إعلان هيئة السوق المالية بعد إغلاق تداولات الأسبوع الماضي عن ملاحظتها لعدد من التعاملات التي تمت على سهم شركة تهامة والاشتباه في مخالفات لأحكام النظام ولوائحه التنفيذية وإصدار مجلس إدارة الهيئة لقراره بتكليف الإدارات المختصة بالهيئة للتحري والتحقيق بشأن تلك التعاملات، يعبر بوضوح بأن آلية الرقابة الحالية على تداولات السوق مازالت بحاجة للارتقاء لمستوى مخالفي نظام الهيئة ولائحة سلوكيات السوق الذين نجحوا في تحويل تدخل الهيئة بإعلاناتها من الحماية لصغار المتداولين والمستثمرين الى الإضرار بهم وخدمة محافظ كبار المضاربين! فاعلان الهيئة عن المخالفين بتداولات سهم تهامة او أي شركة أخرى يجب أن لا ننظر الى ان تأثيراته ستنحصر في أسهم الشركة لكون التأثير عادة يشمل عدة شركات وخصوصا المضاربة والتي يملك بها المخالفون، كما انه مع استمرار صعود السوق وقناعة المتداولين بآراء المحللين بتوجه السوق وتحقق توصيات تويتر أصبح كبار المضاربين ومديرو محافظهم في حاجة لخبر سلبي يحدث هزة للحصول على أسهم صغار المتداولين ومن ثم الصعود مرة أخرى لمستوى أعلى وبمضاربات اخطر، وهو ما يتحقق فعلا في أسهم الشركات التي يتم الإعلان عن المخالفات بتداولاتها! فسهم تهامة سبق أن أعلنت الهيئة في ابريل 2013م بعد ارتفاع السهم 227 ريالا عن وجود مخالفين بالتداولات فانهار السهم حتى 92 ريالا بسبب بيع من اشترى بأسعار عالية ليتم التجميع من جديد وليصعد سعر السهم مره أخرى ويتجاوز ال(440) ريالا وبدون أن تتدخل الهيئة! بالتأكيد كان واضحا من الذي استفاد من ذلك الإعلان ومن تضرر منه اعتقاداً بان الخبر سلبي للمخالف في حين أن آلية تجميد المحافظ والتحقيق والعقوبات تخدم كبار المضاربين وفي شركات أخرى رافقت سهم تهامة في النزول ومن ثم الصعود! ومع إننا يجب أن ننظر لإعلانات الهيئة بأنها مطلب للشفافية إلا أنها افتقدت لذلك بسبب التأخر الكبير في التدخل لإيقاف التلاعب الواضح للجميع الذي صعد بالسهم أربعة أضعاف وبنسب متواصلة كان يشير تجاهل الهيئة بأنها لن تتدخل بالسوق وهو الانطباع الذي استغله مديرو المحافظ في شركات خاسرة وصغيره، والاهم أن عدم تدخل الهيئة بإيقاف المخالفات والسماح بالصعود المبالغ فيه ثم إعلانها المفاجئ لقرار مجلسها بتكليف الإدارات المختصة بالهيئة للتحري والتحقيق يشير في ظاهره الى أن عمل تلك الإدارات الرقابية بالتحري عن المخالفات بالسوق مُقيد من مجلس الهيئة ولا يمكنها ممارسة مهامها الرقابية اليومية والاستفادة من إمكانيات نظام تداول التقني في كشف المخالفات فورا والتصدي للمخالفين في الوقت المناسب، فالتأخر في التدخل يزيد من حجم المخاطر بالسوق ولكنه في الجانب الآخر يرفع من حجم الغرامات وإيرادات الهيئة بعد إعلان التحقيق مع المخالفين، وهو مايشير الى تضارب المصالح بين المتداولين والهيئة المشرفة! ويزيد من ذلك أن الهيئة تفرض الغرامات على المخالفين الذين بإمكانهم دفعها لحساب الهيئة لتلافي إحالتهم للجنة الفصل في منازعات الأوراق المالية التي سيترتب على ذلك إعلان أسمائهم وهو ما يضطر معظمهم لقبول التسوية بدفع الغرامات للهيئة وليس لحسابات المتضررين! ولذلك تحول التأخر في ضبط المخالفات وإعلان المخالفات الى وسائل لا تخدم المتداول والمستثمر وخصوصا عندما نعلم بان مديري كبار المضاربين تتوفر لديهم المعلومات أولا بأول وقبل نشر الإعلان وهو ما اعتدنا على مشاهدته في تداولات السوق ومنها سهم تهامة بصعوده ونزوله بالنسب العليا في اليوم الذي نشر فيه إعلان الهيئة بعد إغلاق السوق! أي أن هناك من يستفيد من تسرب الأخبار ولديه المعلومة بما تنوي عليه الهيئة وهو مايدعم المبالغة بالمخالفات مادام أن الإدارات المختصة بالرقابة لم تكلف بعملها! وهو ما يتطلب أن تحقق رقابة الهيئة التوازن بين المضاربة المعقولة والاستثمار وان يكون تدخلها بالوقت المناسب وبطريقة سرية لا تمنح الفرصة لمن يتطلع لمثل تلك الإعلانات للبدء من جديد.