تحدثت في المقال السابق عن تاريخ المجلات الشعبية ووصولها لمرحلة كانت أرقام التوزيع فيها تصل إلى أرقام فلكية، ومراحل دخول الشعر عالم الأنترنت قبل أن يأتي برنامج (شاعر المليون) ليحدث ثورة انقلابية على المطبوعات الشعبية، خارج نسق الاحتكار والشللية والتلميع، ثم انتشار المواقع الإخبارية الشعرية والفيس بوك؛ ليكون هذا الأمر القشة التي قصمت ظهر البعير. القنوات الشعبية من جانب وشاعر المليون عمل ثورة إعلامية للشعر، تجاوز في نسخته الأولى مشاهدة تجاوزت ال17 مليون مشاهد في الحلقة الواحدة، ثم انتشار المواقع الإخبارية الشعرية، مثل موفن ووكالة الشعر ومركز أنهار الإخباري وغيرها من المواقع الإخبارية الشعرية. أصبح (العم تويتر) مجالًا رحبًا لتقديم الشعر – من خلال الشعراء أو من خلال المتابعين – أو بعض الحسابات المهتمة بالشعر، ووصل عدد متابعي بعض الشعراء إلى مئات الآلاف. فتم سحب البساط من تحت أقدام المجلات الشعبية، بعد تجربة صحفية لم تتجاوز العشرين عامًا، قدّم من خلالها المئات من الشعراء النجوم وآلاف القصائد، وتمّ تهميش عددٍ كبير من الشعراء وإقصاؤهم من المشهد الشعري العام ما بين احتكارية غبية أو شللية غير مقبولة، إلا أنه بعد ذلك أغلقت تلك المجلة أبوابها، من خلال موت بطيء وذهب متابعو المجلات الشعبية الى القنوات الفضائية، والى شاعر المليون، بالإضافة إلى المواقع الإخبارية الشعرية، ثم تجربة الفيس بوك، الأكثر إثارة، كثورة تقنية موصلة للشعر. والأمر لم يتوقف عند ذلك، فقد أتت ثورة تقنية أخرى، جعلت الجميع يعاود حساباته من جديد، بما فيها الفيس بوك والقنوات الفضائية أتت (ثورة) موقع تويتر، وانطلق الشعراء بقضهم وقضيضهم الى تويتر وانطلق كذلك الآلاف من متابعي الشعر بحثًا عن الشعراء والشعر، وأصبح (العم تويتر) مجالًا رحبًا لتقديم الشعر، من خلال الشعراء أو من خلال المتابعين، أو بعض الحسابات المهتمة بالشعر، ووصل عدد متابعي بعض الشعراء إلى مئات الآلاف. وأصبح تويتر يقدّم الشعر كوجبة رئيسية ضمن وجباته اليومية، وأصبح المتابعون في تزايد غير مسبوق، ومن النادر أن تجد شاعرًا من شعراء الساحة الشعبية، أو من خارجها لا يملك حسابًا في العم تويتر، للتواصل المباشر مع محبيه، وعشاق شعره. ولكن السؤال الأهم بعد هذه الانتقالات التقنية: هل يقف الأمر شعريًا عند بوابة العم تويتر، أم يأتي من تقنية الاتصالات ما يجعل تويتر ذكرى في عالم النسيان، ويصبح للشعر حضور جلي من خلال ثورة اتصالات أخرى، لا تقل تقنيًا عن الفيس بوك وتويتر، علينا أن ننتظر فقط، وإن غدًا لناظره قريب !!