بدأت اسرائيل باتخاذ سلسلة عقوبات تجاه السلطة الفلسطينية ردا على طلب الرئيس الفلسطيني محمود عباس (ابو مازن) ضم دولة فلسطين الى مؤسسات أممية، عقب لقاء عاصف مساء الخميس بين الفريقين المفاوضين الاسرائيلي والفلسطيني، أوضحت وزيرة العدل تسيبي لفني ان تنفيذ النبضة الرابعة من تحرير الاسرى الامنيين ستجمد طالما لم تتراجع السلطة عن التوجه الى مؤسسات الاممالمتحدة. وردا على رفض اسرائيل الافراج عن آخر دفعة من الاسرى الفلسطينيين في 29 اذار/مارس كما هو وارد في تفاهم رعاه كيري قبل ثمانية أشهر، وفي بادرة تؤكد إصراره هذه المرة على عدم التراجع، وقع عباس على الملأ (أمام كاميرات التليفزيون)، مساء الثلاثاء، على وثيقة الانضمام إلى 15 معاهدة دولية مؤكدا: "هذا حقنا،، وافقنا على تأجيل الأمر لمدة تسعة أشهر"، ورفض التهديدات الاسرائيلية بفرض العقوبات فيما تحدث وزير الخارجية الأمريكي جون كيري عن مراجعة أمريكية لعملية السلام، ورفض عباس التراجع عن هذه المطالب في حديث هاتفي مع كيري ليل الخميس الجمعة، وأكد له أنه "لا تراجع عن خطوة التوقيع على الاتفاقيات الدولية"، وفيما أبلغه كيري أن اسرائيل ستتخذ إجراءات شديدة ضد الخطوة الفلسطينية، أجابه عباس: إن "مطالبنا ليست كثيرة وتهديدات اسرائيل لم تعد تخيف احدا ولها ان تفعل ما تريد". وهكذا دخلت القيادة الفلسطينية في مواجهة مفتوحة مع حكومة الاحتلال الإسرائيلي إثر استخدامها لورقة ضغط قوية ضد اسرائيل وهي الانضمام إلى 15 من المنظمات والمعاهدات والاتفاقيات الدولية من أصل 65 مؤسسة وهيئة دولية والتلويح بأن الانضمام لمحكمة لاهاي الأممية ليس ببعيد، عبر التوقيع على "إعلان روما" المؤسس لمحكمة الجنايات الدولية، إذا دفنت إسرائيل مفاوضات السلام بشكل نهائي. قال كيري في أكثر تقييماته تشاؤما للمفاوضات التي خصص لها الكثير من المجهود: "يقولان انهما يريدان الاستمرار، لم يقل أي طرف إنه يريد إلغاءها (المحادثات)، لكننا لن نظل جالسين هكذا للأبد"ويشير خبراء القانون الدولي إلى أن انضمام فلسطين إلى محكمة الجنايات الدولية سيسبب الكثير من المتاعب للإسرائيليين، إذ أنه سيعطي إمكانية لملاحقة مسؤوليها بتهم ارتكاب جرائم حرب بعد فترة وجيزة من الانضمام إلى هذه المحكمة الدولية، كما يترتب على إدانة المحكمة الدولية لأي مسؤول إسرائيلي حرمانه من زيارة أي بلد عضو في المحكمة الجنائية الدولية، ورحبت منظمة العفو الدولية بطلبات الانضمام ودعت الى ان تصبح "فلسطين دولة عضوا في جميع اتفاقيات حقوق الانسان والقانون الانساني" منذ حصولها على وضع مراقب في الاممالمتحدة في 29 تشرين الثاني/نوفمبر 2012. وافادت في بيان انها "تكرر دعوتها الى فلسطين كي تصبح دولة عضوا في نظام روما الاساسي للمحكمة الجنائية الدولية، هذا الاجراء قد يفسح المجال امام احقاق العدالة من اجل ضحايا جرائم الحرب (،،،) في الاراضي الفلسطينيةالمحتلة". وكشف د،محمد اشتيه عضو الوفد الفلسطيني المفاوض احد أهم اسباب فشل المفاوضات الفلسطينية الاسرائيلية وهو الاتفاق على الحدود، وقال: "لو كنا أجملنا مسألة الحدود لتجاوزنا عدة حواجز هامة في مسائل المستوطنات والترتيبات الامنية". واضاف: "إن الاتفاق على الحدود