لقد كان حديث متداولي الأسهم السعودية خلال الأسبوعين الماضيين يدور حول التذبذبات الحادة في صعود وهبوط أسعار الأسهم في سوق الأسهم السعودية التي تعتبر من أكبر الأسواق الواعدة في العالم لما تتمتع به من خصائص جاذبة للمستثمرين فيها، حيث تزداد الشركات المخصخصة سنة بعد أخرى، وبالتالي ينمو الاقتصاد الوطني. ومن الجدير بالإشارة أن سوق الأسهم السعودية أكبر أسواق الأسهم في المنطقة العربية من حيث حجم التعاملات اليومية، لكنه بالرغم من ظهور اللوائح والأنظمة التي تدير سوق الأسهم وتحافظ على حقوق المستثمرين وتدعم الاقتصاد الوطني لا يزال يفتقر إلى ثقافة التداول الصحيحة. المثير في التعاملات بسوق الأسهم أن الكثير من المتداولين للأسهم يسعون وراء الشائعات والمعلومات غير الصحيحة ما يجعل قيمة أسهم شركات متعثرة تصعد بشكل غير واقعي وغير منطقي بينما تهوي أسعار أسهم شركات تحقق أرباحاً معقولة مقارنة بتلك التي لم تعلن أي أرباح منذ قيامها. ومن أكثر ما تحدث عنه المتداولون للأسهم دور هيئة الأوراق المالية في ما حدث في أسعار الأسهم من انتكاسة ملحوظة لا تعتبر تصحيحية في نظري لأنها كانت نتيجة تدخل الهيئة بسبب شائعة لم تتأكد من صحتها، حيث كانت حول تداولات مشبوهة ومخالفة للأنظمة في أسهم شركة الكهرباء السعودية. ويعتقد بعض المتعاملين في سوق الأسهم بأن الهيئة ساهمت بدرجة كبيرة وبطريقة مباشرة في ما حدث عندما تدخلت في الوقت غير المناسب واتخذت قرار وقف تداول سهم الكهرباء السعودية اعتقاداً منها بأن سلوكيات معينة قد حدثت ما رفع قيمة سهمها بشكل تعتقد أنه غير طبيعي بالرغم من أنه عكس ذلك. أما المضاربون فإنهم يساهمون بدرجة كبيرة في تذبذب أسعار الأسهم، حيث يقومون بعمليات وهمية تدفع صغار المستثمرين لاتخاذ قرارات بعيدة عن الصواب تؤدي إلى خسارتهم. ولقد قال أحد المتخصصين في الشئون المالية ان سوق الأسهم السعودية مغاير لنظريات أسواق المال والاقتصاد لأنه لا يتبع القواعد الاقتصادية المعروفة، بل ليس له قاعدة خاصة به يستطيع المستثمرون في سوق الأسهم الاعتماد عليها. الحقيقة أن تطبيق العقوبات في المخالفين لأنظمة سوق الأسهم ستجعله أكثر أمناً ومصداقية ما يعزز ثقة المتداولين في الأسهم. وعندما تفصح هيئة الأوراق المالية عن المخالفين وتطبق العقوبات فيهم طبقاً لنوع وحجم المخالفة فإن ذلك سيقلل من المخالفات ويخلق بيئة استثمار صحية لا تقوم على مضاربات أشبه بلعب القمار. وهنا تأتي ضرورة التأكد من صحة المعلومة قبل التدخل في سوق الأسهم حتى لا يتضرر المتداولون فيها جراء قرار مبني على شائعة قد يكون الهدف منها الاستفادة من هذا التدخل لهبوط أسعار الأسهم ليقوم المضاربون بشرائها ثم العودة إلى السوق لبيعها عندما يصدرون شائعة أخرى ترفع الأسهم، وبهذه الطريقة يستفيدون في كلتا الحالتين. حساسية السوق شديدة جداً لأن العامل النفسي سريع التأثير عندما تخرج الشائعة ما يشير إلى ضرورة تثقيف المتداولين في سوق الأسهم، وخاصة ثقافة التعامل مع الشائعة وعدم التسرع ببيع أو شراء أسهم شركة معينة إلا عندما تشير المعلومات بما يساند قرار الشخص المتداول. المعلومة الصحية تزيد من صحة القرار والفائدة المالية منه، لذلك لابد أن تبني هيئة الأوراق المالية قاعدة معلومات وطنية لسوق الأسهم تساعدها على دراسة نمط نموه وما يحدث فيه من تغيرات تساعد على قراءة وضعه لعمل القرار المناسب عندما تشير المعلومات إلى ما يخالف أنظمة ولوائح سلوك سوق الأسهم. ستسهم هذه المعلومات في مواجهة الشائعات بالحقائق الاقتصادية التي تتعارض مع ما يقوم به المضاربون لتحقيق مكاسب مالية على حساب صغار المتداولين الذين يستثمرون معيشتهم وقوتهم من الأسهم. @ جامعة الملك فهد للبترول والمعادن [email protected]