القصة القصيرة لماذا؟ ربما يعانق هذا السؤال مخيلة البعض، لكننا نقول: إن ثمة هاجسا يشير إلى محاولة إثراء هذا الفن «القصة» من خلال الإبداع وطرح القضايا والنقد الهادف، وإقامة علاقة بين النقد وبين كتاب القصة من هم في البدايات ومن قطعوا شوطاً من الإبداع بالمشاركة والفعالية التي تثري وتكشف وتتجه إلى هدفها دون التواء. هذه المقدمة الصغيرة التي تحمل في طياتها دعوة صريحة ونداء واضحا لمعانقة القصة القصيرة ثانية، فنحن نطمح الى أن يتحرك هذا الركود الذي يطال كتاب وكاتبات القصة، إذ إننا منذ فترة ليست قليلة لم نشهد إصدارا جيدا (وأنا أتحدث هنا عن الإصدارات المحلية) ونستثني بعض الأعمال القليلة ولم نقرأ إلا العدد القليل من الأعمال القصصية الجيدة. كلام كثير عن مسابقات القصة القصيرة.. لكن أين الإبداع القصصي الذي يستفز الناقد للكتابة، ويدفعه إلى تحريك يده لتتناول قلمه؟ دخل إلى الساحة كتاب وكاتبات جدد بعضهم و (بعضهن) واعد قدموا بعض الأعمال ثم توقفوا. المسابقات العديدة للنوادي الأدبية والأماكن الثقافية الأخرى لا تكشف إلا عن القليل من المواهب، لأن هناك فئة تحترف المشاركة في هذه المسابقات.بعض الكتاب والكاتبات توقفوا ولا أدري لماذا؟ أين محمد علوان وأميمة الخميس وأحمد الدويحي وعبد العزيز الصقعبي وعبد الله باخشوين وحسن النعمي وسعد الدوسري وفهد العتيق والمحيميد وأحمد بوقري وحسين علي حسين ومحمد الشمري، ومبارك الخالدي وغيرهم؟ صحيح أن البعض تحول إلى كتابة الزوايا (وهذا أجدى وأربح) والبعض إلى الرواية، لكن يظل الإبداع هو الدافع والمحرك، وهو الذي يقدم المبدع إلى ساحة الشهرة الحقة.أخبار كثيرة نسمعها عن مجموعات قصصية ستصدر، وعتاب شديد لتجاهل النقد، واتهام يصل إلى حد القسوة موجه ضد الصحافة لأنها لا تفتح صدرها للإبداع القصصي، وكلام كثير عن مسابقات القصة القصيرة، لكن أين الإبداع القصصي الذي يستفز الناقد للكتابة، ويدفعه إلى تحريك يده لتتناول قلمه ليكتب؟ هل ستظل أقلام النقاد تتجه إلى أسماء بعينها، وهي رغم أحقيتها بالنقد توقفت عن الإبداع واكتفت بما قدمت؟ربما تكون الكتابة النقدية عن مجموعات «أولى» أو كتاب جدد مغامرة نقدية، لكن سيظل هناك عمل مستفز يحرك بوصلة الناقد لتتجه إليه، تستقطبه وتحفزه .. فأين هو؟ حقيقة ومنذ فترة لم نر الناقد الذي يقول عبر كتاباته النقدية: إنني أقدم لكم هذا القاص أو هذه القاصة ويراهن على ذلك. من قبل راهن سيد قطب على نجيب محفوظ، وكسب الرهان. وراهن رجاء النقاش على الطيب صالح وكسب الرهان، وراهن غيرهما على أسماء عديدة لا يتسع المجال لطرحها وكسبوا الرهان، فهل راهن ناقد على قاص بعينه في الساحة المحلية؟