ماريا منتسوري، طبيبة إيطالية مارست الطب بعد تخرجها بمؤسسة للأمراض النفسية تشمل أطفالا متنوعين في قدرتهم العقلية والجسدية، حيث اكتشفت أن لدى الأطفال قدرات على التعلم أكثر مما يعتقد الخبراء، وخلال عملها كطبيبة رفضت المنهج الطبي لتفسير الإعاقات الذهنية، ورأت أن المشكلة تعليمية وليست طبية، فهجرت الطب وعملت بالتدريس، وطورت منتسوري، نظرية للتعليم تقوم على احترام الطفل وتقديره، واحترام أفكاره وتخيلاته وأحلامه، فالأطفال بتنوع قدرتهم، يتعلمون بخبرتهم وتفاعلهم مع الحياة وليس من خلال التلقين، فليس هناك معلم تقليدي بل مجرد مرشد للأطفال يقوم بإرشادهم على تدريب حواسهم الخمس من خلال أدوات تدريبية وليس مناهج تلقينية، ويتم استبدال المدرسة ببيت مناسب من حيث التنظيم والأدوات التي تساعد على النمو السليم، ويقوم الأطفال بتعليم أنفسهم بمساعدة المرشد الذي لا يتدخل بعمل الأطفال بل التوجيه والمساعدة فقط، ومرفوض تماما التلقين والعنف، فالتعليم يقوم على الحرية، وتم تجريب منهج منتسوري على الأطفال ذوي الإعاقة أولا، وبعد تحقيق نجاح باهر تم تعميمه على كل الأطفال ليحقق نفس النجاح، إن أهم ما يلفت النظر بتلك التجربة الرائعة هو تجاوز المنهج الطبي المحدود والخروج للمنهج الاجتماعي الرحب، فالمنهج الطبي بمجال الإعاقة على وجه الخصوص برغم أهميته الكبيرة،إن أهم ما يلفت النظر بتلك التجربة الرائعة هو تجاوز المنهج الطبي المحدود والخروج للمنهج الاجتماعي الرحب، فالمنهج الطبي بمجال الإعاقة على وجه الخصوص برغم أهميته الكبيرة، قد حصر مجال الإعاقة بمفاهيم ضيقة وسلبية، فقد وصمت ذوي الإعاقة بالعجز والقصور مما أدى لانتشار ثقافة رجعية ضدهمقد حصر مجال الإعاقة بمفاهيم ضيقة وسلبية، فقد وصمت ذوي الإعاقة بالعجز والقصور مما أدى لانتشار ثقافة رجعية ضدهم، وقد قرأت منذ أيام دراسة طبية حول ذوي الإعاقة السمعية « الصم « تؤكد الدراسة أن الصم لديهم قدرة محدودة على التواصل مع المجتمع نتيجة قصور حاسة السمع وتأثيرها على المخ، إن هذه الدراسة وبعيدا عن مدى دقتها الطبية، تفتقد تماما الجانب الاجتماعي الواقعي، فالصم بالفعل منعزلون بدرجة كبيرة عن المجتمع ولكن ذلك بالتأكيد ليس رغبة منهم بالعزلة، بل لأن لغتهم « لغة الإشارة « غير منتشرة ولا مفهومة بالقدر الكافي بالنسبة للمجتمع، والحقيقة والواقعية أن عزلة الصم تنكسر بسهولة بمجرد وجود التواصل، حتى تعلم بعض الإشارات البسيطة كفيل بالتواصل السريع، فهم يرغبون بالتواصل ويسعون إليه لكن الحواجز المادية والثقافية هي التي تعيقهم، إن العلم لم يعد يعرف الحقائق المجردة، بل هو منظومة متكاملة، وقد تأخرت العلوم الاجتماعية خاصة التعليم كثيرا نتيجة غياب التفاعل والتجريب المجتمعي، إننا نحتاج بالفعل لثورة علمية شاملة على كل المستويات، نحتاج لتعلم وليس تعليما، يجب أن نطور رؤيتنا للتعليم بشكل جذري، وليحدث ذلك يجب منح الفرصة كاملة للشباب والأطفال كي يتعلموا بحرية. [email protected]