نال التعليم بشقيه (العام والعالي) فى المملكة اهتماما خاصا باعتباره ركيزة مهمة من الركائز التى تعتمد عليها الدولة فى تحقيق التقدم ومواكبة التطورات العلمية والتقنية فى العالم. وفى هذا الاطار رعى رائد التعليم الاول خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز منذ ان تولى مسؤولية وزارة المعارف (التربية والتعليم) حتى اليوم التعليم وتعهده بدعمه ومتابعته مرحلة مرحلة وخطوة خطوة حتى وصل الى ما وصل اليه اليوم من تطور. ونتيجة لهذه الرعاية المتميزة التى اولاها الملك المفدى شهد قطاع التعليم فى المملكة قفزات متميزة. وازداد الاهتمام بالتعليم مع بداية خطط التنمية عام 1390ه حيث حرصت وزارة المعارف انذاك على توفير المدارس بمراحلها المختلفة فى جميع انحاء المملكة بالاضافة الى العناصر الاخرى المكملة للعملية التربوية مثل اعداد المعلمين والتجهيزات المدرسية. وقد بلغ اجمالى عدد الطلاب فى مراحل التعليم العام للبنين بوزارة التربية والتعليم ومدارس الجهات الاخرى الخاضعة لاشرافها للعام 1423 / 1424ه 188ر539ر2 مليونين وخمسمائة وتسعة وثلاثين الفا ومائة وثمانية وثمانين طالبا يتلقون تعليمهم فى اكثر من 527ر112 فصلا دراسيا فى أربع عشرة الفا وستمائة مدرسة ويشرف على تعليمهم أكثر من مائة وستة وتسعين الف معلم. وارتفع عدد الطلاب فى المراحل الابتدائية والمتوسطة والثانوية ارتفاعا ملحوظا كما انخفض عدد الدارسين فى تعليم الكبار نتيجة ازدهار التعليم فى المملكة من واحد وثلاثين الفا واربعمائة وتسعة وسبعين دارسا عام 1422 / 1423ه الى سبعة وعشرين الفا وأربعمائة وستة وتسعين دارسا عام 1423/ 1424ه يدرسون فى مدارس تعليم الكبار. وعنيت وزارة التربية والتعليم باقامة الاف المدارس والمبانى المساندة الاخرى ووصل عدد مدارس البنين التابعة لوزارة التربية والتعليم والخاضعة لاشرافها الى ستة الاف وخمسمائة وخمسين مدرسة ابتدائية وارتفع عدد الطلبة فى تلك المرحلة الى "1242959" مليون ومائتين واثنين وأربعين الفا وتسعمائة وتسعة وخمسين طالبا وازداد عدد المعلمين الى "100960" مائة الف وتسعمائة وستين معلما عام 1423 / 1424ه. وفى المرحلة المتوسطة ارتفع عدد المدارس الى ثلاثة الاف وسبعمائة وثلاثين مدرسة وازداد عدد الطلاب الى "614211 " ستمائة وأربعة عشر الفا ومائتين وأحد عشر طالبا. كما ارتفع عدد المعلمين خلال نفس الفترة الى "49805" تسعة وأربعين الفا وثمانمائة وخمسة معلمين. وفى المرحلة الثانوية ارتفع عدد المدارس الى الفى مدرسة "2000" عام 1423 / 1424ه ووصل عدد الطلاب خلال نفس الفترة الى اربعمائة وثلاثة وخمسين الفا وثمانية وثلاثين طالبا "453038" كما ازداد عدد المعلمين الى اثنين وثلاثين الفا وخمسمائة وسبعين معلما "32570" . وقد حرصت وزارة التربية والتعليم على تطوير الخدمات المقدمة للطلاب وانشأت ضمن هيكلها الادارى قطاعا خاصا بشؤون الطلاب يضم عددا من الادارات العامة لتوجيه الطلاب وارشادهم والادارة العامة للصحة المدرسية. وسعت الوزارة الى تلبية رغبات الطلاب وتحقيق ما يناسب ميولهم المختلفة من خلال برامج التربية الرياضية بأنواعها والتربية الكشفية وأنواع النشاطات الادبية والعلمية وأنشأت كل مايلزم لهذه النشاطات من ملاعب وقاعات كما أنشأت عشرين مجمعا رياضيا تضم ملاعب لكرة القدم وكرة السلة والعديد من القاعات المغلقة والمسابح. وفى مجال الخدمات الصحية للطلاب أنشأت الوزارة حتى عام 1424ه مائة وسبع وحدات صحية منها ثلاث وأربعون وحدة رئيسة فى المدن الكبيرة. كما أولت وزارة التربية والتعليم اهتماما كبيرا بمدارس تحفيظ القرآن الكريم وأنشأت سنة 1367ه أول مدرسة بالمدينة المنورة ثم توسعت الوزارة فى افتتاح هذه المدارس حتى وصلت عام 1424 / 1425 ه الى ستمائة وثمان وعشرين "628 " مدرسة يدرس بها ثمانية وستون الفا وستمائة وثمانية وثلاثون "68638" طالبا يقوم على تعليمهم ستة الاف وثلاثمائة وواحد وعشرون معلما "6321 ". واهتمت الوزارة بقطاع تعليم الكبار ومحو الامية واضطلعت بدور بارز فى هذا المجال اذ عملت على افتتاح المدارس فى كل أحياء المدن والمحافظات الى جانب المراكز. وبلغت مدارس محو الامية بوزارة التربية والتعليم خلال العام 1424 / 1425ه الفا ومائة وعشر مدارس "1110 " تحتوى نحو الف وتسعمائة "1900"فصل دراسى يدرس فيها ثمانية وعشرون الف دارس "28000 ". وامتدادا لاهتمام الدولة بتعليم أبنائها حرصت على توفير تعليم خاص لابنائها المعوقين من البنين والبنات ممن لا يتمكنون من الانضمام فى مدارس التعليم العام وذلك لاستثمار الطاقات البشرية كافة وإتاحة فرص الحياة الكريمة لكل مواطن وأنشأت الوزارة لهذا الغرض وحتى العام الدراسي 1424 / 1425ه مدرسة "494 " تضم اثني عشر الفا وثمانمائة و ثلاثة وأربعين دارسا "12843 " يقوم على تعليمهم ثلاثة الاف وثلاثمائة وسبعون معلما "3370 ". مستقبل التعليم العالي في المملكة حققت المملكة العربية السعودية طفرة كمية ونوعية في مجال التعليم العالي مقارنة بغيرها من الدول من ناحية، وبالفترة الزمنية التي حدثت فيها تلك الإنجازات من ناحية أخرى، إلاّ أن طموحات وتطلعات حكومة المملكة بلا حدود رغبة منها في مسايرة التغيرات العالمية المتلاحقة في المجالات العلمية والتقنية والمعلوماتية. ولبلوغ هذه الطموحات والتطلعات يجب أولا تشخيص بعض التحديات التي تعترض مسيرة التعليم العالي في المملكة، وثانيا تحديد آليات واضحة وفاعلة لمواجهة تلك التحديات، وسوف نبدأ بعرض أهم هذه التحديات، ثم نتناول آليات المواجهة بعد ذلك. القبول في التعليم العالي تؤكد البيانات الإحصائية المتعلقة بالتعليم العالي في المملكة بعض الحقائق، لعل من أهمها ما يلي: 1- هناك نمو متزايد للطلاب السعوديين في سن المرحلة الجامعية حاليا وفي السنوات القادمة، ويرجع ذلك إلى ارتفاع معدل الخصوبة البشرية (39,7 في الألف) في المملكة فانعكس ذلك على التركيبة العمرية للسكان مما أدى إلى ارتفاع نسبة صغار السن والشباب في المجتمع السعودي. 2- الإقبال المتزايد على التعليم العالي بكافة أنواعه مما مثل ضغطا مطردا على مؤسسات التعليم العالي في المملكة من أجل قبول واستيعاب المتقدمين للتعليم العالي الذين تفوق أعدادهم الطاقة الاستيعابية لتلك المؤسسات بدليل أن إحصائيات اليونسكو (1991م) تشير إلى أن عدد الطلاب في التعليم العالي لكل مائة ألف من سكان المملكة بلغ (1064)، وهو عدد قليل مقارنة بغيره في بعض الدول العربية والأجنبية (19). 3- انعدام التوازن بين أعداد الخريجين من التخصصات النظرية والعملية في المملكة، ففي عام 1418/1419ه بلغت نسبة خريجي الكليات العملية والتطبيقية لدرجة البكالوريوس 10,5% بينما كانت نسبة خريجي الكليات النظرية، باستثناء كلية التربية، (52,7%) لنفس العام 36,5%(20). ويرتبط عدم التوازن الكمي والنوعي للخريجين بما يعرف بالكفاءة الخارجية للتعليم العالي والتي تنعكس بدورها على مدى الوفاء بمتطلبات واحتياجات سوق العمل ، وهذا ما سنتطرق إليه في النقطة القادمة. التعليم العالي والتنمية لقد كان التعليم العالي في المملكة- ولا يزال- حريصا على تلبية متطلبات التنمية الشاملة، كما سعت خطط التنمية الخمسية بدورها منذ بدايتها عام 1395ه وحتى الآن للنهوض بالتعليم العالي والتوسع فيه كما ونوعا. ولقد بلغ عدد الكليات التي تقدم تعليما فوق المرحلة الثانوية في المملكة (1419/1420ه) 214 كلية تشتمل على العديد من البرامج، منها (365) برنامجا للبكالوريوس توزعت على العلوم الطبيعية (14%)، والهندسة (12%)، والتربية وإعداد المعلمين (10%)، والرياضيات والحاسب الآلي (8%)، والعلوم الإنسانية (7%)، والعلوم الطبية والاجتماعية والزراعية (6% لكل منهما)، والدراسات الإسلامية (5%)، كما اشتملت على 68 برنامجا دون البكالوريوس احتوت على العلوم الطبية والإنسانية (12% لكل منهما)، وإدارة الأعمال والتجارة (16%)، والحرف والصناعات (15%) وبرامج الحاسب (8%). وقد بلغت نسبة الخريجين من الكليات النظرية (1418/1419ه) في التعليم العالي لمرحلة البكالوريوس 36,5%، بينما كانت نسبة خريجي الكليات العملية والتطبيقية 10,5%، ويعني ذلك عدم وجود توازن كمي ونوعي بين مخرجات التعليم العالي. ولذلك يواجه التعليم العالي في المملكة انتقادا بعدم القدرة على تلبية احتياجات ومتطلبات برامج التنمية مما يتطلب إعادة النظر في سياسات القبول للتعليم العالي لكي تعمل في ضوء الحاجات الفعلية لخطط التنمية (21) فضلا عن الحاجة الحتمية إلى إعادة تقويم برامج التعليم العالي لتحديد حجم الفاعلية والكفاءة الداخلية والخارجية لتلك البرامج، وكذلك إعادة تدريب وتأهيل أعضاء هيئة التدريس في الكثير من التخصصات العلمية لتحسين مستوى الأداء العلمي والعملي.