اختتم المفاوضون الفلسطينيون والإسرائيليون في ساعة مبكرة من يوم امس جلسة أخرى عقدت بوساطة أمريكية من دون علامة تذكر على حدوث انفراجة في المساعي الرامية لإنقاذ محادثات السلام، لكن مسؤولا إسرائيليا قال: إن الجانبين اتفقا على الاجتماع مرة أخرى، فيما قالت مصادر: إن رام الله اوفدت وفدا رفيع المستوى لروسيا لبحث اقحامها في المفاوضات المتعثرة منذ رفض اسرائيل اطلاق سراح الاسرى أواخر الشهر الماضي، في خطوة تبحث من خلالها عن مخرج دولي لازمة المباحثات مع اسرائيل وتقترح اقامة مؤتمر جنيف خاص بالقضية الفلسطينية على غرار مؤتمري جنيف 1 و 2 الخاص بالازمة السورية. فجوات وتمديد وفي التفاصيل، وصف د.صائب عريقات واللواء ماجد فرج في تقرير للقيادة الفلسطينية عقب الجلسة التفاوضية أن الوفد الاسرائيلي لا يطرح اية افكار جديدة، وأن جلسات التفاوض تدور في دائرة مغلقة، إلا أن القيادة اعربت عن التزامها بجلسات المفاوضات حتى 29 من الشهر الجاري التزاما بالوعد الذي قطعته للإدارة الامريكية. من جانبه، قال الدكتور محمد اشتية: "إن إسرائيل تحاول تمديد المفاوضات بعد التاريخ المتفق عليه (29-4-2014)، ونحن نقول إن الأهمية لا تكمن في التمديد، بل تكمن في النوايا والجدية لدى إسرائيل في المضي بالمفاوضات، من خلال الإفراج عن الدفعة الرابعة من الأسرى ووقف الاستيطان، وأن تضع حدودا لها على أساس حل الدولتين وحدود عام1967". وقال مسؤول فلسطيني على اطلاع: "إن القيادة اتخذت قراراً بتمديد المفاوضات لشهرين فقط من أجل ترسيم حدود الدولة الفلسطينية في هذه الفترة الزمنية. في المقابل، قال وزير الحرب موشى يعلون: إن المفاوضات في خضم أزمة كبيرة، وما قامت به السلطة مؤخراً يثبت أنها ليست معنية بتقديم تنازلات أو حتى التفاوض"، مشيراً إلى أن السلطة تخوض المفاوضات من أجل الحصول على تنازلات، في حين لا تقبل الاعتراف ب"إسرائيل" كدولة يهودية، فضلاً عن رفضها الاعلان عن نهاية الصراع، محذراً من مغبة التوصل إلى تسوية سياسة تفضي إلى واقع أمني في الضفة الغربية مماثل للوضع القائم في قطاع غزة بعد الانسحاب منه. ولفت إلى أن تكرار خطوة كهذه في الضفة الغربية ستجعل الجبهة الداخلية في "إسرائيل" ومنشآت استراتيجية أخرى هدفاً مركزياً للمقاومة الفلسطينية في الضفة وستبقى تحت طائلة التهديدات. من جهتها، قالت جين ساكي المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية في بيان عن المناقشات الأخيرة: "لا تزال توجد فجوات لكن الجانبين ملتزمان بتضييق هذه الفجوات". قال السفير الفلسطيني في موسكو فائد مصطفى: إن موضوع مؤتمر للقضية الفلسطينية لمعالجتها على آلية دولية، هو ما تعمل عليه السلطة حالياً، وأشار إلى أن القضية الفلسطينية من المفترض أن تعالج في إطار دولي ورعاية دولية جنيففلسطيني وحول مؤتمر مواز لمؤتمر جنيف، قال السفير الفلسطيني في موسكو فائد مصطفى: إن موضوع مؤتمر للقضية الفلسطينية لمعالجتها على آلية دولية، هو ما تعمل عليه السلطة حالياً، وأشار أن القضية الفلسطينية من المفترض أن تعالج في اطار دولي ورعاية دولية. وابلغ مصطفى "دنيا الوطن" أن هناك مؤتمر موسكو للسلام لمعالجة القضية الفلسطينية على مستوى دولي متفق عليه منذ العام 2008 منذ مؤتمر انابوليس، مشيرا الى أن هناك بعض الأطراف لا تزال تماطل مثل أمريكا واسرائيل، وسط دعوات عربية وفلسطينية لتنظيم المؤتمر تحت مظلة الأممالمتحدة سواء في موسكو أو مكان آخر، لكن مؤتمر موسكو هناك قرار سابق فيه. وحول ما نشرته يديعوت احرونوت العبرية عن توجه الفلسطينيينلروسيا لرعاية المفاوضات يهدد اسرائيل وواشنطن، قال السفير مصطفى: إن روسيا تقف مع حق فلسطين في الاستقلال، مشيرا الى أن روسيا تنطلق مواقفها من قرارات الشرعية الدولية، ومن هنا يأتي الثبات ودعم روسيا للشعب الفلسطيني وفي ذلك ليس هناك تهديدا لأحد، مؤكدا أن العلاقة الفلسطينية الروسية قديمة وتاريخية بين القيادتين وليست موجّهة ضد احد. وفي السياق، حذر وزير الخارجية الاسرائيلي امس الفلسطينيين من أن الإفراج المقرر عن أسراهم لدى إسرائيل لن يتم طالما أنهم اتبعوا ما أسماه بالمحاولة "المستفزة" للانضمام لمنظمات تابعة للأمم المتحدة. كما اتهم أفيغدور ليبرمان الفلسطينيين أيضا بخرق شروط محادثات السلام التي تتم بوساطة أمريكية، قائلا: إن عليهم "دفع ثمن" ذلك. وقال ليبرمان: إن إطلاق سراح الدفعة الأخيرة من الأسرى لن يتم إلا في حال عكس الفلسطينيون مسار محاولات انضمامهم لوكالات أممية. واضاف ليبرمان لإذاعة الجيش الإسرائيلي: "نفضل التفاوض، لكن العرض السابق بإطلاق سراح السجناء لم يعد قائما، كل من يخرق قاعدة عليه أن يتحمل المسؤولية.. لذا فإن العرض السابق لم يعد قائما".
