كانت تبيع اللبن في سوق الليل في مكة فمر عمر بن الخطاب بها وخاطبها بقوله: يا عجوز لا تغشي المسلمين وزوار بيت الله، ولا تشوبي اللبن بالماء، فقالت: نعم يا أمير المؤمنين فمر عليها بعد ذلك فقال: يا عجوز ألم أقدم إليك أن لا تشوبي لبنك بالماء؟ فقالت: والله ما فعلت فتكلمت ابنة لها من داخل الخباء: يا أمه أغشا وكذبا جمعت على نفسك ؟ فسمعها عمر فهم بمعاقبة العجوز فتركها لكلام ابنتها، ثم التفت الى بنيه فقال: أيكم يتزوج هذه ؟ فلعل الله يخرج منها نسمة طيبة مثلها فقال عاصم بن عمر: أنا أتزوجها يا أمير المؤمنين فزوجها إياه، فولدت له أم عاصم فتزوج أم عاصم عبد العزيز بن مروان فولدت له عمر بن عبد العزيز؟، وهو من قال فيه الكثيرون الخليفة الراشد الخامس، ولا عجب ففي كثير من الحالات تصدق القاعدة القائلة: « قل لي من هي أم الرجل أو المرأة أقل لك من هو أو هي»، ولا عجب أيضا إن كان عمر بن عبد العزيز بهذا الخلق والورع، طالما كانت جدته تلك الطفلة التي صاغ ضميرها دين باعد بينها وبين الكذب والغش، والكذب هو قول يخالف الحقيقة، في حين أن الغش فعل يخالف الحقيقة، فكلاهما كذب، أحدهما يختص بالقول، والثاني يختص بالفعل، ويروى عن ابن عمر ؟أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بطعام بسوق المدينة فأعجبه حسنه فأدخل يده في جوفه فأخرج شيئا ليس بالظاهر فأفف لصاحب الطعام ثم قال: لا غش بين المسلمين، من غشنا فليس منا؟، وبهذا القول نفى عليه الصلاة والسلام انتماء الغشاش للمسلمين، ويروى أن عبد الله بن جراد سأل النبي صلى الله عليه وسلم: هل يزني المؤمن؟ قال: قد يكون ذلك، قال: هل يكذب؟ قال: لا، فالكذب إذا هو أس النفاق، لأن آية المنافق ثلاث إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان؟، وإخلاف الوعد كذب، وخيانة الأمانة كذب أيضا، والسؤال كيف يمكننا أن نستفيد من رمضان لتربية أجيال نباعد بينها وبين النفاق الذي يعتبر أكثر خطورة من الكفر، ذلك أن الكافر في النار في حين أن المنافق في الدرك الأسفل من النار، وقد لا نبالغ إذا قلنا أن أحد أهم الحكم من مشروعية رمضان تربية النفوس الخالية من النفاق، لسبب وجيه يكمن في أن كل العبادات يستطيع المرء أن يكذب بشأنها، فقد يعطي أحدنا المال وهدفه الرياء والسمعة، وقد حدثني من أثق به أن ثريا يملك المئات من الملايين، ارتبط عطاؤه بمكان الطلب، فإن طلب منه المال على انفراد اعتذر أو أعطى القليل، وإن طلب منه على ملأ من الناس أعطى الكثير، وكأن لسان حاله يقول: «أريد أن يراني الناس وأنا أعطي حتى يقال إنني أعطيت»، وقد يصلي البعض كي يقال أنه يصلي من خلال رؤية الناس له وهو يصلي، والأمر نفسه ينطبق على الحج والعمرة، إلا الصوم يبقى سره بين العبد وربه، كما يقول النبي عليه الصلاة والسلام:؟ كل عمل ابن آدم يضاعف. الحسنة عشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف. قال الله عز وجل: إلا الصوم. فإنه لي وأنا أجزي به. يدع شهوته وطعامه من أجلي؟، ونحن اليوم وقد دخلنا عشر العتق من النار نحتاج للتأكيد لأبنائنا وبناتنا على أهمية أن يبقى الصوم بينهم وبين الله، وأن نؤكد لهم: « أنكم تصومون لربكم، وأنه يراكم إن كنتم صائمين أم لا، وهو الذي سيثيبكم على صدقكم»، إن ربط الصيام بصدق النية وصدق الفعل أمر لابد من التأكيد عليه في كل الأوقات كي نزرع في نفوس الأجيال القادمة أهمية الصدق، ونساعدهم على البعد عن النفاق وهو صفة تدمر المجتمعات فتخسر دنياها، وتدمر العمل فيخسر صاحبه آخرته، هذه الآخرة التي قيل إن للصائم في جنتها شجرة يسير الراكب في ظلها مائة سنة. للتواصل ارسل رسالة نصية sms الى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 146 مسافة ثم الرسالة او عبر الفاكس رقم: 6327389 الهاتف: 2841552 الإيميل: [email protected]