التلاعب السياسي في اليمن يكاد يصل إلى نهاية المطاف بعد أن أصبحت أوراق الملعب مكشوفة لدى الجميع بمن فيهم الحكومة والمعارضة، وآخر الأوراق هي تهيئة الأجواء وحرث التربة تمهيدا للفتنة والحرب الأهلية. انسداد الأفق السياسي للحل يدفع الجميع إلى التمترس خلف مواقفهم وتحصين خنادقهم وتنظيف أسلحتهم وحشوها بالذخيرة استعدادا للموقف الذي لا تراجع بعده.. هذا ما تبدو عليه صورة اليمن بعد الاشتباكات بين القوات الموالية للرئيس علي عبدالله صالح أنصار آل الأحمر الذين وقع في صفوفهم قتلى أمس وأربك المشهد وخلط الأوراق وتكاد تتبدل الصورة إلى القتامة إذا ما تركت الأطراف للعناد والانفعالات السيطرة على الساحة اليمنية. اليمن بلد مختلف خليط من القبائل المسلحة والحوثيين وأنصار الحراك الجنوبي وتنظيم القاعدة الإرهابي وكل الاطراف لها أجندتها الخاصة ومطامعها المتناقضة وإذا اندلعت الحرب الأهلية فستكون مكلفة للغاية ولن يتمكن أحد من التحكم في نتائجها وهو ما يقلقنا في السعودية ويدفعنا إلى إعطاء اليمن اهتماما مختلفا في سلم أولوياتنا السياسية وحين طرح مجلس التعاون الخليجي مبادرته تمت دراستها وتم أخذ مصالح الأطراف اليمنية في الاعتبار لمنع الوصول إلى الجدار الأخير. بكل وضوح المجلس لن يقف متفرجا على أي انزلاق أمني يوصل إلى حرب أهلية تهدد استقرار وأمن المجلس وفي مقدمتها المملكة وكل ما نطالب به استغلال فرصة المبادرة الخليجية من قبل الرئيس علي عبدالله صالح والمعارضة وحل المشكلة في إطارها السياسي والقانوني بعد أن تراضى الطرفان بمجمل بنودها وما التلاعب والنكوص إلى الوراء إلا مجازفة غير محسوبة من قبل الأطراف بل يمكن اعتباره مغامرة بمستقبل اليمن وشعبه الكريم النبيل. ماذا يملك أطراف النزاع غير المبادرة الخليجية؟ حتى الآن لا شيء غيرها وربما غيرها يعني الانقسام الوطني وتطوير الصراع إلى حرب مجهولة كما هو حاصل في ليبيا لذلك نأمل أن يرجع الجميع إلى المبادرة وأن يحتكموا إلى بنودها للعبور إلى مربع الأمن والاستقرار، وما التلاعب سوى دليل على أن اللاعبين المنهكين قد يسقطون قبل الوصول إلى خط النهاية.. مازالت الفرصة سانحة لوقف النزيف وتجنيب وطنهم المخاطر والخسائر بالجلوس إلى طاولة التوقيع عندها فقط يكون الجميع رابحين وأولهم الشعب اليمني.