المطالبة برفع سقف الدين الأمريكي إلى 16.4 تريليون دولار أمريكي قبل حلول شهر أغسطس المقبل من هذا العام لم يقم الإدارة الأمريكية الديمقراطية والكونجرس الأمريكي فقط بل أقام الدنيا في مشارق الأرض ومغاربها ولم يقعدها. ومن المعروف أن الخزانة الأمريكية لا تستطيع بموجب التشريعات الأمريكية أن تقوم بإصدار سندات حكومية جديدة إلا بعد الحصول على موافقة الكونجرس على رفع سقف الدين الحكومي الأمريكي إلى 16.4 تريليون دولار وذلك لأن آخر موافقة تمت لرفع سقف الدين كانت قبل عدة أشهر قليلة ماضية عندما وافق الكونغرس على رفع السقف إلى 14.4 تريليون دولار ومع نهاية شهر يوليو من هذا العام تحتاج الخزانة الأمريكية موافقة جديدة لرفع سقف الدين مرة أخرى لتتمكن من طباعة وإصدار سندات جديدة. ولو لم تتم الموافقة على رفع سقف الدين يتأثر الاقتصاد العالمي بما فيه العربي والخليجي بشكل واضح، ذلك أن الاقتصاد الأمريكي منذ عقود تصل لخمسين سنة دأب على الاستدانة من داخل الولاياتالمتحدةالأمريكية ومن خارجها سواء أوروبيا أو آسيويا أو أفريقيا وليست هذه حدوتة اقتصادية. وبرغم أن هذا الدين صنعته الأيادي الأمريكية داخل البيت الأمريكي وأوقعت بسببه حبال الاقتصاد الأمريكي في حبال المشنقة الاقتصادية، إلاّ أن عولمة الاقتصاد الأمريكي وارتباطه باقتصاديات العالم كبيره وصغيره، جعل من آثاره كابوسا يخيّم على العديد من دول العالم بما فيها دول الوطن العربي والخليج العربي. بعد أحداث سبتمبر 2001م والمغامرات العسكرية التي أدخلت فيها الإدارة الأمريكية السابقة أمريكا في حروب ضارية في عدد من بلاد العالم كلفتها الكثير من حيث الإنفاق العسكري الهائل والذي قفز بموجبه الدين العام الأمريكي إلى معدلات مهولة وكان الاقتصاد الأمريكي يستمد تغذيته من خلال إصدار السندات الحكومية من قبل الخزانة الأمريكية لتمويل العجز في الميزانية وسداد نفقات الحكومة وذلك اعتماداً على ثقة الأسواق الدولية في متانة وجدارة الاقتصاد الأمريكي، وقد كانت مستويات الدين الحكومي الأمريكي معقولة نسبياً مقارنة بإجمالي الناتج القومي وعلى سبيل المثال كان الدين العام الأمريكي في الثلث الأول من عقد الثمانينيات في حدود 1.5 تريليون دولار أي ما يعادل 42٪ من إجمالي الناتج القومي الأمريكي وهو أمر مقبول بالمقاييس الاقتصادية الدولية. ولكن بعد أحداث سبتمبر 2001م والمغامرات العسكرية التي أدخلت فيها الإدارة الأمريكية السابقة أمريكا في حروب ضارية في عدد من بلاد العالم كلفتها الكثير من حيث الإنفاق العسكري الهائل والذي قفز بموجبه الدين العام الأمريكي إلى معدلات مهولة لم يشهدها التاريخ الأمريكي والعالمي من قبل ، حيث وصل الدين الأمريكي بنهاية عهد الرئيس الأمريكي بوش مع بداية العام 2008م إلى 10.2 تريليون دولار أمريكي وهي وصلت حالياً إلى مستوى قياسي جديد وهو 14.4 تريليون دولار أمريكي بنهاية هذا الشهر يوليو والسبب بالطبع الدعم الحكومي للشركات الأمريكية خلال الأزمة المالية العالمية. غير أن المهم في الأمر هذا الدين أدخل العالم في نفق الانهيار الاقتصادي أن معظم احتياطيات الدول الغنية، مثل الصين وبعض الدول الأوروبية والدول النفطية وفي مقدمتها دول مجلس التعاون الخليجي، وبالطبع المملكة العربية السعودية إحدى أهم دول هذه المنطقة، ذلك لأنها مستثمرة رئيسية في سندات الخزانة الأمريكية ، مما يعني أن أي تعثر من جانب الحكومة الأمريكية في سداد وخدمة الدين ستكون له آثاره الكارثية على الاقتصاد العالمي والمجتمعات البشرية بشكل يجعل حجم الأزمة المالية العالمية ستمتد. وهذا ينعكس سلبا على القيمة الشرائية للريال السعودي في ظل تراجع الدولار إلى جانب ارتفاع معدل التضخم وتراجع أسعار النفط وضغوط على المالية العامة لأكبر اقتصاد عربي وأكبر مصدر للنفط في العالم، الأمر الذي يحتم على المسؤولين في صناعة الاقتصاد المحلي أن يتبنوا استراتيجية جديدة تكون كفيلة بالحصول على بدائل كالتي يوفرها الاقتصاد الأمريكي سواء من حيث تطور بنية أسواق المال أو من حيث سهولة دخول وخروج الأموال.