الخطوط الحمراء سقطت في اليمن ولم تعد هناك حدود بين أطراف النزاع والأسلحة المستخدمة تفوق المتوقع في مثل هذا الوضع ولعل تطوّرات الوضع يوم أمس من استهداف بعض رموز السلطة اليمنية ابتداء من الرئيس علي عبدالله صالح ورئيس الوزراء وأعضاء الحكومة تدفع المراقب إلى الحدس إلى ان الأمر بات وشيكاً للحسم فإما الاستمرار في العنف أو الحسم العسكري لأحد الأطراف ضد الطرف الآخر. تطوّرات أمس كادت تحوّل القضية في نزاع بين الرئيس علي عبدالله صالح وعائلة آل أحمر وهو ما شاهدناه أمس على شاشات الفضائيات من قصف متبادل للطرفين، ومجرد أن يتحوّل الامر إلى ذلك يعني دخول اليمن في صراع قبلي لا يعلم الله متى نهايته. من مخاطر الثورات العربية ان تتحوّل إلى نزاع شخصي بين اطراف ويتم تجريدها من صيغتها السياسية ودفن أحلام الشعوب وتوقها للحرية والعدالة بشخصنة الثورة، كما يبدو انه يتحوّل في اليمن في الأسبوع الأخير. حين بدأت أزمة اليمن كانت منضبطة من قبل المحتجين والسلطة وحملت طابعاً سلمياً تمثل في ثورة شبابية انضمت إليها المعارضة بأحزابها المتعددة على أمل ركوب الموجة وتحقيق المكاسب السياسية والجماهيرية حين تسقط الثمرة لكن الرئيس علي عبدالله صالح استطاع ان يجرّ الجميع إلى المحذور ويدفع الجميع إلى التمترس خلف جدران عالية لا يرى فيها كل طرف سوى أسواره العالية مما يحجب الواقع الحقيقي، ويتصرف كل طرف من متاريسه وجدرانه دون حوار مع الآخرين. إذا استمر الوضع في نزاع بين الرئيس وآل أحمر فسوف نشهد تحرك حشود القبائل المختلفة للمناصرة وقتل المئات من أبناء الشعب اليمني وستستخدم كافة الأسلحة لفرض الأمر الواقع. في هذه المرحلة الخطيرة.. المطلوب أولاً إيقاف الاشتباكات والقصف المتبادل وإعادة المفاوضات حول المبادرة الخليجية؛ لأنها الورقة الأكثر ربحاً للأطراف، وسبق أن وافقت عليها الأطراف والمجتمع الدولي وهي في جوهرها تسعى إلى الحفاظ على وحدة اليمن وصيانة دماء شعبه وتأمين ضمانات كافية للرئيس علي عبدالله صالح، وتأمين انتقال السلطة بشكل سلمي بعيداً عن الدماء. ما زال الوقت في صالح الأطراف لتوقيع المبادرة الخليجية رغم ما وصلت إليه الأحوال ومن الضرورة أن يدرك الرئيس اليمني أنها الحل الوحيد الذي يحظى بشرعية إقليمية ودولية وان وقت المناورات قد ولّى ولا مفر أمام الجميع سوى القبول أو مواجهة بحر من الدماء وحروب أهلية مع صومال أخرى على أراضي اليمن.