يعني كل طرف كان سيعرف أين حدوده وكنا سننتقل في حينه الى البحث في قضية القدس، مؤكداً أن نتنياهو وحكومته شرعوا في وضع المصاعب والعراقيل، ما هو مهم لنتنياهو هو الحفاظ على الائتلاف الحاكم وليس الوصول الى تسوية"، وأشار موظف اسرائيلي كبير لصحيفة "هارتس" الى أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير جيش الاحتلال موشيه بوغي يعلون طلبا من منسق الاعمال الاسرائيلي في الاراضي الفلسطينية اللواء يوآف (فولي) مردخاي اقتراحات لسلسلة خطوات عقابية ضد الفلسطينيين، أحد الاقتراحات التي وصلت هو تجميد الاذن الذي قدمته اسرائيل لشركة "الوطنية" الخلوية التي تعمل في الضفة لادخال معدات الى قطاع غزة لبدء الانتشار هناك لشبكتها الخلوية. وقالت صحيفة معاريف: إن وزير الاسكان اوري ارئيل هاتف نتانياهو وأبلغه ان الرد الامثل على عباس هو الاعلان عن بناء 4000 وحدة استيطانية جديدة، كما تتضمن قائمة العقوبات سحب بطاقات الشخصيات المهمة من المسؤولين في السلطة الفلسطينية واعلان السيادة الاسرائيلية على المستوطنات اليهودية المقامة في الضفة الغربية اي بمعنى اعلان ضم المستوطنات الى "دولة اسرائيل". اضافة الى ذلك، ستقيد اسرائيل نشاط السلطة الفلسطينية في مناطق "ج" في الضفة الغربية حيث لاسرائيل سيطرة أمنية ومدنية، عقوبات اخرى ينظر فيها ولكن لم تتخذ بشأنها قرارات هي تجميد تحويل أموال الضرائب التي تجبيها اسرائيل عن الفلسطينيين وجباية ديون فلسطينية بمئات ملايين الشواكل لشركة الكهرباء الاسرائيلية. بدوره أعلن وزير الخارجية الأمريكي جون كيري الجمعة أنه يحتاج إلى تقييم المراحل المقبلة من مفاوضات التسوية بين السلطة الفلسطينية والكيان الإسرائيلي مع الرئيس باراك اوباما، وفي إشارة إلى الوضع المتأزم للمفاوضات حذر كيري في مؤتمر صحفي عقده في العاصمة المغربية الرباط من أن الوقت الذي تملكه واشنطن في ملف رعاية مفاوضات التسوية محدود، وقال كيري بهذا الصدد: إن "الأمر ليس بلا نهاية، إنه الوقت المناسب لإجراء التقييم"، وجاء هذا الإعلان بعد أن أوردت وسائل اعلام أمريكية عن مصادر أمريكية رفيعة قولها: إن أوباما يعتقد أن الجهود المتعلقة بالمفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية "وصلت إلى أقصى حدود قدرتها"، وذكرت أن أوباما منح كيري حرية اتخاذ قراراته المتعلقة بشأن مستقبل المفاوضات. وتحدث كيري هاتفيا مع نتنياهو وعباس مساء الخميس وحاول اقناعهما بضبط النفس وكبح الجماح، والى جانب الرسائل الهادئة وجه كيري ايضا رسالة علنية نحوهما جاء فيها ان عليهما أن "يظهرا الزعامة" كي ينقذا المسيرة السلمية من الانهيار. وبينما يلوح الفلسطينيون برفع دعاوى ضد إسرائيل تعد الأخيرة "ردا مناسبا" عليهم بحسب وزير الاقتصاد الاسرائيلي نفتالي بينيت. وقالت "يديعوت احرونوت": إن بينيت بدأ في الايام الاخيرة بتشكيل ائتلاف من منظمات مختلفة بينها ايضا منظمات ترتبط بعائلات قتل افرادها في عمليات كي يعدوا سلسلة من الدعاوى المحتملة ضد القيادة الفلسطينية في ذات المحكمة، ويفترض بهذه الدعاوى المحتملة ان تخلق الردع، اذا توجه ابو مازن الى محكمة لاهاي فانه سيتلقى سلسلة دعاوى مضادة على جرائم حرب، حسب