(1) تصلك رسالة من صديقة تقول: (لا يكثر في حلقته الرابعة فهد البتيري يجري حوارات مع أبقار في مزرعة ألبان)، المدة التي استغرقها النقد الاجتماعي الكوميدي للبتيري من خلال النسخة الرابعة ل "لا يكثر" سبع دقائق تقريباً، تضحك فيها طويلاً على الذكاء الاجتماعي الذي أضاف له الإعلام الجديد بعداً لم يتم استيعابه حتى الآن من قبل كل المؤسسات. (2) إحدى القنوات التليفزيونية تعيد أحد برامجها المكرّرة، كنت تسمّرت أمامه ما يقارب نصف ساعة في يوم سابق. (3) القناة الأخرى تعرض مسلسلاً كئيباً يعيد نفس الشخصيات ونفس الثقافة ونفس الدراما وينقطع نفسك. (4) تعود لأبيك في دقيقة واحدة وهو على الهاتف يقول لك عن خبر تمطط في شريط الأخبار ويسألك عن "صق الخبر"!، لا تعرف ماذا تقول له، إلا أنك قرأته بنفس الصيغة التي ذكرها لك في "فيس بوك" عن طريق أحد الأصدقاء الذين "يجيبون" الخبر، ويسألك "صق" للمرة الثانية لتضطر أن تقول له إيه ويسألك "ما فيه جديد" وتقول له لا، ويزعل. كنت تود أن تقول له شيئاً عن الإعلام الجديد لكنه حتى الآن لا يعرف كيف يشغّل البلوتوث ليستقبل نكتة من جاره صاحب مكتب العقار الجديد! رغم ذلك ورّط نفسه في السياسة من أيام صوت العرب ولا يزال يدير مؤشر الراديو على إذاعة لندن. (5) تذهب لقناة الأخبار وأنت الذي قررت الهروب منها لتجد رصاصة في الشاشة تتجه لقلبك، تحصي الموتى والساسة والإرهاب ولقطات الجوع. تخفض الصوت وتبقى الشاشة كمعهد صُم. (6) تتذكّر لقطة جديدة لبرنامج أيضاً لشباب اليوتيوب والإعلام الجديد ويبدو أن الشباب وجدوا نافذة كبيرة ليلتقطوا المجتمع من ياقته. أنت تتذكر، دون حساب، الدقائق العشر التي انتهت حسب العنوان، والتذكر حسابه عليك لا على أحد، ذاكرتك لا علاقة لها سوى بك أنت، تستطيع أن تبني فيها عشاً أو تأكل الزجاج، تستطيع أن تخرج من الكنبة الداكنة إلى النهر وتذهب للحديقة وتتحدث مع صديقك في المقهى، ذاكرتك ومخيلتك رغم ضيقهما لكنهما تستطيعان إنقاذك بجدارة خصوصاً وأنت متعوّد على خوض المجاز بجدارة، ولا تنفك منه إلا بعد أن يصيبك النوم أو تنتهي إلى أحد الجروف ويصيب الفزَع قلبك. (7) وجوه الشباب لا تفارقك، وجوههم في الإعلام الجديد وهم يطلقون تحدّياتهم ضد الجشع وضد سياسة التكميم وضد ذباب السياسة وقطعانها، ومع الفرص التي أتيحت لهم للتعبير بحرية مسئولة عن قضاياهم. وأنت متورّط وتلف وتدور لكي تقول ما تريد بشكل يضمن لك مقعداً بين إعلاميين. (8) حين أردت أن تنتهي وأفزعتك مخيلتك بالغربان اليومية وجدت أنه لابد من دقيقة إضافية لتنهي الأمر. (9) عدت بعد يوم كامل إلى قناة الأخبار، هل تتابع الشريط الإخباري وتتورّط في شرح الأمر لأبيك فيما لو التقيته بالصدفة، أم تتابع الرجل الذي وضعته على "Mute" لتستمع إليه وهو يعلّق على صورة جديدة منقولة من الإعلام الجديد أيضاً؟ (10) فتح الرجل فمه وهو يستجوب رجلاً على الشاشة "هذه اللقطات تثبت أن رجال الأمن يطلقون الرصاص على المحتجين". الرجل قال إن ذلك يحدث من مسلحين وعصابات خارج القانون، يقول ذلك وأنت ترى "دبابة" تطارد رجلاً بينما الذي يصوّر فوق "سطح" العمارة يذكر التاريخ باليوم والشهر. (11) تطفئ الشاشة مثل العادة وتعود لتبحث عن الحلقة السابقة التي أكل فيها "فهد" لبنة تبن وتضحك. (12) هذه الدقيقة المضافة لا كلمة فيها سوى صفحة جديدة على الشبكة تدعوك للتسجيل تحت عنوان "الكرامة". [email protected]