شهدت الأشهر الأخيرة إلتزامات بإنفاق إضافي كبير من قبل حكومات دول مجلس التعاون الخليجي مع أولوية للإسكان وتوفير الفرص الوظيفية . ونتيجة لهذا التطور الذى يتواكب مع قوة أسعار النفط ، تتمتع المنطقة حالياً بتميز فريد يتمثل في تحسُّن آفاق النمو الاقتصادي على الرغم من الاضطراب وعدم التيقن الذي يسود الاقتصاد العالمي، ومن المتوقع أن تسجل دول مجلس التعاون الخليجي نموا بنسبة 6 بالمائة هذا العام ، يليه نمو بمعدل 5 بالمائة في 2012 ، من ناحية أخرى توقع تقرير اقتصادى أن تشهد المملكة تسارعاً كبيراً في النمو الاقتصادي ليرتفع من 3.7 بالمائة في العام الماضي إلى 5.3 بالمائة هذا العام ، ويُرجَّح أن تُحقق قطر نمواً بمعدل يناهز 20 بالمائة ، وقال إن الإمارات موعودة بانتعاش اقتصادي بفضل نجاحها في معالجة نقاط الضغط المتعلقة بمديونيتها السيادية وشبه السيادية، فضلاً عن دلائل عودة إلى الأوضاع الطبيعية في قطاع العقار الذي شهد الكثير من الاضطراب والانحدار. من جانبه قال الدكتور يارمو كوتيلين كبير الاقتصاديين بالبنك الأهلي " إن التساؤل الذي يفرض نفسه من الآن فصاعداً يتعلق بوتيرة وتركيبة الانتعاش الاقتصادي ،ووسط توقعات أن تتجاوز الأرقام والمؤشرات الرئيسية للنمو كافة التوقعات، إلا أن زخم النمو مرهون إلى حد بعيد بتأزم في سوق النفط وانفاق حكومي متزايد،حيث تتوافر دلائل متضاعفة على تحول إيجابي في أداء القطاع الخاص بيد أن المنطقة تظل عرضة للتأثر بالغموض وعوامل عدم التيقن السائدة في الاقتصاد العالمي." وأضاف ان أهم المخاطر تتمثل في الجدارة الإئتمانية للولايات المتحدةالأمريكية، وأزمة الديون في منطقة اليورو، والضغوط التضخمية المتصاعدة في الأسواق الناشئة الرئيسية ، وحتى مع تسارع وتيرة النمو الاقتصادي في دول الخليج ، يبدو أن هذه الدول تمر بفترة راحة من حدة الضغوط التضخمية، وعقب زيادة كبيرة في الأسعار في عامي 2009 و2010، استقر معدل التضخم إلى حد بعيد رغم أنه لا يزال عند مستويات عالية في السعودية والكويت – حوالي 5 بالمائة - مقارنة ببقية الدول الأخرى في المجلس حيث أثّر ضعف سوق الاسكان على ضغوط الأسعار وأبقاها في مستويات متدنية قياسية، واستبعد كوتيلين أن تشهد المنطقة إرتفاعاً حاداً في معدلات التضخم رغم المخاوف المتمثلة في الزيادة الكبيرة في الإنفاق الحكومي وإنخفاض سعر الدولار، وتتصاعد الدلائل على انتعاش نمو الكتلة النقدية، بل أيضاً الإقراض المصرفي، غير أن المؤشرات والأرقام النقدية الكلية بالمنطقة متفاوتة بقدر كبير إذ تشهد كل من قطر و السعودية و الإمارات نمواً سريعاً في كتلتها النقدية. ويعود الفضل في ذلك أساساً إلى زيادة الإنفاق الحكومي. ويتحقق أسرع نمو في الإقراض المصرفي في قطر وعُمان والمملكة العربية السعودية، إلا أن وتيرة النمو لا تزال معتدلة على نحو قياسي، خصوصاً بالأسعار الحقيقية.وحتى في ظل المخاوف إزاء المخاطر الإقتصادية، لا تبدو أية دلائل على تباطؤ ازدهار البنية التحتية بالمنطقة.