أما آن للغشاشين ان يقتدوا بهذه الفتاة. إنها فتاة صالحة تقية ونطقت بالحق وقول الحق وإن كان على أقرب الأقربين وان كان على أمها فشاع صيتها في العالم الإسلامي وفي التاريخ والسبب مراقبة الله في السر والعلن. إنها ابنة بائعة اللبن، فبينما كان أمير المؤمنين الخليفة الراشد الفاروق عمر بن الخطاب يتفقد أرجاء المدينة في منتصف الليل، وبينما هو جالس بعد ان أعياه التعب بجانب جدار إذ سمع صوتاً من داخل بيت انطلق من فتاة تقول لأمها: (يا أماه لا تمزجي اللبن بالماء، لأن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب نهى ان يمزج اللبن بالماء، فقالت الأم: يا ابنتاه قومي الى اللبن فامزجيه بالماء فإنك في موضع لا يراك عمر ولا منادي عمر، فقالت الفتاة التقية: يا أماه إذا كان عمر لا يرانا فرب عمر يرانا. كلمات عجيبة وقوية تدل على التقوى ومراقبة الله في كل الأحيان، فما كان من أمير المؤمنين إلا ان وضع اشارة على الباب وفي الصباح جاء -رضي الله عنه- وخطب الفتاة لابنه عاصم وتزوجها فولدت له بنتاً فزوجها عبدالعزيز بن مروان فولدت له غلاما سماه عمر بن عبدالعزيز بن مروان الأمير العادل. أقول لبعض السماسرة في معارض السيارات اين مراقبة الله؟ فكم من الناس وقعوا ضحية السيارات المغشوشة، ألا تخافون من دعوة المظلوم؟ وأقول لبعض الطلاب: أين مراقبة الله؟ ألا تعلم ان الغش حرام؟ ألا تعلم ان الرسول (صلى الله عليه وسلم) قال: (من غشنا فليس منا). فأين مراقبة الله في الامتحان؟ وأقول ايضا لمن اتخذ وسيلة الغش في شئون حياته أما لك في بنت بائعة اللبن عبرة وقدوة نصحت أمها لما رأت مخالفة ولي الامر الذي أصدر أمراً بعدم خلط اللبن بالماء. ولأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق فهذه الفتاة لم تطع أمها عندما أمرتها بمزج اللبن بالماء.