويفوق حجم الدين الأمريكي العام والذي يبلغ 14.29 تريليون دولار الميزانية الأمريكية التي تعاني عجزا يتوقع أن يبلغ 1.6 تريليون دولار هذا العام، في وقت حذرت فيه وكالة ستاندرد آند بورز للتصنيف الائتماني المشرعين الأمريكيين من أنها ستخفض تصنيف دين أمريكا إذا اضطرت وزارة الخزانة لترتيب أولويات سداد الديون لعدم موافقة الكونجرس على رفع سقف الديون. وتتقاطع الأزمة الأمريكية مع الاقتصاد السعودي في الارتباط القوي بالدولار الذي يعتمد عليه في تصدير النفط، إضافة إلى أن معظم واردات المملكة مسعرة بالعملة الأمريكية. ويؤكد أمجد البدرة، مصرفي سابق، أن الاقتصاد السعودي يعد رديفا للاقتصاد الأمريكي، وأوضح أن من العوامل المهمة التي أدت إلى ربط المبيعات السعودية بالدولار الأمريكي وجود ودائع المبيعات النفطية في الخزائن الأمريكية. وأشار البدرة إلى أن هبوط الدولار بأي نسبة مقابل العملات الأخرى مثل الين الياباني واليورو، يؤدي إلى نزول الموجودات السعودية النقدية في البنوك الأمريكية بنفس نسبة هبوط الدولار مقابل تلك العملات. وأوضح أن الاقتصاد الأمريكي يعد من أكبر اقتصاديات العالم بصفتها محفظة العالم الاستثمارية «يعيش السياسيون والاقتصاديون الأمريكيون أزمة وقت بسبب قرب موعد استحقاقات المديونيات الأمريكية ووجوب سدادها، لهذا ينظرون إلى ضرورة رفع سقف الدين حتى تتمكن من الاقتراض لتسديد بعض ديونها والفوائد المترتبة على تلك الديون». وأضاف البدرة «يوصي الساسة والاقتصاديون الأمريكيون بتخفيض الإنفاق على بعض البرامج كالدفاع والفضاء، ويمضون قدما لتخفيض الإنفاق على برامج الرعاية الصحية والتأمين الاجتماعي». وبين أن أمريكا بلغت الحد الأقصى لمديونيتها في مايو الماضي بقيمة 14 تريليون دولار، ومعنى ذلك أن الدين الأمريكي يرتفع 1.4 مليار دولار يوميا بمعدل مليون دولار كل دقيقة. انخفاض الموجودات الخليجية ويعزو أحمد الحديد، مصرفي سعودي، ارتفاع الدين الأمريكي إلى تحمل الإدارة الأمريكية محاولة إنعاش الاقتصاد والمحافظة على التصنيف الائتماني «لا توجد وجهة واضحة إلى الآن فيما يخص الدين واستحقاقه في الثاني من الشهر المقبل، فالكونجرس يطالب إدارة أوباما بالإعلان عن خفض الإنفاق، بينما طالبت جهة أخرى بخفض الإنفاق مقابل زيادة الضرائب معا». وأوضح الحديد أنه في حال تم رفض رفع سقف الدين فإن الإدارة الأمريكية ستكون ملزمة بفتح خزائن جديدة من أجل سداد السندات المصدرة سابقا «سيلقي ضعف الدولار بظلاله على التصنيف الائتماني، حيث ستخفض شركة موديز التقييم الائتماني للاقتصاد الأمريكي، وبالتالي سيضعف التأمين على السندات وكذلك تنخفض قيمة المحفظة الاستثمارية». وشدد على أن انخفاض الدولار سيؤثر في الاقتصاد الخليجي من ناحية ارتفاع الأسعار ودوره في ارتفاع التضخم، وكذلك ضعف وانخفاض المحفظة الاستثمارية والموجودات الخليجية. ارتفاع الأسعار من جانبه، كشف عبدالحميد العمري، عضو جمعية الاقتصاد السعودي، أن الاقتصاد الأمريكي يعاني وضعا حرجا، وذلك بسبب تجاوز حجم الدين للاقتصاد، حيث بلغ حجم الخزائن المسددة للدائنين من قبل الحكومة 9.5 %. وأوضح أن الدين سيحجب فرص النمو في الاقتصاد الأمريكي في الوقت الراهن ويعرضه للدخول في الجانب المظلم خلال الثلاث السنوات المقبلة، وتوقع أن يكون هناك اتفاق بالسماح برفع سقف الدين والاقتراض. وفيما يخص تأثير الأزمة الأمريكية في الاقتصاد الخليجي، أوضح العمري أن الأزمة سيكون لها آثارها في الاقتصاد الخليجي وذلك باعتباره اقتصادا رديفا لنظيره الأمريكي، حيث ستزيد الأسعار وبالتالي ترتفع نسبة التضخم مرورا برمضان وعيدي الفطر والأضحى، متوقعا أن تكون نسبة التضخم بنهاية السنة الجارية 6 %، نتيجة الارتفاع المخيف للأسعار، على حد تعبيره. قلق عالمي وأوضحت ريم أسعد، محللة اقتصادية أن العالم لا يزال قلقا بشأن شبه الركود الاقتصادي الذي تمر به أمريكا منذ عام 2008، وتساءلت عن دور الاحتياطي الفيدرالي كعادته بمعالجة الأمر بالمزيد من الاقتراض. وكشفت المحللة الاقتصادية أن الصين منذ عدة سنوات بلغ احتياطيها من العملات الأجنبية وعلى رأسها الدولار عدة تريليونات، وأعربت تلك الدولة بعد ذلك عن مخاوفها بشأن نمو الاقتصاد الأمريكي وحجم السندات الأمريكية في قوائمها المالية الحكومية. وأكدت أسعد أن معالجة العجز في ميزانية أمريكا تتطلب سياسة مالية أكثر صرامة من حيث رفع مستوى الضرائب على الطبقة الثرية مع إبقاء مستوى الفائدة في مستوى معقول لتحفيز الإنفاق .