حينما يبدأ الإنسان تجارته ، يكون في قمة حماسه وتفاؤله ، ويعتقد أن بمقدوره تغيير خارطة الاقتصاد وتطويرها وإضافة قيمة نوعية للسوق ، وكذلك سد ثغرة عرض وطلب قائمة، هذا الكلام طبعا ينطبق على الأفراد الطموحين ! ويمضي الشهر الأول فيصاب المرء بالذهول من صعوبة الإجرات ، ثم تمر السنة الأولى ويبدأ التاجر الصغير بالتفكير في تقبّل المشروع أو الانسحاب من السوق ، والبحث عن وظيفة تغني عن وجع الدماغ والقلب. نصيحتي لكل مبادر ومبادرة ،وأنا منهم لكن زودتني السنون بخبرة جميلة ،هو أن يبدأ دخوله لعالم التجارة برؤية ورسالة واضحة لمشروعه، كذلك بعض التخطيط الاستراتيجي الذي يغطي ابرز الأمور المهمة في حياة المؤسسة من الموارد البشرية ، المالية، والتسويق ،والبنية التحتية،ومظهر المقر ونحوها من الضروريات لقيام المشروع. حينما يؤسس الإنسان مؤسسة ويتعامل مع من حوله من الفريق بالعدل والحكمة ويجد أن البعض لا يلتزم ولا يؤمن برسالة القيادة وينسحب في أوقات حرجة فليقل أيضاً: كلها كم سنة وسيكون الكيان اقوى ويعرف الناس أن القافلة تسير رغم الصعوبات وأن النجاح تدريجي ويحتاج الى وقت وبشرٍ مخلصين . وبعد ذلك ينطلق بكل عزيمة وتوكّل على الله ، ويقول حينما تشتد الأمور كلها كم سنة وأصل لحلمي ، هذا من تجربتي فحينما نقدم عرض أسعار لشركة كبيرة في السوق ويردون علينا بأن السعر غالٍ (رغم أننا نحسِب أسعارها بالساعة ثم ضربها في معدل الربح المدروس) ، نقوم بمراجعة السعر ونقول : كلها كم سنة ويعرفها الجميع ويعرف أن أسعارنا عادلة . وحينما يؤسس الإنسان مؤسسة ويتعامل مع من حوله من الفريق بالعدل والحكمة ويجد أن البعض لا يلتزم ولا يؤمن برسالة القيادة وينسحب في أوقات حرجة فليقل أيضاً: كلها كم سنه وسيكون الكيان اقوى ويعرف الناس أن القافلة تسير رغم الصعوبات ،وأن النجاح تدريجي ويحتاج الى وقت وبشر مخلصين. وحينما يراجع التاجر أوراقه المالية ويلاحظ نموا بسيطا في كل سنة ،فلا يستعجل وليقول: كلها كم سنة من العمل الجاد وبناء الاسم ،وسيلمس التاجر الطموح الأمين بركة وربحا وفيرا بإذن الله، وسيتسابق العملاء في كسب التعامل معه. كلها كم سنة هي لست دعوة الخمول والتراخي ، بل هي نداء لنفاذ البصيرة والصبر الجميل والنفَس الطويل ورسم حلم زاهٍ والتوجه نحوه كل يوم بكل إصرار وتوكلٍ على الله. ودمتم بخير ورضى من الله [email protected]