عندما نتحدث نحن العراقيين عن اكذوبة الديمقراطية الموعودة في العراق الجديد، ونطالب بحوار ومصالحة وطنية شاملة تعطي لكل ذي حق حقه ولا تبخس الناس أشياءهم وبقبول ال(آخر) خصوصا إذا كان ممن يرفض العنف والقتل العشوائي، واستخدام القوة، ويطالب بدلا من ذلك بالحوار السلمي لحل الخلافات،،نتعرض لهجمة لانستطيع أن نصفها الا بأنها غير ديمقراطية من رجال غير ديمقراطيين لايمكنهم في يوم من الأيام أن يؤسسوا لديمقراطية في العراق وهم لم يتمرنوا عليها في أحزابهم وتنظيماتهم. ولكن عندما يُعلن الأميركيون أنفسهم أن الديمقراطية الموعودة في العراق الجديد "وهم"، يصمت أولئك الديمقراطيون الجدد! من العراقيين طبعا، كل منهم يغني على ليلاه ف(جارية الحي لاتُطربُ). ففي تصريح ليس غريبا وقد تكرر من المسؤولين الأميركيين، طالب وزير الخارجية الأميركي المستقيل كولن باول شعب بلاده بطرد الوهم القائل ان الانتخابات العراقية ستضع حداً للهجمات. واعتبر وزير الخارجية الأميركية كولن باول (الأربعاء 22 ديسمبر) ان على الاميركيين ان يطردوا وهم استتباب الأمن بعد الانتخابات العراقية، مشيرا الى ان الانتخابات لن توقف هجمات المقاتلين. وأضاف ان العازمين على وقف مسيرة الديمقراطية لن يرتدعوا بمجرد اجراء الانتخابات. وقال باول إنه يجب ألا يكون هناك واهم بأن الانتخابات ستعجل بخروج اميركا من العراق او بظهور ديمقراطية تتمتع بالاستقرار....(وكالات). وقبل باول حذر وزير الدفاع الاميركي دونالد رامسفلد من ان اجراء الانتخابات العراقية قد لا ينهي الحركة المسلحة، واشار الى انه سيكون من الخطأ توقع ان يعم السلام العراق بعد الانتخابات. وقال رامسفلد في مؤتمر صحافي (الأربعاء 22 ديسمبر/كانون الاول) في وزارة الدفاع (البنتاغون) سيكون من الخطأ توقع ان يعم السلام العراق بعد الانتخابات، اعتقد انه يجب ان تكون توقعاتنا منطقية.... (وكالات). لقد اعترفت وكالة المخابرات الاميركية في تقريرين جديدين لها نشرا يوم 7 ديسمبر/كانون الاول الجاري أن الوضع في العراق يتجه نحو مزيد من التدهور وتوقعت الوكالة في تقييمها للوضع العراقي تفاقم أعمال العنف والاشتباكات الطائفية ما لم تتمكن الحكومة العراقية المؤقتة من تحقيق تقدم ملموس وفرض سيطرتها على الأوضاع.. مايشير الى أن الذين يتوقعون أن الانتخابات القادمة ستمكن العراقيين من تحقيق الديمقراطية واخراج قوات الاحتلال من البلاد واهمون، بحسب وصف باول لهم. لن أشكك بنوايا المسؤولين الأميركيين فهم وعدونا بديمقراطية نموذجية يحتذى بها في الشرق الأوسط (باول مثلا) وهاهم اليوم يقرون بأنها بعيدة المنال، ولا أعتمد على نظرية المؤامرة لأن ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم أو يا أيها الذين آمنوا إن تُطيعوا فريقا من الذين أوتوا الكتاب يردّوكم بعد ايمانكم كافرين" وغيرها من آيات التبري والتولي، ما عاد لها مكان في عالم الواقعية السياسية.. اليوم، ولكنني أود أن ألفت الأنظار فقط الى أن الخط البياني لتصريحات المسؤولين الأميركيين خاصة رامسفلد تؤكد حقيقة واحدة وهي أن الاستقرار والأمن والديمقراطية، وخروج القوات الأميركية أصبح ظلها بعيدا عن مرأى العراقيين، وأن الانتخابات لن تخرج أميركا من العراق..كيف؟ هذا ما يمكن النظر له على أرض الواقع وما يشهده العراق من تفجيرات أمنية وتفكك للوحدة الوطنية، من أبرز مؤشراتها القتل على الهوية الطائفية والقومية في بعض مدننا العراقية. واللافت أن وزير الدفاع الأميركي دأب منذ سقوط النظام السابق، وبعد ازدياد عمليات القتل والتفجير والفلتان الأمني، على التصريح بأن العمليات الارهابية ستزداد وهذا الكلام كرره بعد تشكيل مجلس الحكم المنحل، وعشية الاعلان عن تسليم السلطة للعراقيين، وبعد الاعلان عن الحكومة العراقية المؤقتة، وأعاده مرات ومرات خلال الشهور الماضية، وزاد عليه مؤخرا بقوله إنه سيكون من الخطأ توقع أن يعم السلام العراق بعد الانتخابات. لماذا كل ذلك يارامسفلد؟ أقول: الحليم تكفيه الاشارة. "لا تظنوا أني جئت لألقي سلاماً على الأرض، ما جئت لألقي سلاماً بل سيفاً "متى 10:34