الكون كتاب سطوره كلها رسائل من الله الى قلب المؤمن تحدثه عن قدرة الله، وتخبره عن بديع صنعه وتدعوه ان يتفكر ويتأمل ويقرأ ما في الكون من عجائب واسرار عظيمة. الكون آيات وآيات محكمة كلها تسير بنظام دقيق فتبارك الله احسن الخالقين الكون بكل افلاكه وبكل كائناته انما يعطي الادلة والبراهين العملية الدالة على وحدانية الله جل وعلا، وجميل خلقه ورائع تدبيره قال تعالى: (سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم انه الحق او لم يكف بربك انه على كل شيء شهيد). وقد اثنى الله على المتفكرين فقال في محكم كتابه (الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السماوات والارض ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار) وذم سبحانه وتعالى المعرضين الذين لا يتفكرون فقال (وكأين من آية في السموات والارض يمرون عليها وهم عنها معرضون) والسلف الصالح رضوان الله عليهم يتفكرون في مخلوقات الله ويتدبرون آياته ويبحثون في ملكوته قال ابو الدرداء رضي الله عنه (تفكر ساعة خير من قيام ليلة) وقال وهب بن منبه رحمه الله تعالى (ما طالت فكرة امرئ قط الا فهم وما فهم الا علم وما علم الا عمل) وقال بشر الحافي: لو تفكر الناس في عظمة الله تعالى لما عصوه. آيات الله جواهر مودعة في مخلوقاته.. الهواء.. الماء عجائب واسرار والطير صافات تسبح بأجنحتها في الهواء كسمكة في الماء صورة ابدعها الله في مخلوقاته . والشمس ضياء والقمر نور، والليل سكن والنهار معاش سبحان من خلق وابدع وصور: (أفلم ينظروا الى السماء فوقهم كيف بنيناها وزيناها وما لها من فروج) وقال تعالى (هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نورا وقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب) والانسان آية من مخلوقات الله فهل نظر في نفسه وتبصر (وفي انفسكم أفلا تبصرون) ثم تأمل الزروع والثمار وما اودع الله فيها من اسرار عجيبة وآيات باهرة ومنافع كثيرة قال تعالى: (انظروا الى ثمره اذا اثمر وينعه) ماذا ترون؟ فالتفكر عبادة والتأمل غذاء الروح وسكن للنفس وتوثيق للايمان انه اتصال برب العالمين. وفوق ذلك كله فكل الكائنات تعبد الله حق عبادته اسلمت له كرها وطوعا قال تعالى: (ألم تر ان الله يسبح له من في السماوات والارض والطير صافات كل قد علم صلاته وتسبيحه والله عليم بما يفعلون) وقال تعالى (ولله يسجد من في السماوات والارض طوعا وكرها وظلالهم بالغدو والآصال). والكائنات تخرج الزكاة كل حسب حاله ومقامه من الكون لا منة في ذلك ولا اذى تعطى بلا حساب ولا تدقيق فالارض تهب ساكنيها كل شيء على ظهرها وما في باطنها والحيوان يهب خيراته كاللبن والجلود واللحوم والشمس والقمر والنجوم تهب الدفء والنور والضياء وزينة وكذا الزروع والثمار. والكائنات تصوم فالصوم معناه الامساك. انظر الى الماء لا يختلط (مرج البحرين يلتقيان بينهما برزخ لا يبغيان) فرغم ان طبع الماء ان يمتزج بعضه ببعض ولكن الله امر كلا من البحرين. العذب والمالح الا يبغي احدهما على الآخر فاطاعا الامر وامسكا وصاما عن طبعهما.. وهكذا الحال في كل الكائنات تعبد ربها اناء الليل واطراف النهار بين صلاة وتسبيح (ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك).