لا يزال سوق الأسهم السعودية يمر بتخوف كبير جراء قرار هيئة الأوراق المالية وقف تداول سهم شركة الكهرباء السعودية بتاريخ 24 نوفمبر، حيث توقف ليومي الأربعاء والخميس ثم عاد تداوله يوم السبت 27 نوفمبر بعدما أحدث نكسة نفسية للمستثمرين في سوق الأسهم. وقد حقق سوق الأسهم ارتفاعاً متوسطاً يوم السبت 27 نوفمبر، لكنه تراجع منذ 28 نوفمبر حتى نهاية الأسبوع، حيث انخفض المؤشر أكثر من 200 نقطة بسبب القرار الذي خفض الثقة في سوق الأسهم. الحقيقة أننا لا نلجأ إلى وقف تداول أسهم الشركات إلا عندما نلمس نمطاً في الارتفاع أو الانخفاض يشير إلى كارثة محتملة تؤثر في سوق الأسهم والاقتصاد الوطني. ولنا في طريقة التعامل مع التذبذب الخطير الخيار بين تركه أو التدخل لعمل شيء ما لمنع كارثة محتملة، لكن وضع أسهم شركة الكهرباء السعودية لم يصل إلى ما توقعه المسئولون في هيئة الأوراق المالية والذين لم يصرحوا بما وصلوا إليه من نتائج جراء التحري والتحقق من عمليات التبادل المشبوهة مما ساهم في تراجع سوق الأسهم خلال الأسبوع الماضي خلال الفترة من 28 نوفمبر إلى 2 ديسمبر. لذا من الضروري تدخل الهيئة للتأكيد على سلامة الإجراء وقوة سوق الأسهم الذي أوجس المتعاملون فيه خيبة كبيرة نتيجة خسارة كبيرة بعد تراجع قيمة سهم شركة الكهرباء السعودية من حوالي 152 ريالا يوم الأربعاء 24 نوفمبر إلى 143.5 ريال يوم الخميس 2 ديسمبر. وقد تكون اللائحة التي أصدرتها الهيئة حول سلوك السوق خير دليل على ما يجب أن تقوم به لتنظيم تداول الأسهم بأخلاقيات مهنية عالية بعيدة عن تدخل المضاربين الذين يسيئون لسوق الأسهم، ويوقعون الخسائر بصغار المستثمرين الذين لا يتمتعون بخبرة طويلة ومعرفة عالية بكيفية عمل سوق الأسهم. الهيئة بلا شك مطالبة بإعلان نتائج ما توصلت إليه من معلومات جعلتها توقف تداول شركة الكهرباء السعودية لأننا نعيش مرحلة تتطلب درجة عالية من الشفافية والصراحة التي تقوي سوق الأسهم السعودية من خلال ايجاد الثقة العالية لدى المتعاملين في الأسهم. وما أحوجنا للشفافية التي تقضي على الشائعات غير الصحيحة، وتبني جسراً قوياً من التواصل الضروري بين الهيئة والمواطن. قوة هيئة الأوراق المالية تنبع من مدى شفافيتها في اتخاذ القرارات التي تحمي الاقتصاد الوطني من مخالفي سلوكيات سوق الأسهم إذا افترضنا أن هذه السلوكيات معروفة لدى الجميع حتى لا يتجاوزها المستثمرون أو الوسطاء أو المهنيون المعنيون بسوق الأسهم مثل المستشارين الماليين وغيرهم. رأيت الوجوه تعلوها علامات استفهام كثيرة حول ما جرى يوم الأربعاء 24 نوفمبر لأن الوضع لم يكن غير طبيعي يستدعي تدخل الهيئة بهذه الطريقة التي جعلتني أتذكر ما قرأته عن انهيار الاقتصاد الأمريكي في عام 1929م والذي عرف بالانهيار الاقتصادي الكبير. اقتصادنا قوي ولن يؤثر فيه تذبذب سعر سهم الكهرباء السعودية إذا وضعنا الضوابط الصحيحة. والأجدر أن يكون ثقل سهم الكهرباء أقل منه الآن من خلال تحويل الشركة إلى عدة شركات بين مولدة وناقلة وموزعة وغيرها لتتوزع أسهمها بين هذه الشركات ويخف ثقلها في سوق الأسهم حتى لا يكون لها تأثير سلبي كبير عند حدوث كارثة اقتصادية جراء تذبذبها الحاد لا قدر الله ذلك. * جامعة الملك فهد للبترول والمعادن [email protected]