بعد انتظار دام 12 عاماً، تمكن ريال مدريد من تحقيق لقب دوري أبطال أوروبا، وختم موسمه بأهم الألقاب الأوروبية على مستوى الأندية، بعد أن قلب تأخره أمام جاره أتلتيكو بهدف إلى فوز كاسح برباعية في المباراة النهائية على ملعب لالوش بالعاصمة البرتغالية لشبونة. وكما يقول المثل الشعبي «الثالثة ..ثابتة»، وذلك للدلالة على نجاح المحاولة الثالثة عندما يقوم أي شخص بتجريب أمر ما، بعد فشل المحاولتين الأولى والثانية، فانه عادة ما ينجح في المحاولة الثالثة لتلافيه أخطاء محاولتيه السابقتين، لكن هذا المثل لا ينطبق على ريال مدريد، حيث إن الأخير طوعه من أجل عيون البطولة العاشرة، ليتحول إلى «العاشرة ساحرة»، وهذا المثل سيتغنى به عشاق الريال لفترة طويلة من الزمن بعد كسر عناد معشوقتهم المفضلة. صنع ريال مدريد المستحيل في مباراة دراماتيكية عندما ادرك التعادل في الوقت القاتل وزمن المباراة يشير إلى الدقيقة الرابعة من الوقت المحتسب بدلا من الضائع، عبر الجناح الويلزي جاريث بيل لتدب الروح من جديد في نفوس لاعبي الملكي، بل ونفوس عشاق المارد الأبيض من مشارق الأرض إلى مغاربها، فهدف أغلى لاعب في العالم كان كفيلاً بإعادة الأمور إلى نصابها، وإحياء الأمل من جديد لدى جماهير ريال التي كانت تمني النفس بمعانقة لقب التشامبيونزليج للمرة العاشرة. بيل أثبت أحقيته في أن يصبح أغلى لاعب في العالم بتسجيله هدفا حاسما خلال مباراة أتلتيكو ،القطب الآخر للعاصمة الاسبانية مدريد، بعد أن سجل هدف الفوز على برشلونة في نهائي كأس ملك اسبانيا. الريال عزز رقمه القياسي في البطولة بعد أن كسر صيامه عن اللقب منذ 2002، فيما خسر أتلتيكو النهائي للمرة الثانية بعد هزيمته قبل 40 عاما أمام بايرن ميونيخ الألماني الذي حقق اللقب خمس مرات بالتساوي مع فريق ليفربول الانجليزي. وبالرغم من ابتعاد ريال مدريد عن الفريقين الانجليزي والألماني بأربعة ألقاب قبل التتويج باللقب، إلا أنه كان حريصاً على توسيع الفارق وجعله خمسة ألقاب بالتتويج بالبطولة العاشرة، والتي بلاشك ستكون ساحرة لدى الجمهور الملكي. ريال مدريد بأناقته المعهودة، وامبراطوريته العالمية، ونجومه الملكيين غنى الموال ونسج اسما طرزه التاريخ بأحرف من ذهب، وغاب عنه الحلم عقداً وعامين من العمر فأرسى خياله وفنه في جميع جغرافية العالم. لقد كانت آخر مرة يفوز فيها ريال مدريد بدوري أبطال أوروبا في العام 2002، وهي السنة التي كانت مهدا لأسطورة كرة القدم البرتغالية كريستيانو رونالدو، حيث انتقل اليها من مسقط رأسه ماديرا في وقت مبكر، ولعب بقميص سبورتنج في ذلك العام قبل أن يشد الرحال الى إنجلترا في العام التالي الى اولد ترافورد؛ ليدافع عن قميص الشياطين الحمر مانشستر يونايتد، ويصبح الفتى المدلل للسير أليكس فيرجسون، لينتقل إلى ريال في عام 2009، ويسطر معه نجاحات طيلة اربعة مواسم قضاها في صفوف الملكي. الريال انتظر صاروخ ماديرا ليقصف به عناد الساحرة المستديرة، وليصبح بطل الأبطال للمرة العاشرة، وكما يقال زامر الحي لا يطرب ، إلا كريستيانو رونالدو في البرتغال، فقد حظي باستقبال يليق بلاعب أسطورة في لشبونة، ليس لكون فريقه يخوض النهائي، بل من أجل شحذ همم اللاعب ومنحه دفعة معنوية قبل الانضمام لمعسكر المنتخب البرتغالي استعداداً لمونديال البرازيل، فقبل أيام معدودة من انطلاق العرس العالمي حقق رونالدو كل ما تشتهيه نفسه مع كرة القدم على مستوى الأندية سواء مع ريال أو مانشستر يونايتد، لكنه يتطلع لانجاز جديد على مستوى المنتخبات بقيادة بلاده إلى مراحل متقدمة من كأس العالم، وهو قادر على ذلك لاسيما وانه كان صاحب فضل كبير. تتويج رونالدو بالكأس القارية للمرة الثانية في مسيرته بعد نسخة 2008 مع اليونايتد، سيمنحه شحنة معنوية كبيرة للتألق مع منتخب بلاده في مونديال البرازيل الشهر المقبل. رونالدو قام بدور بطولي مع منتخب بلاده بقيادته للتأهل لكأس العالم، صحيح انه كان بشق الانفس على حساب المنتخب السويدي، إلا أن الجماهير لم تنس أن ترد للاعبها المفضل الجميل وكانت في الموعد بملعب النور في لشبونة، ولأجل عين تكرم مدينة، ولأجل رونالدو حظي فريق ريال مدريد الإسباني بدعم ومؤازرة سكان لشبونة، الذين كانوا يحلمون برؤية صاروخ ماديرا وهو يحمل الكأس العاشرة في تاريخ الفريق الملكي أمام جاره أتلتيكو مدريد. رونالدو بعدما قدم موسماً مميزاً في الليجا الاسبانية مع ريال مدريد، وتفوق فيه على منافسه الشرس ليونيل ميسي، سينتقل الصراع بينهما إلى كأس العالم، لكن الدون تفوق على البرغوث هذا الموسم في كل شيء والارقام لا تكذب ولا تتجمل، فقد سجل الفتى الذهبي البرتغالي 51 هدفاً موزعة على 31 هدفا في الدوري، و3 أهداف في الكأس، و17 في دوري أبطال اوروبا، وهو رقم قياسي جديد في البطولة ،بينما أحرز ميسي 14 هدفاً كأعلى نسبة له في دوري الابطال ، وسجل هذا الموسم في الدوري 28 والكأس5 ودوري الابطال 8. لكن الانجاز الأهم الذي حققه رونالدو هذا الموسم هو التتويج بالكرة الذهبية على حساب ميسي ايضاً، بالاضافة الى الأوسمة التي قلدها له الرئيس البرتغالي.