مزاعمهم، وقال بينيت: "أنا أسمع ابو مازن يقول انه اذا لم يكن تحرير للسجناء فانه سيتوجه الى لاهاي، عندها اقول له: "إذهب، وهناك ستكون الدعاوى بانتظارك". الى ذلك، أظهر استطلاع أجراه معهد هجا هحداش ان 58 في المئة من الإسرائيليين اليهود ممن تزيد أعمارهم عن 18 سنة، لا يؤمنون بانه سيتحقق على الاطلاق اتفاق بين اسرائيل والفلسطينيين في أعقاب المفاوضات، بينما أعرب 29،6 في المئة منهم قالوا: إنه سيتحقق في المستقبل البعيد، اما من اعتقد انه سيتحقق اتفاق في هذه المفاوضات فكان 3،2 في المئة منهم، وقال 9،2 في المئة منهم انه لا يعرفون. وردا على سؤال هل تؤيد تحرير اسرى فلسطينيين وكبح جماح البناء الاستيطاني في الضفة الغربية مقابل تمديد المفاوضات وتحرير بولارد اعرب 40 في المئة من المستطلعين عن تأييدهم للصفقة، فيما أعرب 39،7 في المئة منهم عن معارضته لها، وأيد الصفقة، مع أو بدون تحرير بولارد 11،3 في المئة منهم، فيما قال 9 في المئة ان لا رأي لهم. وقال كيري في أكثر تقييماته تشاؤما للمفاوضات التي خصص لها الكثير من المجهود: "يقولان إنهما يريدان الاستمرار، لم يقل أي طرف إنه يريد إلغاءها (المحادثات)، لكننا لن نظل جالسين هكذا للأبد"، واضاف: إنها ستكون "مأساة" أن يضيع الفلسطينيون والإسرائيليون فرصة "التعامل مع القضايا الحقيقية المتصلة بخلافات اتفاق الوضع النهائي". وأفادت وكالة "معا" الفلسطينية أن الجلسة الثلاثية، بمشاركة الوفدين الفلسطيني والإسرائيلي والوسيط الأمريكي، استمرت 9 ساعات (من الساعة 7 والنصف مساء امس وحتى فجر الجمعة)، ووصفت الوكالة الجلسة أنها "كانت اشبه بمعركة طاحنة بين الوفدين عجز خلالها الوسيط الامريكي عن منع الاصطدام"، وجاء في تقرير "معا" أن الوفد الإسرائيلي بقيادة وزيرة العدل تسيبي ليفني، توعد بفرض عقوبات غير مسبوقة على الجانب الفلسطيني، وأن صائب عريقات، ممثل الجانب الفلسطيني، أبلغ الوفد الإسرائيلي أنه أتى لتفاوض "باسم دولة فلسطين المعترف بها قانونيا من الأممالمتحدة انها دولة تحت الاحتلال وليس بصفة سلطة تتحكم اسرائيل بمدخلاتها ومخرجاتها"، ما جعل الإسرائيليين يخرجون عن طورهم، بحسب تقارير اسرائيلية. وسيعقد الكنيست جلسة عامة الاثنين لبحث ازمة مفاوضات السلام كما افادت صحيفة "اسرائيل هايوم" المقربة من الحكومة. وبحسب "يديعوت احرونوت" فإن القادة الاسرائيليين لا يستبعدون التمكن من تجاوز العراقيل قبل انتهاء الفترة المحددة للمفاوضات في 29 نيسان/ابريل الجاري، وقالت لرويترز حنان عشراوي عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية: "لسنا هنا لنلعب،، فهذه مسألة تتعلق ببقائنا"، وأضافت: "على مر التاريخ لن يجدوا شخصا بمرونة واستعداد الرئيس أبو مازن لإنجاح مهمة كيري"، لكن الائتلاف الإسرائيلي الحاكم يرى الأمر من منظور مختلف تماما. ويزن كل من الخصمين أفعاله وتصريحاته بحرص كيلا يلقى عليه باللائمة في الفشل الذي سيلحق ضررا أكبر بسجل السياسة الخارجية الأمريكية في المنطقة، ولا يزال أمام الطرفين مهلة حتى 29 أبريل نيسان لتجاوز خلافهما الأخير والتوصل لاتفاق حول كيفية دفع العملية قدما وهو أمر لا يزال مسؤولون من الجانبين يرونه ممكنا، ويساعد