اجتماع عربي من جانبه، قال وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي: إن وزراء الخارجية العرب سيجتمعون في القاهرة اليوم الأربعاء لمناقشة انهيار المفاوضات، وإن عباس سيطالبهم بدعم سياسي ومالي. التمديد أو الفوضى ويرى محللون أن مصير المفاوضات بيد الولاياتالمتحدة رغم تراجع مكانتها الدولية، مرجحين تمديد المفاوضات رغم الأزمة الحالية عاما آخر على أقل تقدير لاعتبارات تخص جميع الأطراف، على رأسها تجنب الفوضى الشاملة. ويقول المحلل السياسي والمحاضر بجامعة الأزهر في غزة الدكتور ناجي شراب بحسب "الجزيرة": إن جميع الأطراف متمسكة بالمفاوضات وإن المسؤولية تقع على عاتق الولاياتالمتحدة في استمرارها، موضحا أن الكل يتخوف من الخيارات البديلة والفوضى الشاملة. ورأى أن انضمام فلسطين لعدد من المنظمات والمعاهدات الدولية لا يهدف إلى تجميد المفاوضات بقدر ما يسعى للضغط على إسرائيل والولاياتالمتحدة للاستجابة وإطلاق الدفعة الرابعة من الأسرى. وقال المحلل السياسي: إن مفاوضات مكثفة وغير معلنة تجري حاليا وستستمر حتى نهاية الشهر الجاري على أمل الخروج بحل تفاوضي وسط يحفظ ماء الوجه للجانبين وتمديد المفاوضات عاما آخر على أقل تقدير. ويرى شراب أن المسؤولية الكبرى في تعثر المفاوضات تقع على عاتق الولاياتالمتحدة؛ لأنها الراعي الرئيس لها وتدرك حجم تنازلات الطرفين وأكثرهما تعنتا في مواقفه التفاوضية، قائلا: إنها منحازة لإسرائيل، وتكتفي بإدارة المفاوضات بدل تقديم رؤية لها. وإضافة إلى تحميل الاحتلال الجزء الأكبر من مسؤولية فشل وتعثر العملية السلمية، حمل شراب الفلسطينيين أيضا جانبا من المسؤولية لجعلهم المفاوضات خيارا وحيدا وعدم تفعيلهم خيارات الشرعية الدولية منذ خمسين عاما. عوامل معطلة من جهته، يقول أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأميركية في جنين الدكتور أيمن يوسف: إن عجز الولاياتالمتحدة عن فرض التسوية على الطرفين يعود "لتراجع مكانتها حول العالم الذي ظهر في الأزمات الإقليمية والدولية، خاصة سوريا وأوكرانيا". ووصف يوسف الإدارة الأمريكية بقيادة باراك أوباما ب"الضعيفة"، مضيفا: إنها تبنت الخيار الدبلوماسي في تعاملها مع الملفات الخارجية، خلافا لخيار القوة الذي كان ينتهجه الجمهوريون. وأشار إلى أن تأثير اللوبي اليهودي في الولاياتالمتحدة والولاء الأمريكي المطلق لإسرائيل وأمنها القومي هو ما منع إدارة أوباما من الضغط على تل أبيب خشية الإضرار بالمصالح المشتركة بين الجانبين. اقتحام الاقصى وفي خضم خلافات المفاوضات، اقتحم عشرات المستوطنين وعناصر المخابرات الإسرائيلية صباح امس المسجد الأقصى من جهة باب المغاربة وسط حراسة مشددة من قبل شرطة الاحتلال الخاصة، فيما واصلت سلطات الاحتلال الإسرائيلي تنفيذ مخططها التهويدي لتحويل طريق باب المغاربة المؤدي للمسجد الأقصى المبارك إلى جسر عسكري ضخم، بعدما هدمت أجزاء كبيرة منه، بهدف تهيئته لحمل آليات ومعدات عسكرية، ولاقتحام مئات الجنود الإسرائيليين للأقصى على دفعةٍ واحدة. ويُعتبر الجسر جزءاً من مخطط كامل لتهويد تلة المغاربة الواقعة غربي الأقصى، وتدعم عدة جهات إسرائيلية هذا المخطط، وتتمثل في حكومة الاحتلال، وما يسمى "بصندوق تراث المبكى"، و"الشركة الإسرائيلية من أجل تطوير الحي اليهودي".