هذا في تحقيق هدف نتنياهو المتمثل في إبقاء الوضع على ما هو عليه وهو ما توفره المحادثات، أما عباس فيريد ضمان استمرار المعونات الأمريكية وستتحسن صورته داخليا إن أمكنه نيل الإفراج عن عدد آخر من السجناء. لكن لا الشعب الفلسطيني ولا الإسرائيلي يعتقد فيما يبدو أن المفاوضات ستفضي إلى شيء وتتعالى الأصوات التي تطالب كيري أن يسدل الستار، ونشرت صحيفة هاآرتس الإسرائيلية اليومية ذات التوجه اليساري عنوانا على صفحتها الأولى الخميس يقول: "ارجع بلدك يا سيد كيري ،، ارجع بلدك"، "الخروج الأمريكي من عملية السلام هو فقط الذي يمكن أن يحدث العلاج بالصدمة الذي يحتاجه الإسرائيليون والفلسطينيون". ونقلت وسائل اعلام اسرائيلية جانبا مما دار في الاجتماع العاصف مساء الخميس الذي جمع المبعوث الأمريكي مارتن إنديك وتسيبي ليفني وزير العدل الاسرائيلية وكبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات، وقالت: إن ليفني صُدمت لسماع ما يقال عن سبعة مطالب، طرحها الفلسطينيون في اللقاء، وذلك من أجل الاستمرار في المفاوضات لمدّة عام آخر، وهي: 1 التزام مكتوب من نتنياهو بأنّ حدود الدولة الفلسطينية ستكون حدود 1967، وعاصمتها ستكون القدسالشرقية، (حتى يتم إنهاء العبث الاسرائيلي المزمن بالمفاوضات). 2 إطلاق سراح 1،200 أسير، من بينهم المناضلون مروان البرغوثي، أحمد سعدات وفؤاد شوبكي. 3 رفع الحصار عن قطاع غزة وتنفيذ اتفاق المعابر. 4 الموافقة على عودة المبعدين الفلسطينيين إلى الضفة الغربية. 5 إيقاف البناء في القدسالشرقية وفتح مؤسساتها الفلسطينية مثل بيت الشرق. 6 يمنع دخول جيش الاحتلال الإسرائيلي إلى أراضي A في السلطة الفلسطينية من أجل تنفيذ عمليات الاعتقال للمطلوبين، وإعطاء سيطرة للسلطة الفلسطينية على أراضي ج. 7 منح جنسيّة الاحتلال الإسرائيلية ل 15،000 فلسطيني في إطار توحيد العائلات. وبحسب التقارير الاسرائيلية: تحدّث مسؤولون إسرائيليون بقوة ضدّ هذه المطالب، وقالوا: "تلقّينا صفعة مدوّية، بصق عبّاس في وجوهنا". وتزامنا مع الإجراءات الإسرائيلية تحت التنفيذ، وضمن خطة تهويد القدس، صادقت "لجنة التخطيط والبناء" التابعة لبلدية الاحتلال الإسرائيلي في المدينة المقدسة، على مشروع إقامة مجمع استيطاني سياحي ضخم بمحاذاة المسجد الاقصى المبارك، تلبية لطلب من منظمة (إلعاد) اليمينية، وما تسمى "سلطة حماية الطبيعة والحدائق". ويتضمن المخطط الاستيطاني مجمعا سياحيا يطلق عليه اسم (كيديم) وهو جزء من مشروع (مدينة داوود) التي تعمل منظمة "إلعاد" على إقامتها في سلوان جنوب المسجد الاقصى المبارك على 7 طبقات مقامة على 16 الف متر مربع، ويتضمن المشروع إقامة متحف ومركز للزائرين سيشكل مستقبلا ومدخلا لحديقة "مدينة داوود"، وموقف سيارات كبير ومدرسة وقاعات وحوانيت ومطعما ومكاتب إدارة "مدينة داوود". ويذكر ان المشروع الاستيطاني الجديد يبعد مسافة 20 مترا فقط عن جدار المسجد الأقصى المبارك، وبعد إقامته سوف يحجب المسجد من الناحية الجنوبية؛ نظراً لعلوه الشاهق، ومن شأن تنفيذ المشروع تكريس التوسع الاستيطاني في الجزء الشرقي من القدسالمحتلة وتهويد المدينة وزيادة الضغط على السكان الفلسطينيين لتهجيرهم منها.